ما حكم التدخين
حكم التدخين
اتَّفق العلماء على حرمة التَّدخين شرعاً؛ لما فيه من خبثٍ وأضرارٍ ومفاسد كثيرةً وعظيمةً، على المدخِّن وعلى غيره من أهله وأصدقائه وكلُّ مَن يكون بقربه عندما يدخِّن، وقد ثبت طبياً أنَّ التَّدخين له أثرٌ سلبيٌّ على مختلف أعضاء الجسم، ويتعدَّى أثره إلى الضَّرر بالمال والعقل، حيث ثبت ذلك بالأدلة الشَّرعيَّة من القرآن الكريم والسنَّة النَّبويَّة الشَّريفة.
أدلة تحريم التدخين
وردت عدَّة أدلَّة تثبت حُرمة التَّدخين، منها ما سنورده فيما يأتي:
- من القرآن الكريم
فقد قال الله -سبحانه وتعالى-: (وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ)، والقرآن يأتي عادةً بقواعد عامةً، ومن الآية نستنتج قاعدةً مهمَّةً أن كلَّ طيِّبٍ حلالٍ وكلُّ خبيثٍ حرامٌ، وممَّا هو معلومٌ أنَّ الدخان ليس من الطيبِّات، ولا يستطيع عاقلٌ أن يصفه بذلك، ولذلك فإنَّه يدخل في الخبائث التي حرمها الله -تعالى-.
وقال -تعالى-: (وَلا تَقْتُلُوا أَنفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا)، فالآية الكريمة دعت إلى عدم قتل النَّفس ، وكلُّ ما يؤدِّي إلى إهلاك النَّفس فهو محرَّمٌ، ومن المعروف أن التَّدخين سببٌ رئيسيٌّ لأمراضٍ خطيرةٍ فتَّاكةٍ بجسم الانسان وصحَّته، ومن هنا كان التَّدخين محرَّماً؛ لأنَّه قتلٌ للنَّفس.
- من السنة النبوية
وجَّه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إلى حفظ النَّفس وعدم الاضرار بها، قال رسول الله: (لا ضَرَرَ ولا ضِرارَ)، أي أنَّ ما سبَّب ضرراً للإنسان فهو محرَّمٌ ويجب الإبتعاد عنه، والتَّدخين فيه أضرارٌ كثيرةٌ وليس ضرراً واحداً.
وقد قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (مَثَلُ الجَلِيسِ الصَّالِحِ والسَّوْءِ، كَحامِلِ المِسْكِ ونافِخِ الكِيرِ)، فهذا وصفٌ من رسول الله يبيِّن الفرق بين جليسين، جليسٌ كأنَّه حاملٌ للمسك يطيب لك مجلسه، وجليس كنافخ الكير(الحدَّاد)، فإنَّك تتأذَّى برائحة حرق الحديد وإذابته.
وإذا ربطنا الدُّخان بهذا التَّشبيه النَّبوي البليغ فهل يمكن أن نعدَّ المدخِّن حاملاً للمسك، أم أنَّه يؤذي من حوله برائحته، فبعد هذا الحديث الشَّريف هل يمكن القول بأنَّ التَّدخين مباحٌ!
- من الأدلة العقلية
التدخين مضرٌّ بالصحَّة ؛ فقد أجمع الأطبَّاء على أنَّ التَّدخين له أضرارٌ كبيرةٌ على الجسم، حيث إنَّه يسبِّب العديد من الأمراض منها السرطان؛ ممَّا يؤدي إلى الموت، ويدخل ذلك في الانتحار المحرَّم، ومن المعلوم أنَّ المحافظة على النَّفس واجبٌ شرعاً كما أنَّه مقصدٌ من مقاصد الشَّريعة، ولذلك حثَّ النبيُّ -صلّى الله عليه وسلّم- على الاهتمام بالصحَّة والتداوي فقال: (تداوَوا عبادَ اللَّهِ فإنَّ اللَّهَ -سبحانَهُ- لم يضع داءً إلَّا وضعَ معَهُ شفاءً إلَّا الْهرمَ).
كما أنَّ له رائحةً نتنةً، وطبيعة النَّفس تعاف الروائح الكريهة وتنفر منها، ولا شكَّ أنَّ مَن يكون حول المدخِّن لا يطيق الاقتراب منه بسبب رائحة فمه الكريهة، والإسلام حرص على تجنُّب الإضرار بالنَّاس والتأدُّب معهم والابتعاد عن كلِّ ما ينفِّرهم، حيث قال رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-: (من أكل ثوماً أو بصلاً فليَعتزلنا، أو ليعتزلَ مسجدَنا، وليقعد في بيتِه).
وهو كذلك يهدر المال فيما لا ينفع، وقد توصل الباحثون أنَّ الشَّخص الذي يبتدئ حياته التَّدخينية في حوالي السَّابعة عشر من عمره ينفق في بريطانيا وحدها ما يقارب من (أربعة آلاف جنيهٍ إسترلينيٍّ) على التدخين فقط، والإسلام نهى عن الإسراف في المال ، وعدَّ المسرف مبذِّراً لماله، قال -تعالى-: (إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُوا إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ ۖ وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِرَبِّهِ كَفُورًا).
وذكر تقريرٌ للجنة المستشارين الأمريكيَّة أنَّ المدخنين كانوا سبباً في إشعال نيران الحرائق بنسبةٍ أكثر من غيرهم، فكم من غابةٍ احترقت، وبيتٍ أصبح أنقاضاً بسبب أعقاب السجائرالمهملة.
وسائل تساعد على ترك التدخين
ترك التَّدخين ليس أمراً عسيراً كما يظنُّ كثيرٌ من المدخين، حيث إنَّ هناك عدَّة وسائل تساعد المدِّخن على الإقلاع؛ منها ما يأتي:
- العزم على التَّوبة إلى الله من التَّدخين وطلب العون منه على تركه.
- المحافظة على الصلوات الخمس ؛ حيث إنَّها تنهى عن الفحشاء والمنكر.
- تذكُّر الأضرار الفتَّاكة التي يسبِّبها التَّدخين.
- الإبتعاد عن كلِّ ما يزيد الرَّغبة بالتَّدخين، كالجلوس مع المدخنين.
- أنَّ التَّدخين مجرَّد عادةٍ، ويمكنك استبدالها بعادةٍ أخرى.
- معرفة أنَّ النَّشوة الحاصلة من التَّدخين هي مؤقتةٌ، وسرعان ما تتلاشى وتتحوَّل إلى عواقب وخيمةً.
- قوَّة النيَّة والإرادة في التَّرك والإقلاع.
- الصَّبر والثَّبات في بداية الإقلاع عن التَّدخين ؛ لأنَّه سيسهُل ويصبح أكثر بساطةً فيما بعد ولن يعود إليه صاحبه.