ما ترتيب الأنبياء
ما ترتيب الأنبياء حسب الزمن
انتهى نسب آدم -عليه السّلام- بشيث الذي أرسله الله من بعده وأنزل عليه خمسين صحيفة، ثمّ كان من بعد شيث إدريس، ثمّ نُوح، ثمّ هُود، ثمّ صالح، ثمّ إبراهيم، ثمّ لقمان ، ثمّ موسى، ثمّ يوشع، ثمّ حزقيل، ثمّ إلياس، ثمّ طالوت، ثمّ داود، ثمّ سليمان، ثمّ أيوب، ثمّ يونس، ثمّ شعيا، ثمّ أمصيا، ثمّ زكريا ويحيى وعيسى وأرميا، ثمّ ذو القرنين، ثمّ محمد -عليهم الصلاة والسّلام- جميعاً.
وفيما يأتي ذكر وبيان هؤلاء الأنبياء:
- آدم -عليه السّلام-: أوّل الأنبياء -عليهم السّلام-.
وأسكن الله آدم وزوجته الجنّة، فأراد إبليس أن يُوسوس لهما بالأكل من الشجرة التي نهاهم الله عنها، فوَسْوَس لهما فأكلا من الشجرة التي نهاهما الله عن الأكل منها، فأنزلهما الله -تعالى- من الجنّة ، وأنجبا في الأرض قابيل وهابيل، فقرّبا لله قرباناً فتَقبَّل الله من هابيل ولم يَتقبَّل من قابيل، فحسد قابيل أخيه وقتله.
- إدريس -عليه السّلام-
ذكر الأصبهاني في كتابه أنّ إدريس وُلد بعد أن مات آدم بمئة وستين سنة، وأُنزلت عليه ثلاثون صحيفة، وهو أوّل من أُعطي الحكمة، وأوّل مَن خطّ بالقلم، وأوّل من خاط الثياب، وأوّل من جاهد في سبيل الله، ورُفِعَ وعمره ثلاثمئة وستون سنة.
- نوح -عليه السّلام-
ذكر الأصبهاني في كتابه أنّ نوح وُلد بعد وفاة آدم بسبعمئة واثني عشر عاماً، وقد عاش أكثر من تسعمئة وخمسين عاماً، أمره الله بِصُنع سفينة، فقام بصنعها على ثلاث طبقات للحيوانات، والطيور والوحوش، وبني آدم، فخاض البحر فيها وأغرق الله قومه الذين أنكروا دعوته.
ثمّ بعد ذلك قام بدعوة أهل الأرض جميعاً، ويُعدّ نوح -عليه السلام- الأب الثاني لبني البشر، وأول أولو العزم من الرسل .
- هود -عليه السّلام-
تعود أصوله إلى قبيلة عاد الذين كانوا يَسكنون الأحقاف باليمن، ذكر الأصبهاني في كتابه أنّه وُلد بعد وفاة نوحٍ بثلائمئة سنة، ولم يُشبه ولدَ آدم أحدٌ مثله، وقد أرسله الله إلى إرَمَ فلم يَستجيبوا لدعوته، فأرسل الله عليهم ريحاً شديدة استمرّت سَبع ليالٍ وثمانية أيّام، فأهلكتهم جميعاً بمساكنهم.
- صالح -عليه السّلام-
أرسله الله إلى ثمود الذين يسكنون بين الحجاز وتبوك، فأمرهم بعبادة الله وحده وترك عبادة الأصنام، وأيّده الله بالناقة، وأمر قومه ألّا يعقروها، لكنّهم عقروها، فتوعَّدهم بالعذاب بعد ثلاثة أيام، وفي صبيحة اليوم الثالث أرسل الله عليهم الصّيّحة التي أهلكتهم جميعاً.
- إبراهيم -عليه السّلام-
هو ابن آزر، وذكر الأصبهاني أنّ ما بين هبوط آدم من الجنّة ومولده ثلاثة آلاف وثلاثمئةٍ وسبعٍ وثلاثين عاماً، وقد كان عمره ثلاثين سنة حين ألقى به النمرود في النّار، وقد أنزل الله عليه عشرة صحف، وعاش مئة وعشرين عاماً.
- لوط -عليه السّلام-
وعمّه إبراهيم -عليه السّلام-، وكان لوط من قوم إبراهيم الذين آمنوا بدعوته، أرسله الله إلى أهل سدوم، قال -تعالى-: (إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ مَا سَبَقَكُم بِهَا مِنْ أَحَدٍ مِّنَ الْعَالَمِينَ* أَئِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ وَتَقْطَعُونَ السَّبِيلَ وَتَأْتُونَ فِي نَادِيكُمُ الْمُنكَرَ)،
- إسماعيل -عليه السّلام-
شبَّ في قبيلة جرْهم وتعلَّم العربية وتزوَّج منهم، فكان له من الولد اثنا عشر ولداً، ومن نسله جاءت العرب المستعربة، ثمّ جاء الأمرالإلهي لأبيه في منامه أن يَذبحه، فلمّا أخبره قال يا أبتِ افعل ما تؤمر، فلمّا أراد أن يُنفّذ أمْرَ الله فداه بكبشٍ عظيم جاء به جبريل -عليه السّلام-.
وقد شارك إسماعيل مع أبيه إبراهيم في رفع قواعد البيت الحرام، ثمّ قاما بأداء المناسك فيها، وذكر الأصبهاني أنّه أوّل من رَكِب الخيل، وأوّل من رمى بالقوس، وعاش مئةً وسبعاً وثلاثين سنة.
- إسحاق -عليه السّلام-
تزوّج ابنة عمّه، فأنجبت له العيص ويعقوب، ويعقوب هو إسرائيل، وله اثنا عشر ولداً هم آباء الأسباط، وعاش إسحاق بالشّام حتى تُوفِّي وعمره مئة وثمانون عاماً، ودُفن بجانب أبيه إبراهيم -عليه السلام-.
- يعقوب -عليه السّلام-
سُمّي في التوراة إسرائيل، ووُلد في أرض الكنعانيين، وذهب إلى أرض بابل عند خاله، ثم رجع إلى موطنه مع زوجتيه وأولاده وقد أنجبن له اثنا عشر ولداً، وقد عرض القرآن الكريم جوانب من قصته مع ولده يوسف -عليه السلام- في كثيرٍ من الآيات، وأوصى أن يُدفن في مدينة الخليل عند أبيه.
وجميع الأنبياء جاؤوا من نسله إلّا نوح، وهود، وصالح، ولوط، وأيوب، وشعيب، وإبراهيم، وإسماعيل، وإسحاق، ومحمد -عليهم الصلاة والسّلام-.
- يوسف -عليه السّلام-
أرسله الله إلى بني إسرائيل، وقد روى أبو هريرة عن رسول الله: (سُئِلَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: مَن أَكْرَمُ النَّاسِ؟ قالَ: أَتْقَاهُمْ لِلَّهِ قالوا: ليسَ عن هذا نَسْأَلُكَ، قالَ: فأكْرَمُ النَّاسِ يُوسُفُ نَبِيُّ اللَّهِ، ابنُ نَبِيِّ اللَّهِ، ابْنِ نَبِيِّ اللَّهِ، ابْنِ خَلِيلِ اللَّهِ قالوا: ليسَ عن هذا نَسْأَلُكَ، قالَ: فَعَنْ معادِنِ العَرَبِ تَسْأَلُونِي؟ النَّاسُ معادِنُ، خِيَارُهُمْ في الجَاهِلِيَّةِ خِيَارُهُمْ في الإسْلَامِ، إذَا فَقُهُوا)،
- شُعيب -عليه السّلام-
أرسله الله إلى مدين وأصحاب الأيكة فعصوه، فأخذهم عذاب يوم الظُّلَّة.
- أيّوب -عليه السّلام-
كان عابداً لله صاحب مُلكٍ كبير، وكان كثير الأولاد والأموال، ثم ابتلاه الله بفقد كلِّ ما يَمُلك من المال والمُلك والولد، ومرِض مرضاً شديداً، فصبر على ما ابتلاه الله وكان له شاكراً حامداً كما كان قبل الابتلاء ، وصبرت معه زوجته في أحواله كلّها، في صحته وغناه، ومرضه وفقره.
وذكر الأصهاني أن مرضه استمرَّ سبع سنين وكان عمره ثلاثة وتسعين، وقيل خمسة وتسعين، ثمّ شفاه الله -تعالى-.
- موسى وهارون -عليهما السّلام-
أرسلهما الله إلى فرعون لِيدعوانه، وعاش موسى في مصر واحد وثلاثين عاماً، فلمّا قتل القبطيّ خطأً خرج منها متوجّهاً إلى مِدين، ولبث هناك تسعاً وثلاثين عاماً ثمّ عاد مع زوجته إلى مصر، وذُكرت قصّته مطوّلة في مواضع عديدة في القرآن الكريم.
- داود -عليه السّلام-
كان أصغر إخوته، عَمِل بالرعي لِما كان لأبيه وإخوته من الأغنام، ووَرِث المُلكَ والنُّبوّة، أرسله الله إلى بني إسرائيل فاستجابوا لدعوته، وفتح الكثير من البلدان، وكان حدّاداً، سخَّر الله له الجبال والطّير يُسبِّحن معه، ورزقه جمال الصوت فلم يكن أحدٌ من البشر بجمال صوته.
- سليمان -عليه السّلام-
تولّى الحكم وله من العمر ثمانية عشرة سنة، وسخّرَ الله له الجنّ، والإنس، والطير، والرياح تحت أمره، وبدأ ببناء بيت المقدس بناءً على ما أوصاه به أبيه بعد تولّيه للحكم بأربعة أعوام، واستمرّ في البناء سبع سنين، وجاءته بلقيس وقومَها طائعين، وأطاعه جميع من في الأرض.
- إلياس واليسع -عليهما السّلام-
وهما من أنبياء بني إسرائيل، أمّا إلياس فقد أرسله الله إلى قومٍ يعبدون صنماً لهم اسمه بعل، فدعاهم إلى عبادة الله فلم يستجيبوا له، فأمسك الله عنهم المطر ثلاث سنوات، فهلكت دوابّهم وأراضيهم، فطلبوا منه أن يدعو لهم ليرفع الله عنهم البلاء فيؤمنوا.
فدعا الله ولم يؤمنوا، فدعا الله أن يقبض روحه، أمّا اليسع فهو من تلامذة إلياس، أرسله الله لبني إسرائيل فعصوه، فأرسل الله عليهم العذاب فأهلكهم.
- يونس -عليه السّلام-
أرسله الله إلى أهل نينوى فدعاهم إلى توحيد الله -تعالى-، لكنّهم أبَوْا دعوته، فلمّا يَئس من استجابتهم خرج من بينهم وتوعّدهم بالعذاب بعد ثلاثة أيّام، فلمّا تيقّنوا من نزول العذاب تابوا إلى ربِّهم وتضرَّعوا له، وتوجَّهوا إليه بالبكاء والدعاء أن يدفع العذاب عنهم، فاستجاب الله لهم ورفع عذابه عنهم.
وهو النبي الذي ابتلعه الحوت، قال -تعالى-: (فَلَوْلَا أَنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُسَبِّحِينَ* لَلَبِثَ فِي بَطْنِهِ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ).
- زكريّا وولده يحيى -عليهما السّلام-
من ذرية سليمان -عليه السّلام-، كان زكريا يعمل في النّجارة، وهو زوج خالة مريم ابنة عمران، وهو من تكفّلها، وقد حبلت زوجته بيحيى، وبعد ستّة أشهرٍ أرسل الله جبريل فنفخ الروح في جيب مريم فحبلت بعيسى، فكان يحيى أكبر من عيسى بستة أشهر، ولمّا علم القوم أنّ مريم أنجبت من غير زوج اتّهموا زكريا.
وذكر أبو الفداء في كتابه أنّهم بدؤوا بملاحقته وقتلوه، فمات -عليه السّلام- وله من العمر مئة سنة، أمّا يحيى فقد بعثه الله وهو صغيراً، وكان عابداً لله ودعا الناس إليه، وقد قُتل قبل أن رفع الله عيسى إليه بفترة وجيزة.
- عيسى -عليه السّلام-
نفخ جبريل في جيب أمّه فحملت به، وتكلّم وهو في المهد ثلاث مرّات، ثمّ لم يتكلّم إلى أن بلغ السن الذي يتكلم به، وقد رفعه الله إليه وما زال حيّاً.
- محمد -صلّى الله عليه وسلّم-
وُلد في مكّة في الثاني عشر من شهر ربيع الأول في يوم الإثنين، وتُوفِّي أبوه قبل ولادته بشهر، أمّا أمّه فقد تُوفِّيت وهي عائدة به إلى مكّة بعدما كانت في زيارةٍ عند إخوانها بالمدينة، وكان له من العمر ست سنوات، وبعد ولادته بسبعة أيّامٍ بُعث إلى حليمة السعدية لترضعه، فلبث عندها خمس سنوات ثم أعادته إلى أمّه.
وقد أرسله الله لجميع الخلق، فختم به الأنبياء والمرسلين، قال -تعالى-: (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِّلنَّاسِ بَشِيرًا وَنَذِيرًا وَلَـكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ).
ترتيب الأنبياء حسب الأفضل
يتساوى الأنبياء فيما بينهم من حيث النبوّة التي فضّلهم الله -تعالى- بها على من سواهم من البشر، لكنّهم يتفاضلون فيما بينهم في النبوّة بناءً على مجموعة من المعايير؛ كالأحوال، والخصائص، والمعجزات، قال -تعالى-: (تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ مِّنْهُم مَّن كَلَّمَ اللَّـهُ وَرَفَعَ بَعْضَهُمْ دَرَجَاتٍ).
وبناءً على ذلك كان لكلِّ منهم ما امتاز به على غيره، لكنّ أفضلهم جميعاً هو محمد -صلّى الله عليه وسلّم-، فقد قال: (فُضِّلْتُ علَى الأنْبِياءِ بسِتٍّ: أُعْطِيتُ جَوامِعَ الكَلِمِ، ونُصِرْتُ بالرُّعْبِ، وأُحِلَّتْ لِيَ الغَنائِمُ، وجُعِلَتْ لِيَ الأرْضُ طَهُورًا ومَسْجِدًا، وأُرْسِلْتُ إلى الخَلْقِ كافَّةً، وخُتِمَ بيَ النَّبِيُّونَ).
وفُضِّل النبيّ محمّد لعدة أمور:
- لعموم رسالته، واشتمالها على الرسالات من قبلها.
- ولشفاعته، وامتداد رسالته إلى يوم القيامة .
- وتأييد الله له بمعجزات الأنبياء من قبله إضافة إلى معجزات أخرى.
ثمّ بعد ذلك جاءت الأفضلية لكلِّ واحدٍ منهم بما امتاز به عن غيره، فجاء التخصيص لموسى -عليه السّلام- بأن كلّمه الله، والأفضليّة لأولي العزم من الرسل على غيرهم، وعيسى -عليه السّلام- بإبراء الأكمه، والأبرص، وإحياء الموتى، وتأييد جبريل له منذ ولادته إلى أن رفعه الله إليه.
وهناك فرقٌ بين النبيّ والرسول، فالنبي عامٌّ كونه لا يشترط بنبوّته تواجد الكتاب أو تبليغ الشريعة، والرسول خاصٌّ بسبب ضرورة الكتاب والتبليغ، والإيمان بهم في أصله لا يختلف من أحد إلى آخر، ولكن يُفضَّل بعضهم على بعض بعد العلم بضرورة الإيمان بهم جميعاً، وقد أجمعت الأمّة على أنّ الرسل أعلى مرتبة من الأنبياء، كما هو حال أولي العزم من الرسل، وأنَّ محمد هو أفضلهم جميعاً.
وقد نهى رسول الله عن تفضيل الأنبياء بعضهم على بعض لأجل التعصّب: (لا تُفَضِّلُوا بيْنَ أَنْبِيَاءِ اللَّهِ، فإنَّه يُنْفَخُ في الصُّورِ، فَيَصْعَقُ مَن في السَّمَوَاتِ ومَن في الأرْضِ، إلَّا مَن شَاءَ اللَّهُ، ثُمَّ يُنْفَخُ فيه أُخْرَى، فأكُونُ أَوَّلَ مَن بُعِثَ، فَإِذَا مُوسَى آخِذٌ بالعَرْشِ، فلا أَدْرِي أَحُوسِبَ بصَعْقَتِهِ يَومَ الطُّورِ، أَمْ بُعِثَ قَبْلِي).
فالتفضيل بينهم لأجل التعصّب مذموم، وليس ذلك كالتفضيل بينهم من أجل إنزال كلٍّ منهم منزلته التي بيّنها الله في القرآن، ثمّ إنّ جميعهم من ذريّة نُوح و إبراهيم ، كما قال الله -تعالى-: (وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا وَإِبْرَاهِيمَ وَجَعَلْنَا فِي ذُرِّيَّتِهِمَا النُّبُوَّةَ وَالْكِتَابَ).