ما المقصود بالسبع المثاني
السبع المثاني هي آيات سورة الفاتحة
بيَّّن رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- أنّ المُراد بقوله -تعالى-: (وَلَقَد آتَيناكَ سَبعًا مِنَ المَثاني وَالقُرآنَ العَظيمَ)؛ هي سورة الفاتحة، وأصل السَّبع المثاني مَثنَى أو مثنَّى، ويعود سبب تسميتها إلى أنَّها تتكوَّن من سبع آيات، وقد بيَّنها رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في الحديث الذي رواه أبو سعيد بن المعلى -رضي الله عنه- عندما قال: (لَأُعَلِّمَنَّكَ سُورَةً هي أعْظَمُ السُّوَرِ في القُرْآنِ قَبْلَ أنْ تَخْرُجَ مِنَ المَسْجِدِ. ثُمَّ أخَذَ بيَدِي، فَلَمَّا أرادَ أنْ يَخْرُجَ، قُلتُ له: ألَمْ تَقُلْ: لَأُعَلِّمَنَّكَ سُورَةً هي أعْظَمُ سُورَةٍ في القُرْآنِ؟ قالَ: (الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ) هي السَّبْعُ المَثانِي، والقُرْآنُ العَظِيمُ الذي أُوتِيتُهُ)، فجاء إثبات ذلك في السُّنَّة النبويَّة.
سبب تسميتها بالسَّبع المثاني
سُميَّت سورة الفاتحة بالسَّبع المثاني لعدّة أسبابٍ كما يأتي:
- لأنَّها تشمل الحمد والثناء على الله -عزَّ وجل- وتعظيمه بما يستحقُّ.
- لأنَّ الصَّلاة لا تصحُّ إلَّا بها وتُكرَّر في كلِّ ركعةٍ منها.
- لأنَّها تضمُّ غايات القرآن ومعانيه جميعها، كما تُثنَّى فيها قصص القرآن وأسراره وأحكامه، قال -تعالى-: (اللَّـهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُّتَشَابِهًا مَّثَانِيَ).
- لأنَّ الله -تعالى- استثناها وميَّز بها رسالة الإسلام عن الرِّسالات السَّماويَّة الأخرى، فقد قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (والَّذي نَفسِي بيدِه، ما أُنزلَ في التَّوراةِ، ولا في الإنجيلِ، و لا في الزَّبورِ، ولا في الفُرقانِ مِثلِها، (يعني أمَّ القُرآنِ)، وإنَّها لسَبعٌ من المثانِي والقرآنُ العظيمُ الَّذي أُعطيتُه).
- لأنها تتضمَّن سبع آيات تُقرأ في كلِّ صلاةٍ.
المعاني التي اشتملت عليها سورة الفاتحة
حمد الله تعالى والثَّناء عليه وتمجيده
ورد في سورة الفاتحة حمد الله -عزَّ وجل- بما يستحقّه، فلا يُحمد أحدٌ سواه، بالإضافة إلى الثَّناء عليه وتعظيمه، وإرشاد النَّاس إلى ذلك في جميع جوانب حياتهم الدنيويَّة والأخرويَّة، والتَّوكُّل على الله -تعالى-، وابتغاء وجهه من أجل نيل مرضاته بإخلاص العمل له وحده، وهو المُراد بقوله -تعالى-: (الْحَمْدُ لِلَّـهِ)، فيثني بها المسلم على الله -تعالى- بلسانه مريداً بذلك تعظيمه.
ثمَّ قال -تعالى-: (الرَّحْمَـٰنِ الرَّحِيمِ)، فذكر صفةً من صفاته على وجه المبالغة وهي الرَّحمة ، والرَّحمن أبلغ من الرَّحيم كونها تشمل رحمته في الدُّنيا والآخرة، أمَّا الرحيم فإنَّها تختصُّ بالآخرة، وقد ذُكِرَت الرَّحمة بعد الترهيب؛ من أجل الجمع بين أسلوب التَّرغيب والتَّرهيب معاً، ليُقبل العبد على طاعة الله -تعالى- ويبتعد عن معصيته، وقوله -تعالى-: (مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ)، يعني أنّ -سبحانه- المالك لهذا الكون المتصرِّف فيه.
إفراد الله تعالى بالعبادة والالتجاء
أُفرد الله -تعالى- بالعبادة في قوله -تعالى-: (إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ)، فلا معبود بحقٍّ سواه، ولا مطلوبٌ بالإعانة على العبادة إلَّا هو -جلّ وعلا-، فالتَّوحيد له، والرَّجاء والعبادة له، والاستعانة والتوكُّل عليه في كلِّ شيءٍ.
طلب الهداية إلى الصراط المستقيم
يتوجَّه قارئ سورة الفاتحة إلى الله -تعالى- بطلب الاستقامة والهداية والسَّير على الطَّريق المستقيم المؤدّي بصاحبه إلى الجنَّة، فيقول: (اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ)، طالباً من الله -تعالى- أن يدلَّه عليه.
ذكر أصناف النَّاس في الآخرة
ذكرت السُّورة في نهايتها أصناف النَّاس الثَّلاثة، على النَّحو الآتي:
- أهل النَّعيم: في قوله -تعالى-: (صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ)، أي الذين أنعم الله -تعالى- عليهم فهداهم، ومنهم من اختصَّه الله -تعالى- بالنبوَّة، والصِّديقين، وعباد الله -تعالى- الصَّالحين.
- المغضوب عليهم: هم الذين أشركوا مع الله -تعالى- إلهاً آخر، واشتروا الدُّنيا بدلاً من الآخرة ، وارتكبوا الذُّنوب والمعاصي رغم علمهم بها وبما يأتي منها من غضب الله -تعالى- عليهم، وقال العديد من المفسّرين إنَّهم اليهود.
- الضَّالين: وهم الذين يرتكبون المعاصي والذُّنوب من غير علمٍ لهم بإثمها، وقال العديد من المفسّرين إنَّهم النَّصارى، ويدخل اليهود ضمن المغضوب عليهم والضَّالين.