ما العلاقة بين الخوف والرجاء؟
العلاقة بين الخوف والرجاء
إنّ الخوف و الرجاء مستلزمٌ كلٌ منهما الآخر، فالعبد المسلم يجب أن يكون في نفسه شيءٌ من الخوف وشيءٌ من الرجاء بطريقة متوازنة؛ فلا يغلب واحد منهما الآخر، فينعكس سلباً على شخصه، وفي هذا قال أبو علي الروذباري: "الخوف والرجاء كجناحي الطائر، إذا استويا استوى الطير وتم طيرانه، وإذا نقص أحدهما وقع فيه النقص، وإذا ذهبا صار الطائر في حد الموت".
أيهما أفضل منزلة الخوف أم منزلة الرجاء
اتفقت أقوال العلماء على علو مكانة الخوف والرجاء، وعلى منزلتهما الرفيعة، ولكن تعددت أقوالهم في أيهما أفضل الخوف أم الرجاء أم الجمع بينهما على أربعة أقوال نوجزها فيما يأتي:
- جانب الرجاء أقوى
وذهب إلى هذا القول جمعٌ كريمٌ من العلماء منهم الإمام النووي والرازي، وكانت حجة هذا الفريق أنّ أدلة الرجاء الواردة في القرآن الكريم والسنة النبوية تفوق أدلة الخوف، ومن تلك الأدلة قول الله -تعالى-: (وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ).
- جانب الخوف أقوى في حال الحياة والصحة
وذهب إلى هذا القول الفضيل بن عياض وجماعة من أهل العلم، وفي ذلك قال: "الخوف أفضل من الرجاء، ما كان الرجل صحيحاً، فإذا نزل الموت فالرجاء أفضل".
- جانب الرجاء أقوى في حال المرض
وذلك بسبب قرب الموت وظهور أماراته، وقيل أنه لا يمنع ذلك أن يُغلّب جانب الخوف أيضاً حال الموت، كما رأى بعض العلماء أنه قد يغلب جانب الخوف إذا كان غالب حاله على معصية في حياته، وقد يغلب جانب الرجاء في حال كان غالباً حاله على طاعة في حياته.
- جانب الرجاء أقوى في فعل الطاعة
فالذي منّ عليه بالطاعة سيمُنّ عليه بالقبول، ولهذا قال بعض السلف: "إذا وفقك الله للدعاء فانتظر الإجابة"، لأن الله يقول: (وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ).
- جانب الخوف أقوى في فعل المعصية
وذلك من أجل أن يمنعه من فعل المعصية، ولو فعلها فإن خوفه من الله يكون دافعاً له للتوبة والله -تعالى- يقول: (وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوْا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلَى رَبِّهِمْ رَاجِعُونَ)، أي: يخافون أن لا يُقبل منهم.
كيفية الجمع بين الخوف والرجاء
إنّ المؤمن عليه أن يعيش في الدنيا بجناحي الخوف والرجاء، فالخوف يحجمه عن المعصية والرجاء يدفعه إلى الطاعة، وهذا يحقّق التوازن في حياته، فالمؤمن الحقّ يعبد الله -عزّ وجل- بمحبة بالغة ولكنّ تلك المحبة لا تلجؤه للخوض في المعاصي باستهتار، وضمانه الأمان من العذاب بلا خوف أو خشية متكئاً بهذا على رحمة الله -تعالى-.
وأيضاً من جهة أخرى لا تكون عبادة الله -عز وجل- بخوفٍ شديد من العذاب؛ فيؤدي ذلك بالعبد إلى اليأس والقنوط من رحمة الله، فالصحيح أن يكون المؤمن بدرجة متوسطة بين الرجاء والخوف والرجاء.
تقديم الرجاء عند الموت
الأولى بالمؤمن إذا حضرته الوفاة أن يغلب حسن الظن كما جاء في الحديث الشريف: (لا يَمُوتَنَّ أَحَدُكُمْ إلَّا وَهو يُحْسِنُ الظَّنَّ باللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ)، ولا شك أن حسن الظن يتطلب حسن العمل من الخوف والرجاء في الدنيا، فمن وُفِّق للعمل الصالح بترك المعاصي خوفاً من الله وعمل الصالحات رجاء قبوله، وفقه الله لحسن الظن في الممات.