ما الحكمة من عدة المرأة المتوفى زوجها
الحكمة من عدّة المرأة المتوفى زوجها
شَرَع الله -تعالى- عدّة المرأة المُتوفّى عنها زوجها لِحكمٍ ومقاصد عدّة، وبيان بعضها فيما يأتي:
- حفظ الأنساب، فالمرأة بفترة العدّة تستبرئ لرحمها من الحمل، حرصاً على عدم اختلاط ماء الأزواج في رحمها، وفي حال حملها فتنتظر لتضع حملها صيانةً لحقّ الحمل.
- وفاء الزّوجة لزوجها والتّقدير لعلاقتهم ولحياتهم الزوجية، فالزّوج ذو فضلٍ على المرأة ، لِذا تعتدّ المرأة في منزلها الذي قَضَت فيه حياتها مع زوجها لتتذكّره وتدعو له، وتترحّم عليه، ولا تنسى الفضل الذي بينها وبينه.
- حفظ حقّ الأولاد بالحِداد على أبيهم المُتوفّى، والحفاظ على مصلحة الزّوجة.
- أجر عظيم للمرأة ورفعة لدرجتها في الآخرة؛ لأنّها امتثلت لأوامر الله -تعالى-، وهذا بذاته تعبّد وتقرّب منه -سبحانه وتعالى-.
حكم العدة للمرأة المتوفى زوجها
أجمع فقهاء الأمّة على وجوب العدّة على كلّ امرأة تُوفّي عنها زوجها، وقد ثبت ذلك في القرآن الكريم، والسّنة النبويّة، وبالإجماع، حتى وإن كانت الوفاة قبل الدّخول استناداً على الأدلّة كما ورد في القرآن الكريم، كقوله -تعالى-: (وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا فَعَلْنَ فِي أَنفُسِهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَاللَّـهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ)، وما أخرجه الإمام المسلم -رحمه الله- في صحيحه عن أمّ عطية -رضيَ الله عنها- أنّ النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- قال: (لا تُحِدُّ امْرَأَةٌ علَى مَيِّتٍ فَوْقَ ثَلاثٍ، إلَّا علَى زَوْجٍ أرْبَعَةَ أشْهُرٍ وعَشْرًا).
مدة عدة المرأة المتوفى زوجها
العدّة إن كانت المرأة حامل
أجمع جمهور الفقهاء والعلماء على أنّ عدّة المرأة المُتوفّى عنها زوجها في حال كانت حاملاً؛ فمدّتها حتّى تضع حملها سواء طالت مدّة حملها أو قصرت، حتّى وإن وضعت طفلها بعد لحظةٍ من وفاة زوجها، فبمجرّد انفصال ما في رحم المرأة عن جسدها بأيّ وقت من وفاة زوجها يحلّ لها الخطبة أو الزّواج، وهذا ما ورد عن ابن مسعود ومَن تَبِعه من الأئمة الأربعة، استناداً لقوله -تعالى-: (وَاللَّائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِن نِّسَائِكُمْ إِنِ ارْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ وَاللَّائِي لَمْ يَحِضْنَ وَأُولَاتُ الْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَن يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ وَمَن يَتَّقِ اللَّـهَ يَجْعَل لَّهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا).
ومن الأدلّة من السنّة النبويّة ما أخرجه الإمام البخاريّ -رحمه الله- عن أمّ المؤمنين أمّ سلمة -رضيَ الله عنها- عن النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- قال: (قُتِلَ زَوْجُ سُبَيْعَةَ الأسْلَمِيَّةِ وهي حُبْلَى، فَوَضَعَتْ بَعْدَ مَوْتِهِ بأَرْبَعِينَ لَيْلَةً، فَخُطِبَتْ فأنْكَحَهَا رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، وكانَ أبو السَّنَابِلِ فِيمَن خَطَبَهَا)، ويُستدلّ من الحديث أنّ سُبيعة وضعت حملها بعد أربعين ليلةٍ فقط من وفاة زوجها، وقد خطبت فيما بعد، وقد أقرّ الرسول -صلّى الله عليه وسلّم- على ذلك.
العدّة إن لم تكن المرأة حامل
اتّفق أهل العلم بأنّ مدّة عدّة المرأة المُتوفّى عنها زوجها هي أربعة أشهر وعشرة أيام، مُستدلّين بقوله -تعالى-: (وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا فَعَلْنَ فِي أَنفُسِهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَاللَّـهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ)، وتبدأ المرأة عدّتها بمجرد وفاة زوجها، وهذه المدّة تعتدّها المرأة المدخول بها وغير المدخول بها؛ لأنّ لفظ الآية جاء عامّاً ولم يُخصّص أو يُفصّل حكماً خاصّاً لغير المدخول بها.