ما الحكمة من اختيار الكعبة قبلة للمسلمين؟
ما الحكمة من اختيار الكعبة قبلة للمسلمين؟
فيما يأتي ذكرٌ لجملةٍ من الأمور التي تبرز الحكمة من اختيار الكعبة قبلةً للمسلمين:
- نيل شرفين: شرف التوجّه إلى الأقصى ، وشرف التوجّه للكعبة، وهذه ميزةٌ، فالمسلمون أهل القبلتين، وللمسجدين أهميَّةٌ عظيمةٌ.
- التميز عن غير المسلمين، وإقامة الحجة على اليهود الذين جاء في كتابهم وصف النبيّ، وأنّ من دلالات نبوّته؛ تحويل القبلة، واستقلال المسلمين عن غيرهم.
- تلبية شوق النبي- صلى الله عليه وسلم- بالتوجّه إلى الكعبة؛ لمكانتها في قلوب العرب، فقد كان يرى أنّ في التوجّه إلى الكعبة ترغيبًا للعرب واستمالةً لقلوبهم، وسببًا لدخولهم في الإسلام، قال -تعالى-: (قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَحَيْثُ مَا كُنتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ وَإِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا يَعْمَلُونَ).
- إنّ الكعبة هي الأسبق في البناء، قال -تعالى-: (إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكًا وَهُدًى لِّلْعَالَمِينَ)، وهي قبلة النبيّ إبراهيم -عليه السلام- ولإبراهيم مكانةٌ عظيمةٌ في جميع الشرائع السماويّة، و بتحويل القبلة اتصالٌ بدينه، ودليلٌ على أنّ الأنبياء جميعًا أرسلهم ربٌّ واحدٌ برسالةٍ واحدةٍ.
- إنّ الكعبة المشرّفة مكان أمنٍ وأمانٍ، يتّجه إليه الجميع زائرين، ومكانٌ يطوف حوله كثيرٌ من الناس قبل الإسلام؛ فهو محطّ أنظار العالم، وموقعٌ استراتيجيٌّ مهمٌّ.
- اختبار صدق الإيمان، وامتحان المنافقين وكشفهم، قال -تعالى-: (سَيَقُولُ السُّفَهَاءُ مِنَ النَّاسِ مَا وَلَّاهُمْ عَن قِبْلَتِهِمُ الَّتِي كَانُوا عَلَيْهَا ۚ قُل لِّلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ ۚ يَهْدِي مَن يَشَاءُ إِلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ*وَكَذَٰلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِّتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا ۗ وَمَا جَعَلْنَا الْقِبْلَةَ الَّتِي كُنتَ عَلَيْهَا إِلَّا لِنَعْلَمَ مَن يَتَّبِعُ الرَّسُولَ مِمَّن يَنقَلِبُ عَلَى عَقِبَيْهِ ۚ وَإِن كَانَتْ لَكَبِيرَةً إِلَّا عَلَى الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ ۗ وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ ۚ إِنَّ اللَّهَ بِالنَّاسِ لَرَءُوفٌ رَّحِيمٌ).
الكعبة قبلةٌ للمسلمين
إن الكعبة المشرّفة لها مكانةٌ دينيَّةٌ وتاريخيَّةٌ كبيرةٌ، وضع قواعدها أبو الأنبياء إبراهيم- عليه السلام-، قال -تعالى-: (وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ)، ثم تجدّد البناء على مرّ الزمن، وممّن أسهم في إعادة البناء بعد هدم العمالقة وجرّهم، وجدّ النبي- صلى الله عليه وسلم- قصي بن كلاب، وقبل البعثة أسهم النبي- صلى الله عليه وسلم- مع قريش في ترميمها، واستمرّ الاهتمام بالكعبة وكسوتها وخدمة زائريها إلى يومنا هذا، فالكعبة المشرّفة كانت وما زالت تشغل موقعًا مهمًّا، وإليها كان يحجّ الناس قبل الإسلام، فكانت مقرًّا لأصنامهم وتجارتهم، ثمّ طهّرها النبيّ، وجعلها قبلة المسلمين الثانية بعدما كان المسجد الأقصى أولى القبلتين .
متى تحوّلت القبلة من المسجد الأقصى إلى المسجد الحرام؟
اتّفق العلماء على أنّ النبيّ- صلى الله عليه وسلم- والذين معه من المسلمين صلّوا ستة عشر شهرًا نحو المسجد الأقصى، وتحوّلت القبلة بالاتفاق نحو الكعبة بعد جمادى الآخرة من العام الثاني للهجرة النبويّة الشريفة ، وتباينت الآراء في تحديد الشهر، ومن هذه الآراء:
- قول ابن عباس وهو رأي الجمهور: إنّها حوّلت في نصف شهر شعبان، بعد ثمانية عشر شهرًا من الهجرة، وهذا يفسّر احتفاء بعض الناس بمنتصف شهر شعبان.
- قول زيد بن أسلم أنّه كان في رجب، بعد سرية عبد الله بن جحش.