ما الإسلام
الإسلام
الإسلام في الاصطلاح الشرعيّ ينقسم إلى قسمين؛ الأوّل: الإسلام العام؛ وهو عموم الخضوع والانقياد لأوامر الله تعالى، والاستجابة له في كلّ مكان وزمان، وهو دين جميع الأنبياء والرسل عليهم السلام، ودليل ذلك قول الله تعالى على لسان إبراهيم وإسماعيل عليهما السلام: (رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِنَا أُمَّةً مُسْلِمَةً لَكَ وَأَرِنَا مَنَاسِكَنَا وَتُبْ عَلَيْنَا إِنَّكَ أَنْتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ)، والقسم الثاني: الإسلام الخاص، والمقصود به متابعة الشرع الذي جاء به آخر الأنبياء والمرسلين محمّد صلّى الله عليه وسلّم، فهو الدين المقبول عند الله -تعالى- ولا يقبل غيره بدليل قول الله تعالى: (وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ)، ووضحّ الرّسول -صلّى الله عليه وسلّم- ذلك بقوله (والذي نفْسُ محمدٍ بيدِهِ، لا يسمعُ بي أحدٌ من هذه الأمةِ، لا يهودِيٌّ، و لا نصرانِيٌّ، ثُمَّ يموتُ ولم يؤمِنْ بالذي أُرْسِلْتُ به إلَّا كان من أصحابِ النارِ).
وإذا ذُكر الإسلام مطلقاً يُراد به كلّ ما فيه انقياد وتسليم لله تعالى، وكلّ ما بعث به محمّد -صلّى الله عليه وسلّم- من العقائد والأقوال والأفعال وجميع الأمور الظاهرة والباطنة، أمّا إذا ذُكر مقترناً بالإيمان فلا يدخل في معناه إلّا ما كان ظاهراً من الأعمال كالأقوال والأفعال، فكلّ ما ينطق به اللسان أو تكتسبه الجوارح يدخل فيه، ويكون الإيمان حينها هو ما يتعلّق بأعمال القلوب كالعقيدة وما فيها من إيمان بالله والملائكة والكتب والرّسل والقدر واليوم الآخر، وأشار الله -تعالى- في القرآن الكريم للتفريق بينهما في المعنى؛ حيث قال: (قَالَتِ الْأَعْرَابُ آمَنَّا قُل لَّمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِن قُولُوا أَسْلَمْنَا).
أركان الإسلام
للإسلام خمسة أركان رئيسة ذكرها الرّسول -صلّى الله عليه وسلّم- في قوله: (الإسلامُ أن تشهَدَ أن لا إلهَ إلَّا اللهُ وأن مُحمَّداً رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، وتُقِيمَ الصَّلاةَ، وتُؤتِيَ الزَّكاةَ، وتصُومَ رمَضانَ، وتحُجَّ البيتَ، إن استطَعْتَ إليه سبيلاً).
الشهادتان
وهما شهادة أن لا إله إلّا الله وأنّ محمّداً رسول الله، ومعنى ذلك الاعتقاد الجازم بأنّ الله -تعالى- هو الإله الوحيد والخالق المتفرّد المستحق وحده للعبادة في الكون، فلا شريك له ولا قادر فوق قدرته، مع إثبات الاسماء الحسنى والصفات العلا له، وفي الشقّ الثاني يكون الاعتقاد الجازم بأنّ الله -عزّ وجلّ- أرسل رسوله محمّد -صلّى الله عليه وسلّم- ليكون رسول الأمّة ومُوصل القرآن الكريم لها، ومبلّغ الناس طريق الهداية والإسلام.
إقامة الصلاة
على المسلم أن يعلم يقيناً أنّ الله افترض عليه خمس صلوات في اليوم والليلة، يؤدّيها على طهارة، وذلك بالوقوف بين يدي الله -تعالى- في تذلّل وخضوع وأدائها على أكمل وجه، وهي: الفجر، والظهر، والعصر، والمغرب، والعشاء، ومن تركها عامداً جاحداً يعدّ كافراً، وفي الصلاة فوائد عظيمة؛ فهي تكفّر الذنوب، وتُعين الإنسان على الشدائد، وتصل بين العبد وربّه، وكان رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- يعتبرها قرّة عين له.
إيتاء الزكاة
وهي مقدار من المال يُؤخذ من أموال الأغنياء ليُعطى للفقراء، أوجبها الله -تعالى- على من مَلِك نصاباً من أموال الزكاة وحال عليها الحول، ولا يجوز للمسلم إخراجها إلّا في مصارف محدّدة أخبر عنها الله -عزّ وجلّ- في قوله: (إِنَّمَا الصَّدَقاتُ لِلفُقَراءِ وَالمَساكينِ وَالعامِلينَ عَلَيها وَالمُؤَلَّفَةِ قُلوبُهُم وَفِي الرِّقابِ وَالغارِمينَ وَفي سَبيلِ اللَّهِ وَابنِ السَّبيلِ فَريضَةً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَليمٌ حَكيمٌ)، وللزكاة أحكام كثيرة بيّنتها النّصوص الشرعيّة من مقادير وأنصبة وغير ذلك، ولها ثمرات عظيمة؛ منها: تطهير مال العبد، وتزكية النفوس من البخل والشّح، وتقوية الودّ والإخاء بين الفقراء والأغنياء.
صوم رمضان
ويُقصد بالصيام الإمساك عن الطعام والشراب والجِماع من طلوع الفجر إلى غروب الشمس، تعبّداً لله بنيّة الصيام، والصيام واجب على كلّ مسلم بالغ عاقل ذكراً كان أم أنثى وذلك في شهر رمضان المبارك.
الحجّ
الحجّ هو قصد المسجد الحرام بنيّة القيام بأعمال ومناسك الحجّ التي بيّنها الله ورسوله في الكتاب والسّنة، وفي الحج آداب وشروط يجب على المسلم أن يتحلّى ويلتزم بها؛ كغض البصر ، وحفظ اللسان وغير ذلك، وهو واجب على كلّ مسلم بالغ عاقل قادر عليه، وهو كفّارة لذنوب المسلم كلّها إن أدّاه على الوجه الذي أراده الله، وحَرِص على الإخلاص لوجهه فيه.
أركان الإيمان
تقوم عقيدة الإسلام على ستة أركان رئيسية؛ هي: الإيمان بالله، والملائكة، والكتب، والرّسل، واليوم الآخر، والقدر، وورد في إثبات وتأكيد هذه الأركان وأهميتها كثير من النصوص الشرعية، منها: قول النبي -صلّى الله عليه وسلّم- في الحديث الذي سأله فيه جبريل -عليه السّلام- عن الإيمان: (الإيمان أن تُؤمِنَ باللهِ، وملائكتِه، وكُتبِه، ورُسلِه، واليومِ الآخِرِ، وتُؤمِنَ بالقدَرِ خَيرِه وشَرِّه).
الإيمان بالله
أن يعتقد الإنسان اعتقاداً جازماً بوجود الله -تعالى- وقدرته وعظمته، ويُثبت له كلّ صفات الكمال التي أثبتها الله -عزّ وجلّ- لنفسه في التشريع، ويؤمن أنّ الله -عزّ وجلّ- هو الخالق لكلّ ما في الوجود، والمدبّر لكل أمور الحياة، والمستحق الوحيد للعبادة والذّل والخضوع والانقياد، فلا معبود سواه ولا شريك له، بالتالي فالإيمان بالله يشمل الإيمان بوجوده وألوهيته وربوبيته وأسمائه وصفاته، وفي سياق الدلالة على وحدانية الله وردت أدلة جليّة، منها ما ثبت عن طريق الحس أو العقل أو الفطرة والغريزة الإنسانية، ومنها أدلّة أوردها الله -عزّ وجلّ- في الشّرع، وللإيمان بالله -عزّ وجلّ- ثمرات عظيمة على الإنسان والمجتمع؛ منها: تحقيق الأمن، وتحقيق الهداية للإنسان، والتمكين والاستخلاف في الأرض، وترتب الخير والمنفعة للناس في الدنيا والآخرة.
الإيمان بالملائكة
والملائكة هم مخلوقات لله تعالى، خلقهم من نور ومنحهم المواظبة الدائمة على عبادته والقوة للقيام بمهام معينة خصّهم الله -تعالى- بها، وعددهم كبير جداً لا يحصيهم إلّا الله تعالى، لا يجوز عبادتهم من دون الله، وليس لهم أي صفة من صفات الربوبية أو الألوهيّة التي لا تجب ولا تتحقّق إلّا لله عزّ وجلّ.
الإيمان بالكتب
الإيمان بكلّ الكتب التي أنزلها الله -تعالى- وأوحى بها لأنبيائه ورسله، فيؤمن المسلم بوجودها ونزولها وكلّ ما ورد من أخبارٍ حولها، كأسمائها وبعض ما جاء فيها، مع إفراد القرآن الكريم وحده بالعمل بما جاء فيه؛ لأنّه الكتاب الأخير الناسخ لما قبله، مع أنّ الكتب السماويّة جميعها تتفق في بعض الأمور؛ مثل: أمور العقيدة ، والحثّ على مكارم الأخلاق ، والأمر بالعدل والنّهي عن الفساد، وتميّز القرآن الكريم عن غيره من الكتب بأنّه لعامّة النّاس إلى قيام الساعة وهو أعظم ما أوحاه الله -تعالى- من الكتب، ويليه التوراة والإنجيل.
الإيمان بالرسل
والرسل من البشر، ولهم حاجات وتصرفات كحاجات البشر وتصرفاتهم، فهم يأكلون ويشربون وينامون ويتحدّثةن، إلّا أنّ الله -تعالى- يصطفيهم بالوحي والرسالة، والنبوّة من أعظم الادعاءات، فلا يدّعيها إلّا أصدق الناس أو أكذبهم، ولها أدلّة كثيرة، منها: المعجزات التي يؤيّد بها الله -تعالى- رسله وأنبياءه ، وحُسْن سيرة النبيّ، والإيمان بالرسل يشمل الإيمان بما اخبر الله -تعالى- عنهم، فمن أخبر عنه رب العالمين باسمه أو قصته أو قومه أو معجزته وجب الإيمان بكلّ ذلك، ومن أخبر عنه الله بشكل مجمل وجب على المسلم الإيمان به بشكل مجمل، واتفقت الأمة أنّ الأنبياء معصومون عن الخطأ في نقل الوحي وتبليغ الرسالة، وشاء الله -تعالى- أن يكون محمّد -صلّى الله عليه وسلّم- خاتم النبيين والمرسلين.
الإيمان باليوم الآخر
وهو الإيمان بكلّ ما ورد عنه في القرآن والسنة من تفاصيل وأحداث، حيث ورد فيه ما يحدث من نفخ في الصور وبعث لِمن في القبور وتطاير الصحف وحساب الناس ووضع الميزان ومرور المؤمنين على نهر الكوثر ودخول أهل الجنة إلى الجنة وأهل النار إلى النار، وللإيمان باليوم الآخر ثمرات عظيمة على الفرد والمجتمع؛ فهو يدفع الإنسان للحرص على الأخلاق الحميدة والعبادات والفرائض، وترك الظلم والقيام بالعدل .
الإيمان بالقدر
يعني أن يؤمن الإنسان بإحاطة علم الله -عزّ وجلّ- لكلّ شيء، وأنّه كتب كل ذلك عنده، وأنّ كلّ ما يحصل في الدنيا بمشيئته، فهو الخالق لكلّ ما في الوجود والمتصرف به، ودلّ على الإيمان بالقدر الكتاب والسنة والإجماع والعقل والفطرة، وهو لا يعارض أنّ الإنسان مختاراً لأفعاله، فمشيئة الإنسان تابعة لمشيئة الله عزّ وجلّ، ويجدر بالمسلم العلم يقيناً بأن الأخذ بالأسباب لا يعارض الإيمان بالقدر أبداً، وإنّما هو من كمال إيمانه.