ما أسباب ارتفاع درجة الحرارة عند الاطفال
أسباب ارتفاع درجة الحرارة عند الأطفال
يوجد في الدماغ منطقة تُعرف بتحت المهاد، هي المسؤولة عن تنظيم درجة حرارة الجسم، ففي الوضع الطبيعي تحافظ على ثبات درجة حرارة الجسم حول ما يقارب 37 درجة مئوية مع احتمالية تفاوتها بشكل طبيعي حسب الوقت من اليوم ومستوى نشاط الطفل وحركته البدنية، ولكنّ تحت المهاد ترفع درجة حرارة الجسم بشكل ملحوظ في حال الإصابة بالعدوى وبعض المشاكل الصحية الأخرى، ويعتقد العلماء أنّ هذا الأمر قد يفيد في مقاومة الجسم للميكروبات المسببة للمرض، ووفقاً لدليل ميرك للتشخيص والعلاج (بالإنجليزية: Merck Manual of Diagnosis and Therapy) يُمكن تقسيم المسببات التي تدفع تحت المهاد لرفع حرارة الجسم بحسب مدّة معاناة الطفل من الحمّى إلى الحمّى الحادّة (بالإنجليزية: Acute fever)؛ وتتمثل بمعاناة الطفل من ارتفاع الحرارة لمدّة لا تزيد عن 14 يوم، والحمّى المزمنة (بالإنجليزية: Chronic fever) التي يعاني فيها الطفل من ارتفاع الحرارة لمدّة تزيد عن 14 يوم، وقد يُطلق على هذا النوع من الحمّى أيضاً مصطلح الحمّى مجهولة المنشأ (بالإنجليزية: Fever of unknown origin).
أسباب الارتفاع الحاد في درجة الحرارة
تحدث معظم حالات الإصابة بالحمّى الحادّة نتيجة إصابة الطفل بأحد أنواع العدوى الفيروسيّة أو البكتيريّة، وتجدر الإشارة إلى أنّ تسنين الأطفال (بالإنجليزية: Teething) لا يؤدي إلى المعاناة من حمّى شديدة، أو امتداد الإصابة بالحمّى لفترة طويلة من الزمن، ولا تزيد درجة حرارة الطفل في هذه الحالة عادةً عن 38.3 درجة مئويّة، وفيما يلي بيان لبعض الأسباب التي قد تؤدي إلى معاناة الطفل من الحمّى الحادّة:
الأسباب الأكثر شيوعاً
من الأسباب الشائعة التي قد تؤدي إلى ارتفاع درجة حرارة الأطفال ما يأتي:
- العدوى التنفسيّة الفيروسيّة: تُعدّ المعاناة من الحمّى أحد الأعراض الشائعة للإصابة بأحد أمراض العدوى التنفسيّة الفيروسيّة، وتوجد عدّة أنواع مختلفة من الفيروسات التي قد تؤدي إلى الإصابة بهذا النوع من العدوى؛ مثل الفيروسات الغدانيّة (بالإنجليزية: Adenoviridae)، وفيروس الإنفلونزا (بالإنجليزية: Influenza virus)، والفيروس الأنفيّ (بالإنجليزية: Rhinovirus)، وتنتقل هذه الفيروسات عند الاتصال المباشر مع الشخص المصاب، أو عن طريق انتقال الرذاذ الحامل للفيروسات عن طريق سعال أو عُطاس الشخص المُصاب بهذه الحالات، وتعتمد مدّة ظهور الأعراض المصاحبة للعدوى الفيروسيّة التنفسيّة على نوع الفيروس المسبّب للعدوى، وتستمرّ عدّة أيّام في الغالب، وقد تكون مصحوبة بأعراض أخرى؛ مثل سيلان الأنف، أو ألم العضلات، أو التعب والإعياء، أو التهاب الحلق، أو الصداع، أو السعال.
- التهاب المعدة والأمعاء الفيروسيّ: يُعدّ التهاب المعدة والأمعاء الفيروسيّ (بالإنجليزية: Viral gastroenteritis) أحد الأمراض شديدة العدوى، وقد يكون ناجماً عن عدد من الفيروسات المختلفة؛ مثل الفيروس العجليّ (بالإنجليزية: Rotavirus)، والنوروفيروس (بالإنجليزية: Norovirus)، وتُعدّ الحمّى التي تستمرّ لمدّة تتراوح بين يوم واحد إلى عشرة أيّام من الأعراض الشائعة المصاحبة لهذا النوع من العدوى بالإضافة بعض الأعراض الأخرى؛ مثل الغثيان والتقيؤ، والإسهال، وألم وتشنجات البطن، وفقدان الشهيّة، والصداع.
- بعض أنواع العدوى البكتيرية: توجد مجموعة من أنواع العدوى البكتيريّة الشائعة التي قد تكون مسؤولة عن إصابة الطفل بالحمّى، مثل عدوى الأذن وتحديداً عدوى الأذن الوسطى (بالإنجليزية: otitis media)، وعدوى المسالك البولية (بالإنجليزية: urinary tract infections)، وعدوى الجيوب (بالإنجليزية: sinus infections)، وقد تكون بعض أنواع هذه العدوى خطيرة في بعض الحالات الأخرى، مثل تجرثم الدم (بالإنجليزية: Bacteremia)، أو الالتهاب الرئويّ المعروف أيضاً بذات الرئة (بالإنجليزية: Pneumonia)، والعدوى المسبّبة للطفح الجلديّ، أو التهاب السحايا (بالإنجليزية: Meningitis). وتجدر الإشارة إلى ضرورة مراجعة الطبيب في حال ارتفاع درجة حرارة الطفل إلى 39 درجة مئويّة أو أكثر في هذه الحالة لما قد يدلّ على تجرثم دم الطفل.
الأسباب الأقل شيوعاً
من الأسباب الأقل شيوعاً التي قد تؤدي إلى ارتفاع درجة حرارة الأطفال ما يأتي:
- المطاعيم: تُعدّ الإصابة بالحمّى من الأعراض الشائعة التي قد تظهر بعد حصول الطفل على أحد المطاعيم ، وغالباً ما تبدأ الحمّى خلال يوم واحد من الحصول على المطعوم وتدوم لمدّة لا تزيد عن يومين في الغالب، وهي من الأعراض الطبيعيّة التي لا تستدعي القلق وتكون ناجمة عن ردّة فعل الجسم الطبيعيّة تجاه المطعوم، وتجدر الإشارة إلى أنّه في بعض الحالات النادرة قد يعاني الطفل من ارتفاع في درجة الحرارة يُعرَف بالنوبة الحمويّة أو التشنج الحمويّ (بالإنجليزية: Febrile seizure)، وفي معظم الحالات يزول هذا النّوع من الحمّى خلال فترة قصيرة ولا يسبّب أيّة مضاعفات صحيّة لدى الطفل.
- بعض أنواع الأدوية: قد يؤدي استخدام بعض الأدوية إلى الإصابة بما يُعرَف بالحمّى من منشأ دوائيّ (بالإنجليزية: Drug-induced hyperthermia)، وهي عبارة عن حمّى مؤقتة تظهر خلال فترة استخدام الدواء وتزول عند التوقّف عن استخدامه، وقد تظهر بشكل مستمر أو متقطّع، وفي معظم الحالات تتراوح درجة ارتفاع الحرارة في هذه الحالة بين 39-40 درجة مئويّة إلّا أنّها في بعض الحالات النادرة قد تصل إلى 43 درجة مئويّة، ومن الأمثلة على الأدوية التي قد تؤدي إلى المعاناة من هذا النوع من الحمّى الأدوية المستخدمة في علاج اضطرابات القلب؛ مثل مضادّات اضطراب النظم (بالإنجليزية: Antiarrhythmic agent)، أو مضادّات الاختلاج (بالإنجليزية: Anticonvulsants)؛ مثل دواء كاربامازيبين (بالإنجليزية: Carbamazepine) ودواء فنيتويين (بالإنجليزية: Phenytoin)، بالإضافة إلى بعض مضادّات الحساسيّة (بالإنجليزية: Antihistamines)، وأنواع مُعينة من المضادّات الحيويّة؛ مثل البنسلينات (بالإنجليزية: Penicillin)..
- الأسباب الأخرى: توجد عدد من الأسباب الأخرى الأقل شيوعاً والتي قد تؤدي إلى ارتفاع درجة حرارة الطفل؛ مثل ضربة الشمس (بالإنجليزية: Heatstroke)، والإصابة بداء كاواساكي (بالإنجليزية: Kawasaki Disease)، والتهاب الدماغ (بالإنجليزية: Encephalitis)، والتهاب المفاصل الإنتانيّ (بالإنجليزية Septic arthritis).
أسباب الارتفاع المزمن في درجة الحرارة
كما ذكرنا سابقاً فإنّ الحمّى المزمنة لدى الأطفال تتمثل بمعاناتهم من استمرار ارتفاع درجة الحرارة بشكلٍ يوميّ لمدّة تزيد عن أسبوعين، وفي بعض الحالات قد يعاني بعض الأشخاص من حمّى منخفضة نسبيّاً بشكلٍ مزمن بسبب الإصابة ببعض المشاكل الصحيّة المؤقتة أو المزمنة، وفيما يلي بيان لذلك:
الأسباب المرتبطة بالعدوى
ينبغي القول أنّه يُعدّ من الشائع إصابة الأطفال بعدوى فيروسيّة متكررة تؤدي إلى ملاحظة أهل الطفل المصاب وكأن الحمّى مستمرة لفترة طويلة، أو استمرار مدة الإصابة بمرض فيروسي معين لفترة طويلة، كما في حال الإصابة ببعض أنواع عدوى الجهاز التنفسيّ، وعدوى المسالك البوليّة، ومرض السلّ؛ إذ تُعدّ الحمّى المزمنة أحد الأعراض الشائعة المصاحبة للإصابة بمرض السلّ (بالإنجليزية: Tuberculosis) الفعّال، أمّا بالنسبة لمرض السلّ الكامن فلا يكون مصحوباً بأيّ من الأعراض الواضحة على الشخص المُصاب بالنوع الفعّال منه، وإضافة لذلك توجد مجموعة من أنواع العدوى الأخرى التي قد تؤدي إلى معاناة الطفل من حمّى مزمنة، ومنها ما يأتي:
- التهاب الكبد الفيروسيّ (بالإنجليزية: Viral hepatitis).
- التهاب الجيوب الأنفيّة (بالإنجليزية: Sinusitis).
- خرّاج البطن (بالإنجليزية: Abdominal abscesses) الناجم عن العدوى.
- بعض أنواع عدوى الجهاز الهضميّ البكتيريّة، والطفيليّة (بالإنجليزية: Parasite infection).
- العدوى المسبّبة لالتهاب شغاف القلب (بالإنجليزية: Endocarditis).
- بعض أنواع عدوى العظام؛ مثل التهاب العظم والنقيّ (بالإنجليزية: Osteomyelitis).
الأسباب غير المرتبطة بالعدوى
هنالك عدد من الأسباب الأخرى غير المرتبطة بالعدوى والتي قد تؤدي إلى معاناة الطفل من الحمّى المزمنة، نذكر ما يأتي:
- الضغط والتوتّر النفسيّ: قد تكون الحمّى المزمنة ناجمة عن التعرّض لضغط عاطفيّ أو نفسيّ مزمن، ويُطلق على الحمّى في هذه الحالة مصطلح الحمّى نفسيّة المنشأ (بالإنجليزية: Psychogenic fever).
- اضطرابات الغدّة الدرقيّة: في بعض الحالات قد يعاني الأشخاص المصابين بالتهاب الدرقيّة تحت الحادّ (بالإنجليزية: Subacute thyroiditis) من حمّى مزمنة، بالإضافة إلى بعض الأعراض الأخرى؛ مثل ألم الرقبة والعضلات، والتعب والإعياء، وألم عند لمس المنطقة المحيطة بالغدّة الدرقيّة.
- مرض السرطان: في بعض الحالات النادرة قد تكون الحمّى المزمنة ناجمة عن إصابة الطفل ببعض أنواع السرطان؛ مثل سرطان الغدد الليمفاويّة (بالإنجليزية: Lymphoma)، وسرطان الدم أو اللوكيميا (بالإنجليزية: Leukemia)، ومن العلامات والأعراض الأخرى التي قد تدلّ على إصابة الطفل بالسرطان؛ التعب والإعياء المزمن، وتضخّم الغدد الليمفاويّة، وانخفاض الوزن غير المبرّر، وفقدان الشهيّة، وضيق النفس.
- أمراض المناعة الذاتيّة: قد تكون بعض أنواع أمراض المناعة الذاتيّة (بالإنجليزية: Autoimmune diseases) مصحوبة بالحمّى المزمنة؛ مثل التصلّب اللويحيّ أو التصلّب المتعدّد (بالإنجليزية: Multiple sclerosis)، أو التهاب المفاصل الروماتويديّ (بالإنجليزية: Rheumatoid arthritis)، وعند الحديث عن التهاب المفاصل الروماتويديّ لا بُدّ من الإشارة إلى النوع اليفعيّ (بالإنجليزية: Juvenile idiopathic arthritis) منه؛ والذي أحد أنواع أمراض المناعة الذاتيّة التي تصيب الأطفال تحت سنّ 16 من العُمر، ويتمثّل بمعاناة الطفل من هبّات متفرّقة من التهاب المفاصل، وقد يؤدي إلى إعاقة حركة المفصل المتأثر، ومن الأعراض التي قد تصاحب هبّات المرض الحمّى المزمنة، والطفح الجلديّ، بالإضافة إلى بعض الاضطرابات الجهازيّة في القلب، والكبد، والغدد اللمفاويّة.
- داء الأمعاء الالتهابيّ: تُعدّ الحمّى المزمنة من الأعراض الشائعة التي تصاحب الإصابة بداء الأمعاء الالتهابيّ (بالإنجليزية: Inflammatory bowel disease)، وينقسم داء الأمعاء الالتهابيّ إلى داء كرون (بالإنجليزية: Crohn's disease)، والتهاب القولون التقرحيّ (بالإنجليزية: Ulcerative colitis)، وهما من الأمراض المزمنة التي لم يتمكّن العلماء من إيجاد علاج نهائيّ لها، إلّا أنّه في بعض الحالات قد يتحقق تعافي الطفل من التهاب القولون التقرحيّ بشكلٍ تامّ في حال استئصال القولون أو جزء منه من خلال إخضاع الطفل للإجراء الجراحيّ.
معلومات حول ارتفاع درجة الحرارة عند الأطفال
وفقاً لتوصيات مستشفى تكساس للأطفال تمّ تعريف ارتفاع درجة الحرارة أو الحمّى (بالإنجليزية: Fever) عند الأطفال اعتماداً على العمر والحالة الصحية؛ فبالنسبة للأطفال الذين تقل أعمارهم عن ثلاثة أشهر ولجميع الأطفال الذين يُعانون من اضطرابات في جهاز المناعة فتتمثل الحمّى لديهم ببلوغ درجة حرارة الجسم 38 درجة مئوية أو أعلى من ذلك، بحيث يتمّ أخذ قراءة درجة الحرارة عن طريق الشرج في حالات الأطفال صغار السنّ، وقد يتطلّب الأمر استخدام طُرق أخرى؛ كأخذ القراءة عن طريق الفمّ أو تحت الذراع لقياس درجة الحرارة لدى الأطفال الذين يُعانون من مشاكل في الجهاز المناعي، أمّا بالنسبة للأطفال الذين تزيد أعمارهم عن ثلاثة أشهر، والذين لا يعانون من اضطرابات الجهاز المناعي فتتمثل الحمّى لديهم ببلوغ درجة حرارة 38.4 درجة مئوية أو أعلى من ذلك بغضّ النظر عن موضع أخذ القراءة؛ سواء تمّ اخذها عن طريق الفم، أو المستقيم، أو تحت الذراع.
وتجدر الإشارة إلى أنّ درجة حرارة الطفل تكون أعلى من المعدّل الطبيعيّ بشكلٍ بسيط خلال السنوات الأولى من حياته، وتكون في أعلى مستوياتها في الفترة بين الشهر 18-24 من حياة الطفل، ومن الجدير بالذكر أيضاً أنّ ارتفاع درجة حرارة الجسم يُعدّ إحدى ردّات الفعل المناعيّة الطبيعيّة التي يقوم بها الجسم للمساعدة على القضاء على بعض أنواع العدوى، لذلك يعتقد بعض العلماء أنّ العمل على خفض درجة حرارة الجسم عند ارتفاعها قد يؤدي إلى تأخّر التعافي من بعض أنواع العدوى، إلّا أنّ ارتفاع درجة الحرارة لدى بعض الأطفال الذين يعانون من مشاكل صحيّة أخرى في القلب، والرئتين، والدماغ قد يشكّل بعض المشاكل الصحيّة الخطيرة، لذلك يجب الحرص على علاج الحمّى عند الأطفال بشكل سريع في هذه الحالة لمنع تطوّر بعض المضاعات الصحيّة.
في الحقيقة، إنّ شدّة الحمّى التي يعاني منها الطفل لا تعكس مدى شدّة أو خطورة المشكلة الصحيّة أو العدوى التي أدّت إلى ارتفاع درجة حرارة الجسم، فقد تكون بعض المشاكل الصحيّة الخطيرة مصحوبة بارتفاع بسيط في درجة حرارة الجسم، وفي المقابل قد تؤدي بعض أنواع العدوى البسيطة إلى ارتفاع كبير في درجة حرارة جسم الطفل، ومن المهمّ أيضاً التنبيه إلى أنّ مصاحبة ارتفاع درجة حرارة الطفل لبعض الأعراض الأخرى؛ مثل الخمول، والتشوّش، ورفض شرب السوائل، وصعوبة التنفّس التي تستدعي مراجعة الطبيب بشكل فوري لما قد يدلّ على وجود مشكلة صحيّة خطيرة، بالإضافة إلى الحالات التي ترتفع فيها درجة حرارة جسم الطفل بما يزيد عن 41 درجة مئويّة.
ولمعرفة المزيد عن ارتفاع درجة الحرارة عند الأطفال يمكن قراءة المقال الآتي: ( ارتفاع درجة الحرارة عند الطفل ).