لماذا فرضت الصلاة ليلة الإسراء والمعراج
لماذا فرضت الصلاة ليلة الإسراء والمعراج
فَرض الله -تعالى- الصلاة في السماء ليلة الإسراء والمعراج للعديد من الأسباب، ومنها ما يأتي:
- دلالة على أهمّيتها وعِظمها وإعلاءً لشأنها.
- فَرْضها من الله -تعالى- على نبيّه -عليه الصلاةُ والسلام- من غير وحيٍ أو واسطة دلالة على أنّه من أراد أن يُكلِّم الله -تعالى- من غير واسطة فليقم بأداء الصلاة، فَمِن كرم الله -تعالى- على نبيّه أنَّه رفعه إلى السماء وإلى مكانٍ رفيعٍ، وفرض عليه الصلاة مباشرة كي لا يَحرم أُمّته من الفضل الكبير، كما أنّها تُبيّن تكريم الله -تعالى- للإنسان.
- تنبيهاً على فضلها وتميُّزها عن باقي الفرائض، حيثُ إنّها مُناجاةٌ بين العبد وربّه، ورفعةً للإنسان الذي يُحافظ عليها، وفُرضت في مكان طاهر مطهّر، لذلك كانت الطهارة لها واجبة.
- مجيء رحلة الإسراء والمعراج بعد الهموم الكثيرة التي طالت بالنبي -عليه الصلاة والسلام-، ثمّ فرْضُ الصلاة عليه وعلى أمّته، ممّا يدلّ على أنّ الصلاة سببٌ لإزالة الهموم والغموم عن العباد، ومصدر راحةٍ وهناءٍ لعباده.
- ابتداء رحلة الإسراء في مكة، وانتهائها في المسجد الأقصى، وهذا يدلّ على أهميّتهما، فالمسجد الأقصى كان قبلةً المسلمين، ثمّ تحولت إلى الكعبة المشرفة.
- صلاة النبي -عليه السلام- إماماً بالأنبياء كلّهم في المسجد الأقصى دلّت على نسخ كلّ شرائعهم ، واتباعهم شريعة النبي محمد -صلّى الله عليه وسلّم-، وكذلك الصلاة بالنسبة للمسلمين عنوان شرائعهم في دينهم.
الصلوات المفروضة ليلة الإسراء والمعراج
فُرضت الصلوات الخمس ليلة الإسراء والمعراج، ونزل جبريل -عليه السلام- إلى النبيّ -صلى الله عليه وسلم- وصلَّى به الصلوات في أوقاتها، وتعدَّدت أقوال العُلماء في تحديد زمن حُدوثها، فقيل: إنّها كانت في السنة التي بُعث فيها النبيّ -عليه الصلاةُ والسلام-، وهو قول الإمام الطبريّ، وقيل: بعد البعثة بخمس سنين، وهو قول الإمامين النوويّ والقُرطبيّ، وقيل: ليلة السابع والعشرين من شهر رجب بعد البعثة بعشر سنين، وقيل: في شهر رمضان من السنة الثانية عشر للبعثة، أي قبل الهجرة بستةَ عشر شهراً، وقيل: في شهر مُحرّم من السنة الثالثة عشر من البعثة، وقيل: في شهر ربيعٍ الأول وقبل الهجرة بسنة.
وفُرضت الصلوات على رسول الله مع بيان أوقاتها، فوقت الظُهر يبدأ من زوال الشمس إلى أن يُصبح ظِلُّ الشيءِ مثله، وأمّا العصر فيبدأ من انتهاء وقت الظهر إلى اصفرار الشمس، ويبدأ وقت المغرب من غروب الشمس إلى غياب الشفق الأحمر، ويبدأ وقت العِشاء من غياب الشفق الأحمر إلى نصف اللّيل، ويجوز ضرورةً إلى ما قبل طُلوع الفجر، وأمّا وقت الفجر فيبدأ من طُلوع الفجر الثاني إلى الإسفار؛ أي بظهور ضوء الشمس، وجاء ذكر هذه الأوقات بقول الله -تعالى-: (فَسُبْحَانَ اللَّهِ حِينَ تُمْسُونَ وَحِينَ تُصْبِحُونَ* وَلَهُ الْحَمْدُ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَعَشِيًّا وَحِينَ تُظْهِرُونَ).
وقد أجمع العُلماء على أنَّ صلاة الظُهرِ أربع ركعات يُسِرُّ بها المصلّي، ويجلس بعد كُلِّ ركعتين، وصلاةُ العصر تُصلّى كصلاة الظُهر، وأمّا المغرب فتُصلّى ثلاثُ ركعات، ويجهر المُصلّي في الركعتين الأُوليين، ثُمّ يجلس بعدها للتشهّد، ثُمّ يقوم للثالثة ويُسِرّ فيها، ويجلس للتشهّد الأخير ويُسلّم، وصلاةُ العِشاء أربعُ ركعات يجلس فيهما المُصلّي بعد كُلِّ ركعتين، ويَجهر بالركعتين الأوليين، ويسرُّ بالركعتين الأُخريين، وأمّا صلاةُ الصُبح فتُصلّى ركعتين جهراً، ولا يجلس إلا في آخرها، وهذه صلاةُ المُقيم، وأمّا المُسافر فيُصلّي الصلاة الرّباعيّة ركعتين، أما الفجر والمغرب فيُصلّيهما كالمقيم، فهي لا تُقصر.
مكانة الصلاة في الإسلام
تُعدُّ الصلاة آكد الفروض بعد الشهادتين، وهي أحد أركان الإسلام، لِقول النبيّ -عليه الصلاةُ والسلام-: (بُنِيَ الإسْلامُ علَى خَمْسٍ، شَهادَةِ أنْ لا إلَهَ إلَّا اللَّهُ، وأنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ ورَسولُهُ، وإقامِ الصَّلاةِ، وإيتاءِ الزَّكاةِ، وحَجِّ البَيْتِ، وصَوْمِ رَمَضانَ)، كما أنَّها عِمادُ الدين، وأوّل ما يُحاسبُ عليها الإنسان يوم القيامة ، لِقول النبيّ -عليه الصلاةُ والسلام-: (إنَّ أوَّلَ ما يُحاسَبُ بهِ العبدُ يومَ القيامةِ من عمَلِهِ الصلاةُ، فإنْ صلُحَتْ فقدْ أفلَحَ وأنْجَحَ، وإنْ فسَدَتْ فقدْ خابَ وخَسِِرَ).
والصلاة هي آخر ما وصّى به النبيّ -عليه الصلاةُ والسلام- قبل أن يموت، وآخر ما يُذهب من الدين، وبِفقدها يضيعُ الدين، قال -صلى الله عليه وسلم-: (لتُنْقَضَنَّ عُرَى الإسلامِ عروةً عروةً، فكلَّما انتقضتْ عروةٌ، تشبث الناسُ بالتي تليها، فأوَّلُهُنَّ نقضًا الحكمُ، وأخِرُهُنَّ الصلاةُ)، وهي العِبادةُ الوحيدة التي لا تَسقُط عن المُكلّف بأي حالٍ كان، وتبقى مُلازمةً له حتى مماته، والصلاة صلةٌ بين العبد وربِّه، وهي بمنزلة الرأس من الجسد، وتُحقّقُ للعبد دوام ذكر الله -تعالى-، والاتصال به، والاستسلام له، ومما يزيدُ من أهميتها ومنزلتها أنَّ الله -تعالى- فَرَضها خمسين صلاةً في بدايتها، ثُمّ خُفّفت إلى خمسٍ في الأداء، وخمسين في الأجر.