لماذا خلق الله الشيطان
الحكمة من خلق الله للشيطان
خلق الله -سبحانه وتعالى- جميع مخلوقاته لحكم عظيمة، وأعظمها عبادة الله وحده، إلا أن هناك من حاد عن طريق الله واختار الضلال، كإبليس، فقد رفع راية العداء لعباد الله المؤمنين، ويدعو إلى الكفران بالله -تعالى- ومعصيته، وبالنظر إلى الحكم من خلق إبليس فإن لخلقه حكم كثير يمكن أن نذكر أهمها من خلال ما يلي:
الحصول على أكمل مراتب العبودية بمجاهدة الشيطان
لما اختار إبليس أن يكون عدوًا لله -تعالى- ولعباده، فإن الله قد جعل مجاهدته ومخالفته رغم وسوسته من أكمل مراتب العبودية للأنبياء والأولياء، كما أن في العبودية إغاظة له ولأعوانه، وهذا مما يدفع الناس للجوء لله ليخلصهم من كيده وشره، فيحصل بذلك من المنافع الدنيوية والأخروية ما لا يحصل بدونه.
خوف العباد من الذنوب
ومن ذلك أن الملائكة وعباد الله لمّا رأوا ما حلّ بإبليس بعد أن خالف أمر الله -سبحانه وتعالى-، وكيف أن الله أهانه وأحط من منزلته من كونه عبدًا لله إلى شيطان مرجوم، فإنهم يحصل لهم نوع جديد من العبودية وهو الخوف من الله -سبحانه وتعالى-، والخوف من معصيته؛ كي لا يهانوا أو يردوا إلى أرذل الدرجات.
جعله عبرة لمن يعتبر
فقد جعل الله -سبحانه وتعالى- إبليس عبرة لعباده؛ ليروا عاقبة من تكبر عن عبادة الله، وخالف أمره واتبع هواه، كما أن الله جعل ذنب أبو البشر آدم -عليه السلام- عبرة للمؤمنين؛ ليروا كيف أن معصية الله تنزل بالعبد من أعلى درجات الجنة، وأن التوبة والاتعاظ ترجع بالعبد إلى ربه؛ فيتوب عليه ويكرمه.
جعله فتنة للناس واختبارًا لهم
خلق الله الإنسان وأودع فيه نفسًا يتصارع فيها الحق والباطل، وجعل الله -سبحانه وتعالى- إبليس امتحانًا لعباده، فكما أرسل لهم الأنبياء -عليهم أفضل الصلوات والتسليم- ليدعوهم إلى عبادة الله وحده، جعل إبليس امتحانًا للمؤمنين؛ إذ يدعوهم لترك عبادة الله ومعصيته، فمن كان طيبًا انضم إلى الأنبياء، ومن حاد عن طريق الحق اتبع الشيطان وأعوانه.
إظهار قدرة الله تعالى بخلقه الأضداد
إن الحسن لا يظهر جليًا إلا بحضور الضد له وهو القبح، فإن من أعظم حكم خلق إبليس إظهار قدرة الله في خلق الأضداد؛ كخلقه للسماء والأرض، والملائكة والشياطين، والماء والنار، والظلام والنور، كما أن خلق الأضداد يبرز المحاسن، فخلق النار يبرز أهمية الماء، وكذلك خلق إبليس يبرز أهمية الفضيلة.
الابتلاء به لتحقيق الشكر
إن من أعظم حكم خلق إبليس أن يحصل بوجوده أنواع من الشكر لأولياء الله وعباده، فكم كان بين شكر آدم لما كان في الجنة، وبين شكره لما تاب الله عليه واجتباه وحماه من كيد إبليس وأعوانه.
قيام كمال العبودية لله
إن في خلق إبليس قيام لكمال العبودية في نفوس المؤمنين والأولياء؛ لأن بوجوده يتحقق كمال الإيمان من خلال مجاهدة الشيطان ومجاهدة النفس لله -تعالى-، وتقديم محبة الله على كل محبة، وتقديم طاعته ورضاه على هوى النفس.
إظهار لمجموعة من آيات الله وقدرته
ومن هذه الآيات إظهار قدرة خلق الله لإبليس من النار، وفي خلقه أيضًا تظهر بعض المتعلقات بأسمائه -سبحانه وتعالى- كالخافض والرافع، والمعز والمذل، كما أن بخلقه يظهر تمام تصرف الله في ملكه؛ وأنه لا سلطة لأحد على أحد من العباد غير الله.
كما يظهر بخلقه عظمة حلم الله وصبره على عباده؛ خاصة المذنبين منهم، وكيف أنه يتوب عليهم ويكرمهم، وأنه يعطي بعض عبادة من النعم رغم كفرهم وذنوبهم.