لماذا خلق الله آدم وذريته
الحكمة من خلق آدم وذريته
خلق الله -تعالى- آدم وذريته لأجل عددٍ من الغايات والحِكم، وهي كما يأتي:
تحقيق الخلافة في الأرض
لمَّا خلق الله -تعالى- آدم -عليه السَّلام- أخبر الملائكة بأنَّه سيجعله خليفةً في الأرض ، وأنَّ وُجوده في الجنَّة سيكون مؤقتاً، وأنَّه سينزل إلى الأرض لإصلاحها وإعمارها، وجعل الله -تعالى- هذه الخلافة بإرادة الإنسان واختياره، وتكون بالبناء والعلم، وخدمة الإنسانيَّة، فالخلافة تكون بعمارة الأرض وفق النِّظام الذي وضعه الله.
وقد ذكر أهل التَّفسير أنَّ المقصود بالخليفة هو آدم -عليه السلام- وذُريته، وأن خلافتهم تكونُ بتنفيذ أمر الله في إقامتهم للحياة على الأرض، وذلك في جميع أعمالهم ونشاطاتهم، فالمقصدُ والغاية من خلق آدم وزوجته هو استخلافهم في الأرض، لقوله -تعالى-: (وَإِذْ قالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ إِنِّي جاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً قالُوا أَتَجْعَلُ فِيها مَنْ يُفْسِدُ فِيها وَيَسْفِكُ الدِّماءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قالَ إِنِّي أَعْلَمُ ما لا تَعْلَمُونَ).
عبادة الله تعالى
ذكر الله -تعالى- صراحةً أنَّ السَّبب في خلق آدم وذُريته هو عبادته ، فقال -سبحانه-: (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلا لِيَعْبُدُونِ)، والمقصود بعبادته: هو الخُضوع له ولقضائه ومشيئته، وعدم الخُروج عما خلقهم لأجله، والعبادة في اللُغة تعني: الذُل والانقياد والخُضوع، وأمَّا معناها عند أهل السُنَّة: فهي المعرفة بالله والإخلاص له، وقال مُجاهد إن معنى العبادة: اتِّباع أوامر الله، واجتناب نواهيه.
وتكون العبادة بإظهار الذُلِّ لله -تعالى-، والاعتقاد بأنَّه النَّافعُ والضَّار، وتتحقَّق العبادة بالامتثال، وعبادة الإنسان لربِّه أمرٌ مفطور عليه؛ ذلك أنَّ العبادة من الفطرة المُتركزة في النَّفس الإنسانيَّة، وهي من الحاجات النفسيَّة الضروريَّة كحاجة الشَّخص للأكل والشُرب.
تشريف الله تعالى لبني آدم
شرَّف الله -تعالى- آدم وذُريته بالعديد من الأُمور، ومنها ما يأتي:
أمر الملائكة السجود لأبي البشر آدم عليه السلام
شرَّف الله -تعالى- آدم وأكرمه بأمره للملائكة بالسُجود له بعد اكتمال خلقه، قال الله -تعالى-: (فَإِذا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي فَقَعُوا لَهُ ساجِدِينَ)، وكان هذا هو التكريم الأوَّل لآدم وذُريته، وكان في هذا السُجود إظهاراً لفضل الإنسان، وتنبيهاً على مكانته ومنزلته، فهو ليس سجود عبادة وإنما سجود تكريم وتعظيم وبأمرٍ من الله.
خَلق الله تعالى بني آدم في أحسن تقويم
كان من تكريم الله -تعالى- لآدم وذُريته بأنَّه خلقهم في أحسن صورةٍ ، وفضَّلهم بالعقل والنُطق والقامة المُعتدلة، قال الله -تعالى-: (لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ)، قال ابن عباس: أي أحسن تقويم وتعديل لصورته، فخلقه مُعتدل القامة في أحسن صورةٍ وميّزه بذلك.
تكريم الله تعالى لبني آدم بالعقل والفكر
ميَّز الله الجنس البشريَّ وكرَّمه على من سواهم من العوالم الأُخرى، ومن صور هذا التكريم؛ العقل والنطق، فقد جعل الله لهم عُقولاً وتمييزاً، وأسبغ عليهم نعمه، وجعلهم خير الأُمم التي أُخرجت للناس، بالإضافة إلى أنهم يأكلون ويشربون، ويتكلمون ويخطّون، وسخَّر للإنسان ما في الكون له.
ومن تكريمهم تفضيلهم على باقي البهائم والسباع، و رزقهم نعمة الإدراك والتفكّر والعقل ، قال الله -تعالى-: (وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا).