لماذا حرم أكل الحمار
لماذا حُرّم أكل الحمار
حرَّم الله -تعالى- على المسلمين أكل الحِمار؛ لنجاسته، فقد ثبت أنَّ النبيَّ -صلى الله عليه وسلم- أمر الصَّحابة في معركة خيبر بعدم الأكل منها؛ لأنَّها قذرةٌ بسبب أكلها للعَذَرَة -أي الرَّوَث-، وقال بعض العلماء إنَّ النبي -صلى الله عليه وسلم- حرَّمها في خيبر لظرفٍ خاصٍّ، وهو الخوف من فنائها لكثرة ما ذُبح منها، وقيل حرَّمه لأنَّها لم تُخمَّس؛ أي لم تدخل في قسمة الغنيمة، والأخذ من الغنيمة قبل أن يتمَّ تقسيمها حرامٌ شرعاً. وحُرِّم أكلها أيضاً؛ لأنَّ النَّاس يتَّخذونها للزينة والرَّكوب عليها والتَّنقُّل بواسطتها، حيث قال الله -تعالى-: (وَالْخَيْلَ وَالْبِغَالَ وَالْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوهَا وَزِينَةً).
حكم أكل لحم الحمير
حكم أكل لحوم الحمير الأهليَّة
ذهب الحنفيَّة والشافعيَّة والحنابلة والمالكيّة وجمهور أهل العلم إلى القول بتحريم أكل لحوم الحمير الأهليَّة، وهو القول الرَّاجح عند المالكيَّة، واستدلوا بما ثبت عن عبد الله بن عمرو -رضي الله عنه- أنَّه قال: (نَهى رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ عن لحومِ الحُمُرِ الأَهليَّةِ)، وذهب المالكيَّة في رأيٍ آخرٍ إلى القول بأنَّ لحم الحمير الأهليَّة يؤكل ويكون مكروهاً كراهةً تنزيهيَّةً.
حكم أكل لحم الحمار الوحشي
يجوز أكل لحوم الحمار الوحشي ب إجماع علماء الأمَّة ؛ لأنَّ النبيَّ -صلى الله عليه وسلم- نهى في أحاديثه عن أكل لحم الحُمُر الأهليَّة، ويسمَّى الحمار الوحشيّ بالفراء، ويوجد صنفان من الحُمُر؛ وهي الحُمُر الأهليَّة والوحشيَّة، فلمَّا كان النهيُ مختصَّاً بالحُمُر الأهليَّة دلَّ ذلك على أنَّ الحُمُر الوحشيَّة خارجةٌ من نَهْيِ النبيِّ -صلى الله عليه وسلم- ويجوز أكلها، فقد ثبت عن عمرو بن أمية -رضي الله عنه- أنَّه قال: (أنَّ الصَّعبَ بنَ جثَّامةَ أَهْدى للنَّبيِّ - صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ عَجُزَ حمارِ وحشي وَهوَ بالجَحفةِ فأَكَلَ منهُ وأَكَلَ منه القومُ).
و الحُمُر الوحشيَّة تختلف في خَلقها عن الحُمُر الأهليَّة؛ فلو توحَّش حمارٌ أهليٌّ لا يجوز أكله؛ لأنَّ الأصل في الحُمُر الأهليَّة التَّحريم، ولو استأهل حِمارٌ وحشيٌّ فيجوز أكله؛ لأنَّ الأصل في الحِمار الوحشيِّ أنَّه يحلُّ أكله، وما يتولَّد من اجتماع حمارٍ أهليٍّ مع فرسٍ، أو فرس مع أتانٍ* أهليَّة؛ فلا يجوز أكله؛ لأنَّ فيهما ما لا يحلُّ أكله وهو الحِمار الأهليِّ، أمَّا ما يتولَّد من اجتماع حمارٍ وحشيٍّ مع فَرَسٍ، أو فرسٍ مع أتانٍ وحشيٍّ، فيجوز أكله؛ لأنَّهما مباحان معاً، فيجوز أكل ما تولَّد منهما.
حكم لبن الحمير
تعدَّدت آراء العلماء في حكم لبن الحمير؛ فذهب جمهور الفقهاء من الشَّافعيَّة والمالكيَّة والحنابلة وأكثر أهل العلم إلى القول بعدم جواز لبن الحمير الأهلية؛ لأنَّها نَجِسَةٌ، وذهب الحنفيَّة إلى القول بكراهة لبن الحمير الأهلية. وذهب عطاء و طاوس والزهري إلى القول بحلّ لبن الحمير الأهليَّة.
القاعدة في معرفة ما حُرِّم من الحيوانات
القاعدة الأساسيَّة التي يتَّبعها العلماء في معرفة ما حُرِّم من الحيوانات؛ هي تحريم كلّ ما جاء النَّص الشَّرعيُّ صريحاً على تحريمه بعينه من الحيوانات؛ مثل الحمار الأهلي، والخنزير، أو جاء النَّص الشَّرعي بتحريم جنسه؛ مثل تحريم كلِّ ذي نابٍ من السِّباع؛ كالأسد، والذئب، والفيل، والكلب، ومما يحرّم من الحيوانات أكله ما يأتي:
- يُحرَّم من الطيور كلُّ من كان له مخلبٌ من الطيور؛ أي ما له ظِفرٌ يَفْترس به؛ مثل العُقاب، والبازي، والصقر.
- يحرَّم من الحيوانات أيضاً من كان خبثه معروفاً من الحيوانات؛ مثل الفأرة والحشرات.
- يحرَّم من الحيوانات من كان خبثه عارضاً كالجلَّالة؛ وهي الحيوانات التي تتغذَّى على النَّجاسة، فلا يجوز أكل لحمها حتى يقوم الرَّاعي بحبسها وإطعامها عَلَفاً طيِّباً طاهراً ويغلب على ظنِّ راعيها أنَّها أصبحت طاهرةً.
- يحرَّم من الحيوانات من كان معروفاً بأكل الجيف*؛ مثل الغُراب.
- يحرَّم من الحيوانات من تولَّد بين حيوان حلالٍ أكله وحيوانٍ يحرَّم أكله؛ مثل البغل، فهو متولِّدٌ من أنثى الخيل والحمار، وذهب بعض العلماء إلى القول بأنَّه يتبع أمَّه.
- تحرَّم الحيوانات التي أمر الله -تعالى- بقتلها ؛ مثل الحيَّة والعقرب، ويحرَّم ما نهى الله -تعالى- الإنسان عن قتله، مثل النَّحلة والنَّملة.
- يحرَّم أكل كلُّ ما لم يُذكَر اسم الله -تعالى- عليه من الحيوانات حين ذبحها، أو تمَّ ذبحها لغير الله -تعالى- فذُكِر غير اسم الله -تعالى- عليها حين الذَّبح.
- يحرَّم من الحيوانات الميْتَة التي لم تُذكَّى الذَّكاة الشرعيَّة الإسلامية، وتتضمَّن كلَّ من مات من الحيوانات بالخنق أو بالضرب على الرأس أو بالصعق الكهربائي، أو برمي الحيوان بالماء الحار، أو جعل الحيوانات تموت بالغاز الخانق؛ فلا يجوز أكل الحيوان في هذه الأحوال عند موته؛ لأنَّه لم يُذكَّى الذَّكاة الشَّرعيَّة الإسلاميَّة، ولأنَّ دم الحيوان في هذه الحالات يبقى حبيساً محتقناً في الحيوان ولا يخرج؛ فيؤدِّي إلى إيذاء جسم الإنسان عند أكله.
وذهب العلماء إلى تحريم أكل لحم البِغال، وذهب جمهور العلماء من الحنفيَّة، والشَّافعيَّة، والحنابلة إلى القول بحرمة لحم الكلب، وورد قولٌ للإمام مالك -رحمه الله- بحلِّ أكل لحم الجرو، أمَّا القِط الأهلي ويسمى السِّنَّور؛ فجمهور العلماء من الحنفيَّة والشَّافعيَّة والحنابلة على تحريم أكل لحمه، وذهب الإمام مالك إلى كراهة أكل لحم القط الأهلي، وذهب جمهور العلماء من الشَّافعيَّة والمالكيَّة والحنابلة إلى القول بتحريم أكل الضَّبِّ، وقال أصحاب الإمام أبي حنيفة إلى القول بكراهة أكل الضَّبِّ، وذهب الإمام أبي حنيفة إلى القول بحل أكل لحم الضَّبِّ، وذهب جمهور العلماء من الشَّافعيَّة والمالكيَّة إلى القول بحلِّ أكل القنفذ، أمَّا الإمام أحمد فقال بكراهة أكل القنفذ، وذهب الحنفيَّة إلى القول بتحريم أكل القنفذ.
_________________________________________
الهامش
* الكراهة التنزيهيّة: هو ما نهى عنه الشّرع نهياً خفيفاً لكن ليس على وجه الإلزام بالتّرك.
* الأتان: أي أنثى الحمار.
* الجيف: الجثّة الميّتة.