للذكر مثل حظ الانثيين
للذكر مثل حظ الأنثيين
كان العرب قديمًا يحرمون الأبناء من الميراث، ويجعلونه كاملاً للمقاتلين المحاربين الذي يغزون الأعداء، كما كانوا يرثون النساء غصباً، كأن يأتي الوارث كالابن مثلاً، فيلقي شيئاً من ثيابه على زوجة أبيه الذي يرثه ويقول: (ورثتها كما ورثت ماله)، فيكون بهذه الكلمات أحقّ بها من نفسها، ويحقّ له أن يمنعها من الزواج حتى تفتدي نفسها منه بمالها، أو يزوّجها ويأخذ مهرها لنفسه، أو يبقيها عنده إلى أن تموت فيرث بذلك جميع مالها، فجاء الإسلام يحرّم ذلك كلّه ويمنعه، ويعطي المرأة حقّها في الأمور جميعها بما فيها الميراث.
وكذلك كان الحال عند غير العرب قبل الإسلام أيضاً، فالمرأة عند الصينيين واليابانيين في ذلك الزمان لا يحقّ لها الميراث، ولا يحقّ لها تملّك المال من الأساس، وعند اليهود لا يحقّ للمرأة أن ترث إن كان لها إخوة من الذكور، وأمّا النصارى فقد كانوا أيضاً يمنعونها من تملّك المال.
ولأنّ الإسلام حريص على العدل الصحيح القائم بين الناس على أساس الحقوق والواجبات، فقد أمر بأن يكون نصيب المرأة من الإرث يساوي نصف نصيب الرجل، قال الله تعالى: (يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنثَيَيْنِ)؛لأنّ الرجل في الإسلام مكلّف بالإنفاق على المرأة، وكلّ الواجبات المالية مطلوبة منه، فنفقة المرأة على أبيها أو ولي أمرها قبل أن تتزوج، فإن لم تتزوج كانت نفقتها دائماً على أقاربها، وتصبح على زوجها إن تزوّجت، ويستوي ذلك إن كانت فقيرة أو غنيّة تملك المال.
والمقصود بالنفقة توفير كلّ ما يلزمها وأولادها من مأكلٍ، ومشربٍ، وملبسٍ، ومسكنٍ، ودواءٍ، وخدمةٍ، وحُكم النفقة واجبة على الرجل بالكتاب، والسنة ، والإجماع كذلك، كما أنّها إن لم يكن لها زوج ولا ولي ينفق عليها كانت نفقتها واجبة على الدولة المسلمة.
وعليه فالواجبات المالية في الإسلام كلّها تقع على عاتق الرجل؛ ولذلك جُعل نصيبه من الإرث مضاعفاً بالنسبة لنصيب المرأة وبهذا يتحقق العدل الكامل، بل إنّ الله أعطى المرأة أكثر ممّا يلزمها، فالرجل يأخذ الضعف لكنّه ينفق على أهله وعياله ومستلزمات معيشتهم، أمّا المرأة فإنّها وإن كانت تأخذ النصف إلّا أنّها ليست في حاجة له، بل ربما بقي عندها دون استعمال، أو تنفقه على الكماليات غير الضروريات.
ويتضح من ذلك أنّ المساواة لا تحقّق العدل إلّا إن كانت بين المتساوين في التكاليف والواجبات أيضاً، وهذا هو المعمول به اليوم في دساتير الدول وقوانينها، فالموظف صاحب العائلة الكبيرة يستحقّ من المخصصات المالية أكثر من غيره، كما أنّ الشرع الإسلاميّ لم يفرّق بين الرجل والمرأة في الكسب على العمل، أو حق التملّك، أو ربح التجارة، إلّا أنّ النساء في أوروبا لا زلن حتى الآن يتظاهرن من أجل الحصول على الحقوق.
حالات ترث فيها المرأة أكثر من الرجل
يدّعي الذين يتهمون الإسلام بالتمييز بين الرجل والمرأة في الميراث أنّ السبب في إعطاء المرأة في الإسلام نصف حقّ الرجل من الميراث اعتبارها نصف إنسان لا إنساناً كاملاً، والحقيقة على غير ذلك، بدليل أنّ المرأة في نظام الميراث الإسلامي قد تأخذ مثل ما يأخذ الرجل أو أكثر منه في بعض الحالات، منها:
- ترث المرأة مثل الرجل عندما تكون أمّاً مع وجود الابن، فهي تأخذ مثلما يأخذ الأب حينها، فيأخذ كلاً منهما السُدس ويبقى الباقي للابن، وكذلك في حال الأخ والأخت لأم، فحينها يرث الإثنين بالتساوي؛ لقول الله تعالى: (وَإِنْ كَانَ رَجُلٌ يُورَثُ كَلالَةً أَوِ امْرَأَةٌ وَلَهُ أَخٌ أَوْ أُخْتٌ فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ فَإِنْ كَانُوا أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ فَهُمْ شُرَكَاءُ فِي الثُّلُثِ).
- ترث المرأة أكثر ممّا يرث الرجل، وذلك كالزوج مع ابنتيه، فهو يأخذ الثلث بينما تأخذ ابنتاه الثلثان، وكذلك الزوج مع ابنته الوحيدة، فهو يأخذ الربع حينها وهي تأخذ النصف، ويرد الربع الأخير لها أيضاً.
- ترث المرأة ولا يرث الرجل، مثل أن تموت امرأة عن زوج وبنت، وأم وأب، وبنت وابن، حينها تأخذ بنت الابن السدس من التركة، بينما لو كانت ابنة ابن لكان نصيبه من التركة صفراً.