كيفية طلب العلم الشرعي
العلم الشرعيّ
يرى بعض العلماء أنّ العلم من الألفاظ شديدة الوضوح التي لا يلزمها التعريف، إلّا أنّ بعضهم الآخر عرّفه بأنّه المعرفة، وذهب بعضهم في تعريفه إلى أسلوب المقابلة فقالوا: العلم ضدّ الجهل، أمّا عند المناطقة فهو إدراك الشيء بحقيقته، أمّا تخصيص العلم بلفظ الشرعيّ فهو لفظ مأخوذ من الشّرع، والشّرع هو المنهج أو الطريق البيّن، واستُخدم هذا المصطلح عند الحديث عن الوحي الإلهيّ وأخباره، ويشمل ذلك كلّ ما ورد عن الوحي من عبادات أو عقائد أو معاملات أو أخلاق أو غير ذلك، كما يجوز أن يُراد به الأحكام العمليّة التي جاء بها الوحي كذلك، وهو ما يسمّى الآن بالفقه ، وبالتالي فالعلم الشرعيّ هو كلّ ما جاءت به الشّريعة أو دلّت عليه بأنواع الدلالات المختلفة ممّا عُرف عند علماء الفقه وأصوله، وللعلم الشرعيّ ثلاثة أقسام هي:
- العلم بالإله؛ بأسمائه الحسنى وصفاته العُلا وأفعاله المختلفة، وهذا الجانب ممّا اعتنى به القرآن الكريم وذكره كثيراً.
- العلم بأخبار الله تعالى، حول كلّ ما كان وما هو كائن وما سيكون في المستقبل، ومثال ذلك: أخبار الأمم السابقة والأنبياء عليهم السّلام، وأخبار الجنّة والنّار.
- العلم بما أمر الله -تعالى- به وبرسوله -صلّى الله عليه وسلّم- من أعمال القلوب؛ كاليقين والتوكّل ، ومن أعمال الجوارح؛ كالأقوال والأفعال.
كيفيّة طلب العلم الشرعيّ
حتى يتمكّن الإنسان من طلب العلم الشرعيّ على الوجه الصحيح لا بدّ له من خطوات، منها:
- الإخلاص لله عزّ وجلّ؛ بأن ينوي الإنسان رفع الجهل عن نفسه والتعبّد لله -عزّ وجلّ- بما يحبّ ويرضى ويدعو النّاس إلى الله على بصيرة.
- الهمّة العالية في طلب العلم؛ فيحرص طالب العلم على الحفظ والاستذكار والتعلّم بجديّة وعزيمة حقيقية لا يشغله بها شاغل عن طلب العلم.
- الرغبة الحقيقية في طلب العلم التي تتحصّل بالقراءة في فضل العلم الشرعيّ وأجر طالبه.
- اتخاذ أصدقاء مُعينين على طلب العلم الشرعي؛ فيحرص الإنسان على أن يكون له أصحاب مقرّبين من المجتهدين وأصحاب الهمم العالية في مجال طلب العلم فترتفع بذلك همّته معهم.
- تلقّي العلم من أهله، بل من أكابر أهله؛ أي المتمرّسين المتمكّنين فيه لا الحديثين عليه غير المتمكّنين منه.
- عرض النفس على العلماء؛ فيذهب طالب العلم الشرعيّ إلى العلماء الأكابر ويعرض نفسه عليهم ويخبرهم بمكانه من العلم ويطلب منهم أن يتتلمذ على أيديهم أو يأخذ منهم النصيحة والإرشاد.
- العمل بالعلم؛ فترك العمل بعد العلم سبب لمحق بركته وضياعه، ويكون حينها العلم حُجّة على الإنسان أمام الله تعالى.
- الدعاء وسؤال الله -عزّ وجلّ- العون والهداية.
- التدرّج ومراعاة سلّم التعلّم.
- الحرص على تعلّم علم التوحيد على منهج الصحابة وأئمة المذاهب المعتبرة.
- اتخاذ مذهب فقهيّ معيّن، فذلك يُعين طالب العلم على التفقّه أكثر ويمكّنه من مهارة الاستنباط ولغة الفقه.
- اختيار ودراسة كتاب معيّن في كلّ علم يريد الإنسان البدء به من توحيد أو فقه أو غير ذلك، وعندما يتقنه ينتقل إلى كتاب آخر وهكذا.
فضل العلم الشرعيّ
ورد في النصوص الشرعية العديد من الفضائل للعلم الشرعي، نذكر منها ما يلي:
- قرن الله -عزّ وجلّ- شهادة أُولي العلم على وحدانيته بشهادته وشهادة الملائكة على ذلك، وفي ذلك رفع لشأنهم، قال الله تعالى: (شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلَائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ قَائِمًا بِالْقِسْطِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ).
- أخبر الله -عزّ وجلّ- أنّه يرفع أهل العلم درجات، قال الله تعالى: (يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ).
- لم يأمر الله -عزّ وجلّ- رسول الله -عليه الصّلاة والسّلام- أن يطلب الزيادة في شيء إلّا في العلم، قال الله تعالى: (وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْمًا).
- وضّح الله -عزّ وجلّ- أنّ العالِم أفضل من الجاهل، قال الله تعالى: (قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ).
- ذكر الرّسول -صلّى الله عليه وسلّم- أنّ المجتمعين على العلم والتعلّم تتنزل عليهم الرحمة وتغشاهم الملائكة ويذكرهم الله -عزّ وجلّ- فيمن عنده، حيث قال: (ما اجتمعَ قومٌ في بيتٍ من بيوتِ اللَّهِ، يَتلونَ كتابَ اللَّهِ، ويَتدارسونَهُ بينَهُم، إلَّا حفَّتهمُ الملائِكَةُ، ونزَلت عليهمُ السَّكينةُ، وغشيتهمُ الرَّحمةُ، وذَكَرَهُمُ اللَّهُ فيمن عندَهُ).
- فضّل الرّسول -صلّى الله عليه وسلّم- العالِم على العابد، حيث قال: (فضلُ العالمِ علَى العابدِ كفضلي علَى أدناكُم)..
- ورد عن الرّسول -صلّى الله عليه وسلّم- أنّ الملائكة تضع أجنحتها لطالب العلم رضاً بما يصنع، وأنّها تدعو له.
- نُقل عن الرّسول -صلّى الله عليه وسلّم- أنّ الله -عزّ وجلّ- يسهّل لطالب العلم طريقاً إلى الجنة ، حيث قال: (من سلَك طريقاً يطلُبُ فيه عِلماً سلَك اللهُ به طريقاً مِن طُرقِ الجنَّةِ).
حُكْم طلب العلم الشرعيّ
يأخذ طلب العلم الشرعيّ حكمين رئيسيين؛ بيانهما على النحو الآتي:
- حُكْم فرض الكفاية ، وهو ما يجب على بعض المسلمين وليس عليهم جميعاً، فإن قام به بعضهم سقط عن الكلّ، وهذا فيما يخصّ العلم الشرعيّ بتفاصيله وأقسامه عامّة.
- حُكْم فرض العين؛ وهو ما كان واجباً على أفراد المسلمين جميعاً كلاً بحسب حاجته، فيكون فرض عين في حقّ من أراد أداء عبادةٍ ما أو القيام بمعاملةٍ ما ويجهل الحكم فيها، حينها يكون طلب العلم الشرعيّ فيما أراد الإقدام عليه واجباً في حقّه لازماً له، وذلك حتى يعلم حُكم ما يقوم به والصورة الجائزة له في الشّرع.