كيفية طاعة الزوجة لزوجها
كيفية طاعة الزوجة لزوجها
طاعة الزوجة لزوجها تكون بأمورٍ كثيرةٍ بيانها فيما يأتي:
- تمكين الزوجة نفسها لزوجها للقيام بالعلاقة الزوجية التي أقرّها الإسلام، ولا يَحقُّ لها رفض ذلك في حال عدم وجود المانع والعذر الشرعيّ، لأنّ من أسباب الزواج أن يَعُفَّ كلّ من الرجل والمرأة أنفسهم من الوقوع في الحرام، وقد أخرج الإمام البخاري -رحمه الله- في صحيحه عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أنَّ النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (إذا دَعا الرَّجُلُ امْرَأَتَهُ إلى فِراشِهِ، فأبَتْ أنْ تَجِيءَ، لَعَنَتْها المَلائِكَةُ حتَّى تُصْبِحَ).
- حِرْص الزوجة على عدم استقبال من لا يُفضِّل الزوج تواجده في بيته، نساءً كانوا أو رجالاً، فقد ورد عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (فأما حقُّكم على نسائكم فلا يوطئنَ فرُشَكم من تكرهون ولا يأذنَّ في بيوتكم لمن تكرهون)، ولا يجوز للزوجة أن تُدخل رجلاً أجنبياً عندها إلى المنزل في حال غياب زوجها حتى لو كان أخو زوجها أو من أقاربه غير المحارم، فقد أخرج الإمام البخاري -رحمه الله- في صحيحه عن عقبة بن عامر -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (إيَّاكُمْ والدُّخُولَ علَى النِّساءِ فقالَ رَجُلٌ مِنَ الأنْصارِ: يا رَسولَ اللَّهِ، أفَرَأَيْتَ الحَمْوَ؟ قالَ: الحَمْوُ المَوْتُ).
- استئذان الزوجة لزوجها قبل خروجها من البيت، لأنّ الزوجة تحت مسؤولية زوجها، فلا تخرج دون إعلامه إلا في حالات الضرورة؛ كزيارة أبويها في حال مرضهم، أو الخروج لعلاج نفسها أو أطفالها من مرضٍ خطير، وقد استدلَّ الفقهاء بأحاديث عدَّة تؤكّد على وجوب استئذان المرأة لزوجها في حال خروجها من المنزل، حيث روى عبد الله ابن عمر -رضي الله عنه- أنَّه سمع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: (لا تَمْنَعُوا نِساءَكُمُ المَساجِدَ إذا اسْتَأْذَنَّكُمْ)، واستدلَّوا أيضاً بما روته عائشة أمُّ المؤمنين -رضي الله عنها- من حديثٍ طويل قالت لرسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (ائْذَنْ لي إلى أبَوَيَّ، قَالَتْ: وأَنَا حِينَئِذٍ أُرِيدُ أنْ أسْتَيْقِنَ الخَبَرَ مِن قِبَلِهِمَا، فأذِنَ لي رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فأتَيْتُ أبَوَيَّ).
- احترام الزوجة لزوجها وتلبية رغباته، وإيجاب طلباته قدر المستطاع وبما يُرضي الله -تعالى-، والتزيّن والتطيّب له، وملاقاته بوجهٍ طَلِق والحرص على طاعته بالمعروف، ومشاركة الزوج المناسبات الاجتماعية أفراحاً كانت أو أحزاناً.
- حفظ الزوجة لزوجها في حقوقه، وواجباته، وماله، والحرص على الحفاظ على نفسها عند غيابه وعدم تواجده في المنزل، قال -تعالى-: (فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِّلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللَّـهُ)، وعن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: (أيُّ النساءِ خيرٌ؟ قال: الذي تسرُّهُ إذا نظَرَ وتطيعُهُ إذا أَمَرَ ولا تخالِفُهُ فيما يكرَه في نفسِهَا ومالِهِ).
- إحسان الزوجة لزوجها وأولادها، واستئذان الزوجة زوجها في حال رغبتها بصيام التّطوع، فعن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (لا يَحِلُّ لِلْمَرْأَةِ أنْ تَصُومَ وزَوْجُها شاهِدٌ إلَّا بإذْنِهِ، ولا تَأْذَنَ في بَيْتِهِ إلَّا بإذْنِهِ، وما أنْفَقَتْ مِن نَفَقَةٍ عن غيرِ أمْرِهِ فإنَّه يُؤَدَّى إلَيْهِ شَطْرُهُ).
- تَوَلّي الزوجة أمور المنزل، وذلك إحساناً منها لزوجها الذي يسعى ويجتهد ليوفّر لها ولأولاده المال وسُبل الراحة في الحياة الدنيا، فتحرص الزوجة على توفير جوٍّ منزلي يَسوده الهدوء، والسكينة، والراحة، والطمأنينة، ويَحقّ للزوجِ وعظ وإرشاد زوجته وتأديبها في حال نشوزها؛ أي عصيانها له بغير حقّ، قال -تعالى-: (وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلَا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلًا إِنَّ اللَّـهَ كَانَ عَلِيًّا كَبِيرًا).
حكم طاعة الزوجة لزوجها
حكمُ طاعة المرأة لزوجها واجبةٌ شرعاً بإجماع الفقهاء، استناداً على النصوص من الكتاب والسُّنّة ، وقد استدلّوا بقوله -تعالى-: (الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّـهُ بَعْضَهُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ وَبِمَا أَنفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ)، وقوله -تعالى-: (وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ وَاللَّـهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ). وتكون طاعة الزوج بالأمور كلّها بالمعروف ما عدا ما فيه معصيةٌ لله -تعالى-، فقد نُقل عن النبي -عليه الصلاة والسلام- أنَّه قال: (لا طاعةَ لمخلوقٍ في معصية الخالق).
وقد أخرج الإمام البخاري -رحمه الله- عن علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (لا طَاعَةَ في مَعْصِيَةٍ، إنَّما الطَّاعَةُ في المَعروفِ). وقال الله -سبحانه وتعالى-: (فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلَا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلًا إِنَّ اللَّـهَ كَانَ عَلِيًّا كَبِيرًا)، إذ لا يجوز للزوج التعدّي على زوجته بالزجر أو التأديب في حال طاعتها له بالمعروف.
شروط وأحكام خاصة بطاعة الزوجة
يُشترط لطاعة الزوجة لزوجها أحكامٌ وأمورٌ عدَّة بيانها فيما يأتي:
- الحرص على عدم التّضييق على الزوجة، وعدم ممارسة حقّ الطاعة في سبيل أذيّتها أو حبسها في المنزل، وأن لا يَشُقّ عليها الزوج في طلباته أو يُجبرها على فعل ما لا تُطيق، قال -تعالى-: (فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلَا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلًا إِنَّ اللَّـهَ كَانَ عَلِيًّا كَبِيرًا).
- طاعة الزوج تكون بالمعروف فقط، فيَحرم على الزوج مطالبة زوجته بشيء غير مباحٍ، ولا يجوز طاعته بأمورٍ يطلبها وهي بالأصل محرَّمة؛ كأن يطلب منها الإفطار في شهر رمضان، أو الجِماع قبل أن تطهر من الحيض أو النّفاس، فلا طاعة لمخلوقٍ في معصية الخالق كما قال رسول الله: (لا طاعةَ لمخلوقٍ في معصيةِ الخالقِ).
- وقد روت أم المؤمنين عائشة -رضي الله عنها- قصة المرأة الأنصارية التي أراد زوج ابنتها وصل شعرها، وقد نهاها النبي -عليه الصلاة والسلام- عن ذلك، فعن عائشة -ضي الله عنها-: (أنَّ امْرَأَةً مِنَ الأنْصَارِ زَوَّجَتِ ابْنَتَهَا، فَتَمَعَّطَ شَعَرُ رَأْسِهَا، فَجَاءَتْ إلى النبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ فَذَكَرَتْ ذلكَ له، فَقالَتْ: إنَّ زَوْجَهَا أمَرَنِي أنْ أصِلَ في شَعَرِهَا، فَقالَ: لَا، إنَّه قدْ لُعِنَ المُوصِلَاتُ).