كيفية صلاة الشروق
كيفية صلاة الشروق
تُصلَّى صلاةُ الشُّروقِ -صلاة الضحى- كما تُصلّى الصلاةُ العاديّةِ، فيبدأ المُصلِّي بالوضوء ثمَّ بالنيّة في قلبه، ثُمّ يُكبِّر تكبيرة الإحرام، مع رفع اليدين إلى حذو المنكبين، ووضع اليد اليُمنى على اليُسرى على صدره، ثُمّ يقرأ دُعاء الاستفتاح بأي صيغةٍ مأثورةٍ من صِيَغه، كقول: "سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ، وَتَبَارَكَ اسْمُكَ، وَتعَالَى جَدُّكَ، وَلا إلَهَ غَيْرُكَ"، ثُمّ يستعيذُ بالله من الشيطان، ثُمّ يُبسمل، ويقرأ بعد ذلك سورة الفاتحة مع قراءة ما تيسّر له من القُرآن بعدها، ثُمّ يسكت بعدها قليلاً ويُكبِّر للركوع، ويقول في رُكوعه: "سبحان ربي العظيم"، أو بأي دُعاءٍ من الأدعية الوردة في السُّنة، ثُمّ يرفع رأسه من الرُّكوع مع اعتداله في القيام والطّمأنينةِ فيه مع قوله: "سمع الله لمن حمده"، ثُمّ يقول: "ربنا ولك الحمد".
ثُمّ يهوي إلى السُجود بقوله: "الله أكبر"، ويسجدُ على سبعةِ أعضاء، وهي: الكفّان، والركبتان، والقدمان، والجبهة مع الأنف، ويُباعد بين عضُديه* وجنبيه، ويُمَكّن رُكبيته وأطراف قدمية على الأرض، ويقول في سُجوده: "سبحان ربي الأعلى"، ثُمّ يرفع رأسهُ من السُّجود، مع فرش رجله اليُسرى ونصب اليُمنى، ويقول: "ربِّ اغفر لي، رب اغفر لي"، ثُمّ يسجد السّجدة الثانية، ثُمّ يقوم للركعة الثانية بعد الرفع من السجود والاطمئنان قليلا في السجود، ويفعل كما فعل في الركعةِ الأولى من غير استفتاح، ثُمّ يجلسفيقرأ التشهُّد، مع قبض أصابع يده اليُمنى، والإشارة بسبابته، ثُمّ يقرأ الصلاة الإبراهيميّة، ويُسنُّ له الدُّعاء بعد ذلك، ثُمّ يُسلِّم عن يمينه وشماله.
عدد ركعات صلاة الشروق
تُصلَّى صلاةُ الشُروقِ ركعتان، وهو أقلُّها، وأوسطها ثمانِ ركعاتٍ، وأكثرها اثنتي عشرة ركعة، وتفصيل آراء الفقهاء فيما يأتي:
- ذهب المالكيّة إلى كراهة صلاتها أكثر من ثمانيَ ركعاتٍ، وقالوا إن أوسطها ستُّ ركعاتٍ.
- ذهب الحنفيّة والحنابلة إلى أن أكثر ركعاتها اثني عشر، وورد عن بعض الحنفيّة صلاتها بثمانيَ ركعاتٍ، وهو أفضلُها؛ لِثبوت ذلك عن النبيّ -عليه الصلاةُ والسلام-.
- تعدّدت أقوال الشافعيّة، فقال النوويّ إن أكثرها اثنتي عشر ركعة، وقال بعضهم إنّها ثمانيَ ركعاتٍ، وقيل: ثماني ركعات وهو أفضلها، وأكثرها اثنتي عشر ركعة، مع السّلام من كُلِ ركعتين.
فالأحاديث الواردة في عدد ركعاتها مُتعدّدة، فقيل: إنّها ركعتان، وقيل: ست ركعاتٍ، وقيل: ثماني ركعات، وقيل: اثنتا عشرة ركعة، وقال كثيرٌ من العُلماء إنّ أقلها ركعتين؛ لِقول النبيّ -عليه الصلاةُ والسلام-: (ويُجْزِئُ من ذلك كلِّه ركعتانِ تَرْكَعُهُما من الضُّحَى)، وأمّا أكثرها فلم يرد في ذلك دليلٌ يُحدّدها، ولكن ورد عن النبيّ -عليه الصلاةُ والسلام- أنّه صلّاها أربع ركعاتٍ، وصلّاها في فتحِ مكة ثمانيَ ركعاتٍ، فلذلك قال المالكيّة والحنابلة إن أكثرها ثماني ركعات، واستدلّوا بِفعل النبيّ -عليه الصلاةُ والسلام-: (إنَّ النبيَّ -صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ- دَخَلَ بَيْتَها يَومَ فَتْحِ مَكَّةَ، فاغْتَسَلَ وصَلَّى ثَمانِيَ رَكَعاتٍ).
السور التي تُقرأ في صلاة الشروق
ورد عن بعضِ الصّحابةِ الكِرام؛ كعُقبة بن عامر، أن النبيّ -عليه الصلاةُ والسلام- حثّهم بِقراءة سورة الشمس، والضُّحى في صلاةِ الشُّروق؛ لِمناسبة ذلك للوقت الذي تُصلَّى فيه. إلا أنّ الأصل قراءة ما تيسّر من القرآن في صلاة الشروق.
وقت صلاة الشروق
تُسمّى صلاةُ الشُّروق بالضُحى أيضاً، فتُصلَّى في بدايةِ النّهار بعد طُلوعِ الشّمس وارتفاعها بقدر رُمح* أو رُمحين، كما تُصلَّى بعد ارتفاعِ الشَّمس إلى رُبع السماء إلى ما قبل الزِّوال*، وورد ذلك عن النبيّ -عليه الصلاةُ والسلام- بصلاتها في الوقتين، فتبدأ من شُروق الشمس وارتفاعها بقدر رمح إلى قُبيل الزوال، وتُسمّى صلاة الإشراق؛ لصلاتها بعد شُروق الشمس بربع أو ثُلث ساعة إلى قُبيل الظُّهر ، كما تُسمّى صلاة الضحى، وأفضل أوقاتها عند شدّة الحرّ، وهو ما يكون عند الساعة العاشرة، كما تُسمّى بصلاةِ الأوابين، وممّا يدل على أفضليّة وقتها قول النبيّ -عليه الصلاةُ والسلام-: (صلاةُ الأوّابِينَ حِينَ تَرمُضُ الفِصالُ*).
وهذا الوقت مُتّفقٌ عليه بين الفُقهاء، وهو وقتُ ارتفاعِ الشَّمس واشتداد الحر، وذلك عندما تحمى الرمضاء وهي الرِّمال فتبرك الفِصال من شدّة الحر، وجاء عن الطحاويّ أن وقتها إذا مضى رُبع النهار، وقيل: إنّها تبدأ عند ارتفاع الشمس مع بيان بياضها وزوال حُمرتها إلى الزّوال، ويُقدّر وقتها بعد طُلوع الشّمس باثنتي عشرة إلى خمس عشرة دقيقة، وقُبيل الزّوال بعشر دقائق؛ لأن طلوع الشمس والزوال من أوقات النّهي.
حكم صلاة الشروق
ذهب جُمهور الفُقهاء إلى استحباب المُحافظةِ على صلاة الضُحى، وهي من السُّنن المُؤكّدة؛ لِصلاة النبيّ -عليه الصلاةُ والسلام- لها، والترغيب والوصيةِ بها، ولم يُداوم على أدائها مخافة أن تُفرَض، فقد جاء في الحديث: (أَوْصَانِي خَلِيلِي -صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ- بثَلَاثٍ: بصِيَامِ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ مِن كُلِّ شَهْرٍ، وَرَكْعَتَيِ الضُّحَى، وَأَنْ أُوتِرَ قَبْلَ أَنْ أَرْقُدَ)، وينال الإنسان الأجر العظيم على صلاتها، ويَحْرِم نفسه من الأجر إن تركها.
فضل صلاة الشروق
إنّ لِصلاة الشُروق أو الضُحى العديد من الفضائل، منها:
- أقسمَ الله -تعالى- بوقتها في القُرآن الكريم، وهذا إشارةٌ إلى عِظمها، فالعظيم لا يُقسمُ إلا بعظيم، لِقولهِ -تعالى-: (وَالضُّحَى).
- ورود بعض الأحاديث التي تُبين أنّ فضلها كأجر المُعتمر، وكذلك كأجر الحجِّ والعُمرة ، ويُكتبُ من الأوّابين، فعن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: (من صلَّى الغداةَ في جماعةٍ ثم قعد يذكرُ اللهَ حتى تطلعَ الشمسُ ثم صلَّى ركعتيْنِ كانت لهُ كأجرِ حجَّةٍ وعمرةٍ، قال: قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ: تَامَّةٍ، تَامَّةٍ، تَامَّةٍ).
- حثَّ النبيّ -عليه الصلاةُ والسلام- على أدائها والمُحافظةِ عليها.
- ترتيبُ الأجر والثواب على أدائها، فهي تعدلُ مقدار التصدُّق عن جميعِ مفاصل جسم الإنسان كُل يوم، وعددها ثلاثُ مئة وستون مفصلاً، لِقول النبيّ -عليه الصلاةُ والسلام-: (كُلُّ سُلامَى مِنَ النَّاسِ عليه صَدَقَةٌ، كُلَّ يَومٍ تَطْلُعُ فيه الشَّمْسُ، يَعْدِلُ بيْنَ الِاثْنَيْنِ صَدَقَةٌ، ويُعِينُ الرَّجُلَ علَى دابَّتِهِ فَيَحْمِلُ عليها، أوْ يَرْفَعُ عليها مَتاعَهُ صَدَقَةٌ، والكَلِمَةُ الطَّيِّبَةُ صَدَقَةٌ، وكُلُّ خُطْوَةٍ يَخْطُوها إلى الصَّلاةِ صَدَقَةٌ، ويُمِيطُ الأذَى عَنِ الطَّرِيقِ صَدَقَةٌ).
- دعوة الله -تعالى- النّاس إلى تسبيحه في وقت الشُّروق والغُروب، لِقولهِ -تعالى-: (يُسَبِّحْنَ بِالْعَشِيِّ وَالْإِشْرَاقِ).
- رواية العديد من الأحاديث التي تُبيّنُ أنّها صلاةُ الأنبياء السابقين -عليهم السلام-.
- مُحافظة النبيّ -عليه الصلاةُ والسلام- والصحابةُ الكِرام على أدائها، وعدم تركها.
_________________________________________
الهامش
*العَضُد: ما بين الكتف والكوع.
*رمح: وهو ما يقدّر بنحو ربع ساعة تقريباً من طلوع الشمس، أو أكثر أو أقل بقليل.
*زوال الشمس: أي ميلها عن وسط السماء نحو الغرب.
*ترمض الفِصال: يُقصد بالرمض الرمال شديدة الحرارة، والفصال هي صِغار الإبل؛ قال النووي -رحمه الله-: "أي حين يحترق أخفاف الفصال وهي الصغار من أولاد الإبل -جمع فصيل- من شدة حر الرمل".
.