كيفية ذبح الجمل
ما هي خطوات ذبح الجمل؟
ذبح الجمل في العيد شعيرة من شعائر الإسلام ، قال الله -تعالى-: (وَالْبُدْنَ جَعَلْنَاهَا لَكُم مِّن شَعَائِرِ اللَّـهِ لَكُمْ فِيهَا خَيْرٌ فَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّـهِ عَلَيْهَا صَوَافَّ) ، ومعنى البدن: الإبل، وقيل: الإبل، والبقر، ويتم ذبح الجمل على الوجه الآتي:
- يستحب للمضحي أن يسوق أضحيته بنفسه إلى محل الذبح، برفقٍ ولين، ويذبحها بنفسه.
- يستحب أن يكون الذبح في مصلّى العيد ، فإن لم يستطع ففي البيت؛ كي يشهد أهل بيته الفرحة بالعيد، (أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كَانَ يَنْحَرُ، أَوْ يَذْبَحُ بِالْمُصَلَّى)، كما أنَّ ذبح الجمل في المسلخ جائز.
- أن لا يذبح بليل، ولا في ظلمة، وأن يذبح بمكان واسع جيد التهوية.
- يحدّ المضحي السكين ويسنها جيداً، ويختار السكين القوية القاطعة، كي لا يعذّب الضحية، وذلك لحديث: (إِنَّ اللهَ كَتَبَ الْإِحْسَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ، فَإِذَا قَتَلْتُمْ فَأَحْسِنُوا الْقِتْلَةَ، وَإِذَا ذَبَحْتُمْ فَأَحْسِنُوا الذَّبْحَ، وَلْيُحِدَّ أَحَدُكُمْ شَفْرَتَهُ، فَلْيُرِحْ ذَبِيحَتَهُ).
عند نحر الجمل وذبحه يقوم المضحي بما يأتي:
- ذبح الجمل واقفًا، هذه هي الطريقة الأفضل؛ وذلك بربط يده اليسرى، وهو واقف على ثلاثة قوائم، وإن لم يستطع المضحي فعل ذلك جاز نحر الجمل وهو بارك على الأرض مع ربط رجله، فإن اضطر إلى ذبح جمل هائج فليستعن بالحبال، ويوثقه من القوائم كلها.
- يُستحبُّ أن يُوجِهَ الجمل إلى القبلة، ويقول عند النحر: "بسم الله، الله أكبر"، لما ورد عن جابر بن عبدالله: (أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ذَبَحَ يَوْمَ الْعِيدِ كَبْشَيْنِ، ثُمَّ قَالَ حِينَ وَجَّهَهُمَا: «إِنِّي وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ حَنِيفًا وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ لَا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ بِسْمِ اللَّهِ اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُمَّ مِنْكَ وَلَكَ مِنْ مُحَمَّدٍ وَأُمَّتِهِ).
- يقوم بطعنه في اللِّبَّة؛ وهي أسفل العنق قريبا من الصدر؛ لأن طريقة ذبح الجمل مختلفة عن ذبح الخروف ، إذ إنها تكون طعناً ونحراً، ثم يجري السكين على الرقبة بعد ذلك.
- ويقوم المضحي بقطع عروق الرقبة بالسكين، وعروق الرقبة أربعة: المريء -وهو مجرى الطعام-، والبلعوم -مجرى الهواء-، والوَدَجان -وهما مجرى الدم-، وأقل المطلوب أن يقطع اثنين منها؛ المريء والحلقوم، وقطع الثلاثة أحسن، وقطع الأربعة أكمل.
- لا يسارع إلى التقطيع والسلخ، حتى يتأكد يقيناً من خروج روحه.
وتجدر الإشارة إلى إستحباب الرفق بالجمل عند سوقه إلى مكان النحر، وأن يكون المكان جاهزاً لذلك، ويستحب أن يذبح واقفاً، مربوطاً من رجله اليسرى ثم ينحر، أي يطعن طعناً من أسفل الرقبة، وبعد ذلك يتم قطع عروق رقبته، وينبغي عدم تحريكه بعد الذبح، حتى نتأكد من خروج روحه.
ما حكم ذبح الجمل في عيد الأضحى؟
لا تجوز الأضحية إلا من الأنعام؛ وهي: الإبل، والبقر، والغنم، وقد فضل أكثر العلماء الإبل على غيرها، للأسباب التالية:
- قول رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في معرض حثه للناس على التبكير إلى صلاة الجمعة: (مَنْ راح في الساعة الأولى، فَكَأَنَّمَا قَرَّبَ بَدَنَةً، وَمَنْ رَاحَ فِي السَّاعَةِ الثَّانِيَةِ، فَكَأَنَّمَا قَرَّبَ بَقَرَةً، وَمَنْ رَاحَ فِي السَّاعَةِ الثَّالِثَةِ، فَكَأَنَّمَا قَرَّبَ كَبْشًا أَقْرَنَ، وَمَنْ رَاحَ فِي السَّاعَةِ الرَّابِعَةِ، فَكَأَنَّمَا قَرَّبَ دَجَاجَةً، وَمَنْ رَاحَ فِي السَّاعَةِ الْخَامِسَةِ، فَكَأَنَّمَا قَرَّبَ بَيْضَةً).
- لأن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- جعل أضحية الجمل عن سبعة، عن جابر بن عبدالله -رضي الله عنه- قال: (نَحَرْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَامَ الْحُدَيْبِيَةِ الْبَدَنَةَ عَنْ سَبْعَةٍ، وَالْبَقَرَةَ عَنْ سَبْعَةٍ).
- لأن الجمل أغلى ثمنا، وأعلى قيمة، وأكثر هيبة في قلوب الناس، وأضخم جسداً، وأوفر لحماً، ولكونه ركوبة العرب وسفينهم، وهو -على مرّ الدهور- أنفس أموال العرب، وأحبّها، فقد أكثروا من وصفه والتغني به شعراً ونثراً، واستعظمه الله -تعالى- في كتابه فقال: (أَفَلَا يَنظُرُونَ إِلَى الْإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ).
تعد التضحية بالجمل أفضل من التضحية بغيره، لأنه أوفر لحماً، وأغلى قيمة، وأكثر هيبة عند العرب؛ ولأنه يجزئ عن سبعة أشخاص، والخروف لا يجزئ إلا عن واحد.
كيف يوزع لحم الجمل المذبوح؟
توزيع لحم الجمل في عيد الأضحى
يرى معظم العلماء أن طريقة توزيع الحم في أضحية الجمل تكون أثلاثاً، وذلك لقوله -تعالى-: (فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْقَانِعَ وَالْمُعْتَرَّ)، والقانع هو الفقير العفيف، والراضي بفقره، فلا يتعرض للناس بالسؤال، والمعترّ هو الفقير الذي يعتري الناس، ويتعرض لهم بالسؤال، فيكون التقسيم بذلك ثلثاً لأهل البيت، وثلثاً لمن يسألون الناس ويطوفون على البيوت، وثلثاً لمن يجلس في بيته من الفقراء، أو من غير الفقراء؛ كالصديق والقريب، والجار حتى ولو كان غنياً.
ويؤكد هذه القسمة قول رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (ادَّخِرُوا الثُّلُثَ، وَتَصَدَّقُوا بِمَا بَقِيَ)، وقال ابن قدامة: "والاستحباب أن يأكل ثلث أضحيته، ويهدي ثلثها، ويتصدق بثلثها، ولو أكل أكثر جاز".
توزيع لحم الجمل للعقيقة
قبل الحديث عن توزيع لحم الجمل للعقيقة، نطرح السؤال الآتي: هل يجوز نحر الجمل كعقيقة؟ ذهب جمهور العلماء من الحنفية، وأكثرالمالكية، والشافعية، والحنابلة إلى جواز ذبح العقيقة من الأنعام كلها : الإبل، والبقر، والغنم، قياساً على الأضحية، وقال بعض المالكية لا يجوز في العقيقة إلا الغنم؛ ل ما ورد عن عائشة -رضي الله عنها-: (أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَمَرَهُمْ عَنِ الغُلَامِ شَاتَانِ مُكَافِئَتَانِ، وَعَنِ الجَارِيَةِ شَاةٌ) .
يرى معظم العلماء أن العقيقة توزع أثلاثاً كالأضحية قياساً عليها ، ولما ورد نصّاً عن بعض السلف؛ عن عطاء، ومجاهد، قالا: "كانوا يقولون في العقيقة: ثلث للجيران، وثلث للمساكين، وثلث لأهل البيت".
ويَستحب بعض العلماء أن يُطبخ لحم العقيقة ويوزع مطبوخا ً، قال ابن القيم: "وهذا لأنه إذا طبخها، فقد كفى المساكين والجيران مؤنة الطبخ، وهو زيادة في الإحسان، وشكر هذه النعمة، ويتمتع الجيران والأولاد والمساكين بها، هنيئة مكفيّة المؤنة، فإن من أُهدي له لحم مطبوخ مهيأ للأكل مطيب، كان فرحه وسروره به أتم من فرحه بلحم نيء، يحتاج إلى كلفة وتعب". ويمكن القول إنَّ توزيع اللحم مطبوخاً في أيامنا قد لا يتقبله كثير من الناس؛ بسبب تغير ظروف الناس، فإن علم المُضحي أنه إن أرسل إلى فلان اللحم مطبوخاً سيتقبل الأمر بلا حرج، فلا بأس، وإلا فالأحسن أن يرسل اللحم نيئاً.
إنَّ توزيع لحم الجمل كعقيقة أو ضحية سواء؛ حيث إنه يوزع أثلاثاً: ثلث لأهل البيت، وثلث للسائل، وثلث لمن لا يسأل كالفقير القانع، أو القريب، أو الجار الملاصق، أو الصديق، ويستحب توزيع العقيقة مطبوخة إن تيسر ذلك.
كيفية تقييم جودة الجمل للذبح؟
من الأفضل إذا أراد المضحي الموسر التضحية أن يأخذ معه خبيراً إلى السوق ليشتري له أفضل الجمال ، وأن يكون ذلك من مال حلال لا شبهة فيه، وأن يختار جملاً جميل المنظر، وافر اللحم حتى ولو غلا سعره، فلا يبخل ولا يتردد؛ لأن الله -تعالى- يقول: (ذَلِكَ وَمَن يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّـهِ فَإِنَّهَا مِن تَقْوَى الْقُلُوبِ)، وقال بعض العلماء أنَّ معنى تعظيم شعائر الله؛ استعظام واستسمان الهدْي والضحية، فيختار الجمل المهيب العظيم الذي يملأ العين ليكون أكثر كقيمة معنوية، وأكثر لحماً للفقراء والمساكين.
يجدر بالمضحي الحرص على اختيار الأضحية الأعلى سعراً، والأكثر لحماً؛ لأن هذا من تعظيم شعائر الله، وتعظيم شعائر الله من تقوى القلوب.