كيفية التطهر من البول للنساء
كيفية التطهر من البول للنساء
يَصحُّ تطهُّر المرأة من الغائط بالاستجمار؛ أي إزالة النَّجاسة بالحجارة وما يقوم مقامها، ولا يُشترط فيه استعمال الماء باتِّفاق الفقهاء، وأمَّا بالنسبة لتَّطهُّر المرأة من البول ففي جواز الاستجمار أقوال، حيث ذهب الشَّافعيّة والحنابلة إلى القول بأنَّ الاستجمار يُجزئ بالتَّطهُّر من البول للبِكر؛ أي التي لم تذهب بكارتها بالزَّواج، دون الثَّيب -من زالت بكارتها بالزَّواج -، وعلَّة اقتصار الجواز للبِكر دون الثَّيب: أنَّ البِكر يكون موضع البكارة عندها مسدود فلا يَعلق به البول ولا يصل إليه، لذا جاز لها الاستجمار دون استعمال الماء، وأمَّا الثيب فهذا الموضع لديها يَنفرج عند جلوسها للبول، ممَّا قد يؤدِّي إلى وصول البول إليه، فلزمها بناءً على ذلك استخدام الماء للتَّطهرمنه. ومن قال بوجوب استخدام الماء للتَّطهر من البول للنِّساء أوجب أيضاً صبّ الماء على المَوضع صبَّاً وليس فقط رشُّه أو مسحه بالماء؛ لأنَّ المقصود من التَّطهُّر هو إزالة أثر البول الخارج، فإن زال بصبِّ الماء دون استخدام اليد لمسح الموضع جاز ذلك، وإلَّا وجب إمرار اليد مع الماء على الموضع لإزالة الأثر.
بينما قال المالكيّة بعدم جواز التَّطهر من البول للمرأة بالاستجمار على الإطلاق، بكراً كانت أم ثيِّباً، ولا يَصحُّ التَّطهُّر من البول للنِّساء إلَّا بإستخدام الماء، والذين قالوا بعدم صحَّة الاستجمار علَّلوا المنع بأنَّ البول بالعادة لا يبقَ في مكان خروجه بل يتعدَّاه ليُصيب غيره من البدن، ولو تجاوز مكان مَخرجه صار لازماً استخدام الماء لتنظيف المكان الذي وصل إليه البول، فيَتعيَّن غسل الموضع بالماء لإزالة النَّجاسة عندها، ولأنَّ الاستجمار إنَّما يكون فقط في موضع البول، وأمَّا مسح غيره من الأماكن فلا يُعدُّ استجماراً، ومنهم من قال إنَّ تطهُّر المرأة من البول بالاستجمار صحيحٌ لكل النِّساء بكراً كانت أم ثيِّباً، وردُّوا على دليل المانعين بأنَّ الاستجمار ليس له قيد، ولا يُشترط فيه اقتصاره على الموضع المُعتاد لخروج البول أو الغائط، كما استدلوا على قولهم بصحَّة الاستجمار مُطلقاً للنِّساء بالأحاديث التي وردت في الاستجمار، حيث إنَّها جاءت مُطلقة ولم تُقيَّد بالرِّجال دوناً عن النِّساء، ممَّا يدلُّ على صحَّته لكليهما.
كيفية التطهر من الغائط للنساء
يُعدُّ تطهُّر النِّساء من الغائط بالاستجمار جائزاً باتفاق العلماء، ويتمُّ الاستجمار من خلال استخدام الحجارة؛ بأن يُوضع الحجر في البداية على مقدمة الجهة اليمنى في مكانٍ طاهرٍ وقريبٍ من موضع النَّجاسة ، ثمَّ يُمرَّر الحجر على محلِّ النَّجاسة مع إدارة الحجر قليلاً أثناء المسح، حتى يتمَّ تغطية مكان النَّجاسة كاملاً باستخدام الحجر كاملاً بجميع جهاته، ثمَّ يُؤتى بحجرٍ ثانٍ وتُعاد نفس الكيفيَّة على الجهة اليُسرى، ثُمَّ يُؤتى بحجرٍ ثالثٍ ويُمرر على الجهتين اليمنى واليسرى والمسربة وهي مخرج الغائط، أو يَجعل الحجر الثالث لمنطقة الوسط فقط، وفي كلِّ الأحوال لا بدَّ من تحقُّق أمرٍ مهمٍ في الاستجمار، وهو تعميم كلِّ الموضع بالمَسح في كلِّ مرةٍ من المرَّات الثلاث، حتى يَحكم أنَّ الموضع تمَّ مسحه كاملاً ثلاث مرات.
وتجدر الإشارة إلى أنَّ الاستجمار لا يقصر على استخدام الحجارة فقط، بل يجوز فيه استخدام الجافِّ الطَّاهر؛ مثل الأوراق المنشِّفة، والمناديل، والخِرق، والأخشاب، والأعواد، وغيره من الأمور التي لم يرد نصٌّ بالمنع من الاستجمار فيها، وأمَّا إن أرادت المرأة الاستنجاء من الغائط باستخدام الماء بدلاً من الاستجمار، فيُفضَّل عندها الجمع بين الاستنجاء والاستجمار؛ أي الجمع بين الحجر أو ما يقوم مقامه وبين الماء، وإن أرادت الاقتصار على واحدٍ منها فالماء أفضل، وإن اقتصرت على الحجر وجب عليها الإنقاء؛ أي تطهير الموضع كاملاً بحيث لا يبقَ أثرٌ للنَّجاسة إلا الأثر الذي يلصق بالجسد والذي لا يُزال إلا باستخدام الماء، وتجدر الإشارة أنَّ الحدَّ الأدنى والواجب في عدد الحجارة والمسحات هو ثلاث، فإن لم تُزل النَّجاسة بها يُزاد عليها والأفضل أن يُزاد بعددٍ فرديٍ، كخمس وسبع مسحات ونحوه.
آداب التطهر من البول
تُعدُّ الطَّهارة بشكلٍ عام من المواضيع الهامَّة في الإسلام والتي اعتنى بها الإسلام عنايةً بالغة، ومن هذا الباب يدخل أيضاً التَّطهر من البول، فهو واحدٌ من الأمور التي يجب على المسلم تعلُّمها وعدم التَّساهل بها، حيث حذَّر النَّبي -صلَّى الله عليه وسلَّم- من ذلك في الحديث قائلاً: (أكثرُ عذابِ القبرِ من البولٍ)، وفي الحديث الآخر والذي رواه ابن عباس -رضي الله عنه-: (مَرَّ رَسولُ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ- علَى قَبْرَيْنِ، فَقالَ: إنَّهُما لَيُعَذَّبَانِ، وما يُعَذَّبَانِ في كَبِيرٍ، أمَّا هذا: فَكانَ لا يَسْتَتِرُ مِن بَوْلِهِ، وأَمَّا هذا: فَكانَ يَمْشِي بالنَّمِيمَةِ)، هذا وقد ورد في الشَّرع آدابٌ عدَّة للتَّطهُّر من البول، نُوردها على النحو الآتي:
- أن يكون عدد المسحات وِتراً، على ألَّا يقلَّ عن ثلاث مسحات، ويَزيد عليها بحسب الحاجة، ودليل ذلك الحديث الشريف : (ومَنِ اسْتَجْمَرَ فَلْيُوتِرْ).
- عدم الاستجمار بالعظام أو روث الحيوانات؛ لما جاء عن أبي هريرة -رضي الله عنه-: (أنَّهُ كانَ يَحْمِلُ مع النَّبيِّ -صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ- إدَاوَةً لِوَضُوئِهِ وحَاجَتِهِ، فَبيْنَما هو يَتْبَعُهُ بهَا، فَقالَ: مَن هذا؟ فَقالَ: أنَا أبو هُرَيْرَةَ، فَقالَ: ابْغِنِي أحْجَارًا أسْتَنْفِضْ بهَا، ولَا تَأْتِنِي بعَظْمٍ ولَا برَوْثَةٍ، فأتَيْتُهُ بأَحْجَارٍ أحْمِلُهَا في طَرَفِ ثَوْبِي حتَّى وضَعْتُهَا إلى جَنْبِهِ، ثُمَّ انْصَرَفْتُ، حتَّى إذَا فَرَغَ مَشيتُ، فَقُلتُ: ما بَالُ العَظْمِ والرَّوْثَةِ؟ قالَ: هُما مِن طَعَامِ الجِنِّ)، فكان سبب النَّهي عن الاستجمار بالعظام أنَّها طعام الجن ، وأمَّا النَّهي عن الرَّوث فلنجاسته.
- عدم التَّبول في طريق النَّاس أو ظِلهم، حيث جاء في الحديث: (اتَّقُوا اللَّعَّانَيْنِ قالوا: وَما اللَّعَّانَانِ يا رَسُولَ اللهِ؟ قالَ: الذي يَتَخَلَّى في طَرِيقِ النَّاسِ، أَوْ في ظِلِّهِمْ).
- عدم التَّسليم على من يقضى حاجته، وعدم الرَّد على السلام إن كان يقضي حاجته، أو في حال تواجده في مكان قضاء الحاجة.
- عدم التَّبول في الماء الدَّائم الراكد، وعدم التَّغوظ في الماء الجاري؛ وذلك لأنَّ التَّبول في الماء الرَّاكد يؤدِّي إلى تنجُّسه كلِّه إن كان الماء قليلاً، وأمَّا النَّهي عن التَّغوظ في الماء الجاري فلأنَّ ذلك يؤذي كل من يمرُّ الماء به.
- أن يتبوَّل الشَّخص في موضعٍ رخو؛ حتى لا يرتدَّ إليه البول كما يحدث لوَّ كان الموضع صلباً.
- عدم التَّبول في المكان المُخصَّص للاستحمام.
- ذكر الله -تعالى- قبل الدُّخول للخلاء، لما رُوي عن أنس بن مالك -رضي الله عنه-: (أنَّ رَسولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ كانَ إذَا دَخَلَ الكَنِيفَ- قالَ: اللَّهُمَّ إنِّي أعُوذُ بكَ مِنَ الخُبْثِ والْخَبَائِثِ).
- ألَّا يتبوَّل في مواجهة الرِّيح؛ لكيلا يرتدَّ إليه البول.
- عدم استقبال القِبلة أثناء قضاء الحاجة وعدم استدبارها، بل ينحرف عنهما.
- الدُّخول لمكان قضاء الحاجة بالقدم اليُسرى.
- الاتكاء على الجانب الأيسر أثناء قضاء الحاجة إن أمكن ذلك.
- الخُروج من مكان قضاء الحاجة بالقدم اليمنى مع التَّلفّظ بالذكر المأثورة في هذا الموضع: وهو قول "غُفرانك، الحمد لله الذي أذهب عنِّي الأذى وعافاني".
- عدم التَّكلّم في الخلاء، وعدم الدُّخول إليه وهو يَحمل شيء فيه ذكر لله -تعالى-.
- التَّستر عن أعين الناس عند قضاء الحاجة، وعدم استخدام اليد اليمُنى أثناء قضاء الحاجة.