كيفية الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر
كيفية الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر
إنّ الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر عبادةٌ عظيمةٌ ينبغي على القائم بها أن يُراعي أموراً وضوابط كثيرةٍ؛ منها: التحلّي بالحكمة والموعظة الحسنة، والعلم الداعية بما يأمر به وينهى عنه؛ ليُرسّخ جوانب الخير والفضيلة في المجتمع، ويجتنب مسببات الشرك والبدع، وحتى لا يضرّ دينه أو مجتمعه بإيقاعهم بالمفاسد التي يُسبّبها الجهل، فالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في الإسلام عبادةٌ تُراعي الزمان والمكان والحال المناسب للدعوة؛ فقد يكون النهي عن المنكر ممنوعاً إذا ترتّب عليه منكرٌ أكبر منه؛ فدرء المفسدة في الشريعة مقدّمٌ على جلب المصالح، ومثال ذلك؛ الفتن والمفاسد التي تترتب على الإنكار على الولاة والحكام بالخروج عليهم.
ومن الأمور التي ينبغي مراعاتها عند القيام بهذه المهمة؛ أولويات الدعوة، فلا ينبغي للمسلم أن ينهى عن الصغائر قبل الكبائر ، ومثال ذلك؛ الإنكار على رجلٍ يشرب الدخان مع العلم بأنّه لا يُصلّي؛ حيث ينبغي الإنكار عليه لتركه الصلاة، ويُذكّر بالله -تعالى- وعذابه قبل أن يدعو إلى ترك الدخان، ووردت في السنة المطهرة الكيفية التي يكون فيها إنكار المنكر، قال الرسول -عليه السلام-: (مَن رَأَى مِنكُم مُنْكَراً فَلْيُغَيِّرْهُ بيَدِهِ، فإنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِلِسانِهِ، فإنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِقَلْبِهِ، وذلكَ أضْعَفُ الإيمانِ)، وذكر الإمام القرطبي في شرح الحديث أنّ التغيير باليد يكون من صلاحيات الأمير، أو كلِّ من يكون عنده سلطةٌ وقدرةٌ على تغيير المنكر، ومثال ذلك؛ الرجل إن رأى منكراً في أهل بيته، والتغيير باليد مشروطٌ بألّا يُؤدي إلى منكرٍ أكبر منه، وألّا يدخل في اختصاصات الحاكم الشرعيّة؛ ومنها: إقامة الحدود، أو إشهار السيف، أمّا التغيير باللسان فهو مهمة الدعاة والعلماء، وأمّا التغيير بالقلب فهو مهمة عوامّ الناس وضعفائهم الذين لا يجدون حيلةً أو قُدرةً على التغيير باليد أو اللسان.
أهميّة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر
تتجلّى أهميّة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في كونه من أهم العبادات والفرائض في الإسلام؛ فقد ربط الله خيريّة الأُمّة بقيامها بتلك المهمة الجليلة التي تُؤدي إلى استقامة المجتمع على الصراط المستقيم، ونجاة المسلمين من عذاب الله الأليم، ونيل السعادة والفلاح في الدنيا والآخرة، قال الله تعالى: (وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ).
من عواقب ترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر
بيّن علماء الأُمّة عواقب ترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر؛ ومنها: الابتلاء بعدم استجابة الدعاء، وحلول عذاب الله بالمجتمع المسلم، وانتفاء صفة الخيريّة عن الأُمّة، وانتشار أسباب الفساد وسوء الأخلاق في المجتمع، وتسلّط الفساق، وعلّو الفجّار، وذهاب العلم، وفشوّ الجهل.