كيفية اجتناب الشبهات
كيفية اجتناب الشبهات
الشبهات: هي الأمور التي لا يكون الحكم الشرعي فيها واضحًا، هل هو حلال أو حرام، فلا يعلم الكثير من الناس هل من الجائز أكل ذلك الطعام أو الشراب أو القيام بتلك المعاملة المالية أم لا، ويدخل فيها الكثير من الأمور المشكوك فيها.
ومن اجتنب هذه الأمور المشكوك فيها فقد طلب البراءة لنفسه، فيسلم دينه من النقص وعرضه من الذم والسمعة السيئة، ومن تجرأ عليها فقد عرض نفسه للخطر ويوشك أن يقع في الحرام،وإذا علم المسلم حكم الله وحكم الرسول -صلى الله عليه وسلم- في أمر ما فاتبعه فهو مصيب.
أما إن كان هذا الأمر من الأمور المختلطة على الناس فلا يعلم أكثر الناس ما الحكم فيها، وليس فيها نص شرعي على ذلك، كالكثير من المعاملات المالية المعاصرة التي ليس فيها نص شرعي وليست بينة الحرمة أو الحل، وقد يفتي بحرمتها البعض وحلها البعض الآخر، فالأولى تركها واجتنابها لكي يسلم من تبعاتها في الدنيا والآخرة.
من اتقى الشبهات استبرأ لدينه
في الحديث الشريف عن النعمان بن بشير أنه قال: سَمِعْتُ رَسولَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ-:
- (إنَّ الحَلالَ بَيِّنٌ، وإنَّ الحَرامَ بَيِّنٌ، وبيْنَهُما مُشْتَبِهاتٌ لا يَعْلَمُهُنَّ كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ، فَمَنِ اتَّقَى الشُّبُهاتِ اسْتَبْرَأَ لِدِينِهِ، وعِرْضِهِ، ومَن وقَعَ في الشُّبُهاتِ وقَعَ في الحَرامِ، كالرَّاعِي يَرْعَى حَوْلَ الحِمَى، يُوشِكُ أنْ يَرْتَعَ فِيهِ، ألا وإنَّ لِكُلِّ مَلِكٍ حِمًى، ألا وإنَّ حِمَى اللهِ مَحارِمُهُ، ألا وإنَّ في الجَسَدِ مُضْغَةً، إذا صَلَحَتْ، صَلَحَ الجَسَدُ كُلُّهُ، وإذا فَسَدَتْ، فَسَدَ الجَسَدُ كُلُّهُ، ألا وهي القَلْبُ).
قصص في اجتناب الشبهات
خير ما يبين لنا كيفية اتقاء الشبهات واجتنابها هو فعل الصالحين والتابعين وورعهم خوفًا من الوقوع في الشبهات، ومن قصصهم ما يلي:
- كان يوزن بين يدي عمر بن عبد العزيز -رحمه الله- مسك المسلمين، فكان يغلق أنفه حتى لا يشتم رائحة المسك، ويقول: "لا ينتفع من المسك إلا من رائحته"، أي إنه كان يغلق أنفه حتى لا ينتفع من المسك بما لم ينتفع به بقية المسلمين، وهذا قمة الورع وهو بهذا قد جعل بينه وبين الحرام حدودًا وأسوارًا.
- كان لحسان بن أبي سنان غلامًا؛ فكتب له مرةً: "اشتري قصب السكر الذي في منطقتك"، لأن الآفة قد أهلكت قصب السكر في أماكن زراعته وسيرتفع ثمنه؛ فاشتراه، وما لبث أن ازداد سعره على الثمن الذي اشتراه ثلاثين ألفاً، فلم يحتمل أن يكون قد غش البائع لأنه علم ما لم يعلم البائع، ولو علم البائع بالآفة ما باعه بذلك الثمن، فعاد للبائع وقص عليه من خبر الغلام، فأبرأه البائع وقال له: "لقد أعلمتني الآن وأنا قد أبرأتك فهو لك"، فلم يحتمل حتى رده للبائع بالثمن الذي اشتراه منه.
- بعث الحجاج بن دينار طعاماً مع رجلٍ وامرأة إلى البصرة ليبيعاه بسعر اليوم الذي يدخلان البصرة فيه، لكنهما حبساه لأنهما شعرا أن هناك نقصاً في الطعام في السوق حتى يزداد السعر، فلما ازداد السعر باعاه، وكتب الرجل للحجاج بما حصل معهما، فأخبره الحجاج أنه خان الأمانة، وطلب منه أن يتصدق بجميع الثمن على الفقراء علّه يسلم من سؤال الله له يوم القيامة لم زاد السعر على الناس.