كيف يغفر الله لك كل ذنوبك
الاستغفار
أمر الله -تعالى- عباده بالاستغفار والتوبة من الذنوب والإنابة الصادقة إليه، ومن كرم الله -عزّ وجلّ- أن سمّى نفسه الغفور؛ فالله -تعالى- راغبٌ في التوبة والمغفرة لهم إن هم أقبلوا عليه يستغفرونه، وأورد الله -سبحانه- الكثير من الآيات القرآنية التي تحثّ العباد على الاستغفار، وتذكّرهم بفضله عليهم، قال الله تعالى: (وَمَنْ يَعْمَلْ سُوءًا أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللَّهَ يَجِدِ اللَّهَ غَفُورًا رَحِيمًا)، وأوّل فضلٍ للاستغفار على صاحبه أنّه سببٌ لتكفير الذنوب والسيئات، وسببٌ في دفع العقوبة والبلاء ، وجلب الخير والسعادة والرزق الحسن في الدنيا لصاحبه، ومن ثمرات الاستغفار النجاة من النار يوم القيامة ، وعلوّ الدرجات في الجنّات كذلك، فقد قال النبي صلّى الله عليه وسلّم: (طوبَى لمن وُجِد في صحيفتِه استغفارٌ كثيرٌ).
ومن فضائل الاستغفار أيضاً أنّ المستغفرين تشملهم رحمة الله سبحانه، وكذلك فإنّها تهلك الشيطان الذي ورد أنّ يشتكي المستغفرين إذ أهلكوه باستغفارهم، والاستغفار ييسّر لصاحبه الحلول والخروج من المشاكل العظيمة إذا أحاطت به، فشيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- كما يقول عنه تلميذه ابن القيّم: (أنّه كان إذا داهمته مسألة، أو مشكلة، واستعصت عليه، ولم يجد لها حلّاً، فإنّه يلجأ إلى الاستغفار، ويلوذ به حتّى يفتح الله -تعالى- له)، والاستغفار يزيل عن صاحبه الهموم والغموم والضيق والكرب، فإنّها تجمتع على القلب بسبب المعاصي والذنوب، فإن عالجها الإنسان بالاستغفار زالت همومه وغمومه بإذن الله تعالى.
كيفية الاستغفار من الذنوب
يكون استغفار العبد أقرب ما يكون إلى قبول الله -تعالى- له، وإجابته إذا تحيّن العبد بعض الآداب والأوقات المخصوصة لاستغفاره، وفيما يأتي بيانٌ لبعضها:
- الحرص على حضور قلب وخشوعه أثناء استغفار العبد، وألّا ينشغل بأمرٍ من أمور الدنيا أثناء استعفاره بين يدي ربّه تعالى.
- الاستغفارمن كلّ الذنوب كبيرها وصغيرها، خطئها وعمدها، مع عدم استحضار ذنوبه ومعاصيه.
- الندم على ما قدّمت يداه من ذنوبٍ ومعاصٍ ، فإنّ الندم من شروط صحة التوبة .
- الاعتراف بالتقصير والخطأ عند استغفار العبد بين يدي ربّه، مع الندم واستشعار عِظم الذنب.
- استحضار سوء عاقبة الذنوب والمعاصي؛ لأنّها تؤدي بالعبد إلى المهالك، فيستجير من عقاب الله تعالى.
- تحيّن بعض الأوقات الوارد في فضلها وقبول الاستغفار فيها، ومن تلك الأوقات المذكورة في الاحاديث الشريفة ما يأتي:
- الاستغفار بعد قضاء الفرائض أو العبادات بشكلٍ عامٍّ، فإنّ ذلك أدعى أن يُتمّم أيّ غفلةٍ أو نقصٍ حدث أثنائها، والنبي -صلّى الله عليه وسلّم- كان يستغفر بعد صلاته ثلاثاً، ولقد أمر الله -تعالى- عباده الحجيج أن يستغفروا ربّهم بعد نفورهم من عرفات لتسديد أي خطأٍ وقعٍ، قال الله تعالى: (ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ وَاسْتَغْفِرُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ).
- الاستغفار من الذنوب والمعاصي في قيام الليل أو بعده، وخاصّةً وقت السحر الذي ذكره الله -سبحانه- مراراً في القرآن الكريم لعظيم فضله، فقال: (وَبِالْأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ).
- الاستغفار عند القيام من المجالس ، فقد يكثر فيها اللغو والذنوب، حيث قال النبي صلّى الله عليه وسلّم: (مَن جلَس في مجلسٍ كثُر فيه لغَطُه، ثمَّ قال قبْلَ أنْ يقومَ: سُبحانَك اللَّهمَّ ربَّنا وبحمدِك، لا إلهَ إلَّا أنتَ، أستغفِرُك وأتوبُ إليك، إلَّا غُفِر له ما كان في مجلسِه ذلك).
صيغ الاستغفار من القرآن والسنة
يُستحبّ للعبد أن يأتي بصيغ الاستغفار الصحيحة التي ذكرها الله في القرآن الكريم، أو التي وردت في السنة النبوية عن النبي عليه الصلاة والسلام، ومن هذه الصيغ ما يأتي:
- قال الله سبحانه: (رَبَّنَا إِنَّنَا آمَنَّا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ).
- قال الله سبحانه: (رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِمَنْ دَخَلَ بَيْتِيَ مُؤْمِنًا وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَلاَ تَزِدِ الظَّالِمِينَ إِلاَّ تَبَارًا).
- قال الله سبحانه: (رَبَّنَا آمَنَّا فَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا وَأَنتَ خَيْرُ الرَّاحِمِينَ).
- قال الله سبحانه: (رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذا بَاطِلاً سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ*رَبَّنَا إِنَّكَ مَن تُدْخِلِ النَّارَ فَقَدْ أَخْزَيْتَهُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنصَارٍ*رَّبَّنَا إِنَّنَا سَمِعْنَا مُنَادِيًا يُنَادِي لِلْإِيمَانِ أَنْ آمِنُوا بِرَبِّكُمْ فَآمَنَّا رَبَّنَا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَكَفِّرْ عَنَّا سَيِّئَاتِنَا وَتَوَفَّنَا مَعَ الْأَبْرَارِ).
- قول النبي -صلّى الله عليه وسلّم- لأبي بكرٍ الصديق -رضي الله عنه- إذ سأله عن ما يدعو به في صلاته فقال له: (اللهمّ إنّي ظلَمتُ نفسي ظُلماً كثيراً، ولا يغفرُ الذنوبَ إلّا أنت، فاغفِرْ لي من عِندِك مغفرةً، إنّك أنت الغفورُ الرحيمُ).
- ما ورد من استغفار النبي صلّى الله عليه وسلّم: (اللهمَّ اغفرْ لي ما قدَّمتُ وما أخَّرتُ، وما أسررتُ وما أعلنتُ، وما أسرفتُ، وما أنت أعلمُ به مِنِّي، أنت المُقدِّمُ وأنت المُؤخِّرُ، لا إله إلا أنتَ ).
- قول النبي -صلّى الله عليه وسلّم- عن فضل صيغة الاستغفار الواردة في الحديث، حيث قال: (من قال: أستغفرُ اللهَ العظيمَ الذي لا إلهَ إلَّا هو الحيَّ القيومَ وأتوبُ إليه؛ غُفِرَ له وإنْ كان فرَّ من الزحفِ).
- ذكر النبي -عليه الصلاة والسلام- دعاء سيد الاستغفار وبيّن فضله فقال: (سيِّدُ الاستِغفارِ أن تقولَ: اللَّهمَّ أنتَ ربِّي لا إلَهَ إلَّا أنتَ، خَلقتَني وأَنا عبدُكَ، وأَنا على عَهْدِكَ ووعدِكَ ما استطعتُ، أعوذُ بِكَ من شرِّ ما صنعتُ، أبوءُ لَكَ بنعمتِكَ عليَّ، وأبوءُ لَكَ بذنبي فاغفِر لي، فإنَّهُ لا يغفرُ الذُّنوبَ إلَّا أنتَ).