كيف يعالج مرض الوردية
علاج مرض الوردية
يُقال دائمًا أن درهم وقاية خيرٌ من قنطار علاج، وكذلك الحال مع مرض الورديّة؛ حيث يتميّز هذا المرض بوجود محفزات وعوامل تزيد من خطر حدوثه، ويعدّ الإلمام بطبيعة مُحفّزاته وعوامل الخطر الخاصّة به وتجنّبها خير وسيلة لتلافي حدوث الوردية، إذ يُمكن للأشخاص المُعرضين للإصابة بالوردية الاحتفاظ بمُفكرة يتمّ فيها تدوين كافة النّشاطات وطبيعة الأطعمة والمشروبات التي يتمّ تناولها، ومن خلال ذلك يُمكن الاستدلال على العوامل التي تكون ذات صلة بظهور الوردية، ليتمّ بعد ذلك التعاون مع الطبيب والاستفادة من هذه المُفكرة في السّيطرة على الوردية والعوامل التي من شأنها تحفيز حدوثها.
فيما يتعلّق بالخُطّة العلاجية المُتّبعة في حالات الإصابة بالوردية فإنّها تعتمد بصورةٍ أساسيةٍ على العلامات والأعراض المُرافقة للحالة والتي قد تختلف من شخصٍ لآخر، فقد تقتصر الإصابة بالوردية لدى البعض على الاحمرار والتوهّج، وتظهر لدى آخرين على هيئة بثور أو سماكة في الجلد أو ربما ورديّة العين ، وربما تكون الحالة مزيجًا منها جميعًا، لذا يتمّ تشخيص كلّ حالةٍ على حِدا، ووصف الخطّة العلاجية المُناسبة والتي تتمحور في الغالب على العناية بالبشرة واستخدام العقاقير الطبيّة.
الأدوية
تعدّ الأدوية الخيار الأكثر شيوعًا في علاج الوردية، حيث تتوافر العديد من الأدوية بأشكالٍ صيدلانيةٍ عدّة ويُمكن صرفها بوصفةٍ طبيةٍ، وغالبًا ما يُستخدم في علاج هذه الحالة مُضاداتٍ حيوية، أو فيتامين "أ"، والتي قد تكون مُحضّرةً على شكل أقراص فموية، أو جل، أو كريم، لتُساهم جميعُها في السّيطرة على احمرار الجلد وتقليل عدد البثور والنتوءات الظاهرة، وتجدر الإشارة إلى أنّ علاج الوردية غيرُ مقترنٍ بمدّة زمنية مُحدّدة، وبشكلٍ عام تعتمد فترة العلاج على عواملٍ عدّة؛ من بينها طبيعة الجلد وهدف العلاج الذي حدّده الطبيب المُعالج، وقد يستغرق الأمر حوالي شهرين أو أكثر حتى تبدأ نتائج العلاج بالظهور بشكلٍ فعلي، وبمرور الوقت وتحسّن الأعراض، قد يعمد الطبيب إلى تقليل كمية الدواء الموصوفة أو حتّى إيقاف استخدام الدواء بشكلٍ تامّ، ويُمكن بيان علاجات الوردية التي يصِفُها الطبيب بشيءٍ من التفصيل على النّحو الآتي:
الأدوية الموضعية
يحدث مرض الوردية على هيئة مراحل من النوبات (بالإنجليزية: Flare-ups) والهُدأة (بالإنجليزية: Remission)، بحيث تتمثل الأعراض وتزداد شدّتها خلال النّوبات، وتقل شدّتها وقد تختفي خلال الهُدأة، ويُساهم العلاج الطبي طويل الأمد بشكلٍ كبير في زيادة مدّة بقاء الجلد في وضعية الهُدأة، كما يُساهم اتباع العلاج خلال الفترة التي تفصِل بين نوبتين مُتتاليتين في الحدّ من تطوّر النّوبات، ولتحقيق هذه الغاية يُمكن استخدام الأدوية الموضعية والتي تتميّز بقدرتها على السّيطرة على مرض الوردية على المدى البعيد دون أن تفقد فعاليّتها، وأمّا وردية العين ذات الشدّة الخفيفة فإنّها تستجيب بشكلٍ جيّد للعلاجات الموضعية ويستلزم الأمر اتخاذ إجراءات المحافظة على نظافة جفن العين ، ويُمكن بيان أبرز الأدوية الموضعية المُستخدمة في علاج مرض الوردية على النّحو الآتي:
- الأدوية القابضة للأوعية الدموية: مثل البريموندين (بالإنجليزية: Brimonidine) والأوكسي ميتازولين (بالإنجليزية: Oxymetazoline)، والتي تعمل على تقليل احمرار الجلد، وتكون محضرة إمّا على شكل كريم أو جل بحيث تُطبّق بشكلٍ مُباشر على مواضع الجلد المُتأثرة بالوردية، ويُلجأ لهذا الخيار في حالات الوردية التي تتراوح شدّتها بين الخفيفة إلى المتوسطة، وعلى الرغم من أنّ نتائج الاستخدام تظهر في غضون 12 ساعة بعد تطبيق هذه الأدوية، إلّا أنّ هذه النتائج مؤقتة، ويتطلّب الأمر تطبيقها بشكلٍ مُستمر للحفاظ على النتائج التي تمّ الحصول عليها.
- حمض الأزيليك: (بالإنجليزية: Azelaic acid)، ويتميّز بقدرته على السيطرة على البثور في حالات الوردية الخفيفة، إلّا أنّ تأثيرها في الاحمرار يُعدّ مُنخفضًا، وعادةً ما يتمّ استخدام هذا الدواء بتطبيقه على الجلد مرتين خلال اليوم الواحد، وقد يتسبّب هذا النّوع من الأدوية شعورًا ببعض الحرقة أو التنميل في البداية، إلّا أنّ ذاك الشعور يزول مع الاستمرار باستخدام الدواء، أمّا في حال عدم زواله فيتطلّب الأمر إخبار الطبيب بذلك، ومن الجدير ذكره أنّ حمض الأزيليك يتسبّب بتفتيح البشرة كعَرَض جانبي لاستخدامه، ويجدُر التشاور مع الطبيب بشأن ذلك، وقد يُعتبر ذلك أمرًا جيدًا في الحالات التي تسبّب فيها الوردية ظهور بقع داكنة على الوجه ، إذ إنّ تفتيح البشرة في هذه الحالة قد يُساهم في إخفاء هذه البُقع، وحول الحديث عن فعالية الأدوية التي تحتوي على حمض الأزيليك فيُشار إلى أنّ الأمر يستلزم استخدامها لفترةٍ تتراوح بين أسبوعين إلى ستة أسابيع حتّى تبدأ النتائج بالظهور.
- الميترونيدازول: (بالإنجليزية: Metronidazole)، ويتميّز هذا النّوع من الأدوية بفعاليّته في تخفيف الاحمرار والحبوب التي تُشبه حبّ الشباب، وعلى الرغم من أنّ نتائجها تستغرق فترةً تتراوح بين أسبوعين إلى ستة أسابيع لتبدأ بالظهور إلّا أنّ العديد من المرضى تستمر لديهم نتائج هذا النّوع من الأدوية بعد التوقف عن استخدامه، وقد يصِف الطبيب الميترونيدازول إلى جانب علاجات أخرى في حالات الحاجة لأدوية أقوى للسّيطرة على مرض الوردية، وهُنا تجدر الإشارة إلى ضرورة الالتزام بالخطّة العلاجية التي يضعها الطبيب في سبيل الحصول على أفضل نتائج.
- الإيفرميكتين: (بالإنجليزية: Ivermectin)، ويتميّز بقدرته على السّيطرة على أعراض الوردية لفتراتٍ أطول مُقارنةً بالميترونيدازول، إلّا أنّه يستغرق وقتًا أطول لإظهار نتائج ملحوظة.
- الكبريت أو كبريتيد الصوديوم: استُخدمت المستحضرات أو الأدوية التي تحتوي في تركيبتها على الكبريت (بالإنجليزية: Sulfur) أو كبريتيد الصوديوم (بالإنجليزية: Sodium sulfacetamide) منذُ أكثر من ستين عامًا نظرًا لفعاليّتها في السّيطرة على الحبوب المُشابهة لحب الشباب والمُصاحبة لمرض الوردية بدرجةٍ عالية من الأمان، وبالرغم من توافرها في الصّيدليات دون الحاجة لوصفة طبية إلّا أنّ الأمر يستلزم استشارة طبيب الجلدية قبل استخدامها؛ خاصّة في حال وجود حساسية للكبريت ، أوفي حال الإصابة بأمراض الكلى، أو في حال كانت المُرأة حاملًا أو تُخطّط للحمل.
- الريتينويدات الموضعية: (بالإنجليزية: Topical retiniods)، عادةً ما يُنصح باستخدامها في علاج العيوب أو التشوّهات المُرتبطة بمرض الوردية والتي تطوّرت نتيجة انسداد مسامات البشرة أو التهابها، وحول الاستخدام فيتمّ تطبيق الريتينويدات الموضعية على الجلد لتقليل انسداد المسامات، وتطهيرها، وتقليل احتمالية التهابها، ويُنصح باستخدامها بشكلٍ يومي، وتظهر الآثار الجانبية لها على هيئة جفاف الجلد وتقشره والذي غالبًا ما يقلّ أو يتلاشي مع الاستخدام المتواصل، ويُشار إلى أنّ الأمر يستلزم استخدامها لفترةٍ تبلغ أربعة أسابيع حتّى تبدأ النتائج بالظهور، وتجدر الإشارة إلى ضرورة تجنّب استخدام هذه التركيبة من قِبل السّيدات الحوامل.
المضادات الحيوية الفموية
يصِف الطبيب المضادات الحيوية الفموية في العديد من حالات الوردية، منها الحالات المُرتبطة بالالتهاب والتي تتراوح شدّتها بين المتوسطة إلى الشديدة، وقد يصِفها الطبيب بهدف المُساعدة على تنظيف البشرة من العيوب والتشوّهات التي تسبّبت بها الوردية، إضافةً إلى تقليل الاحمرار والانتفاخ، وقد يصِف الطبيب أدوية موضعية تُستخدم بالتزامن مع الفموية، ومن الأمثلة على المُضادات الحيوية التي توصف في حالات الوردية: الإريثرومايسين (بالإنجليزية: Erythromycin)، والمضادات الحيوية التي تنتمي لعائلة التيتراسايكلن (بالإنجليزية: Tetracycline)؛ بما في ذلك التيتراسايكلين، والدوكسيسايكلين (بالإنجليزية: Doxycycline)، والليميسيكلين (بالإنجليزية: Lymecycline)، والمينوسيكلين (بالإنجليزية: Minocycline)، ومن الجدير ذكره أنّ مدة العلاج بالمُضادات الحيوية الفموية تعتمد على استجابة الشخص لهذه الأدوية، وتجدر الإشارة إلى احتمالية قيام الطبيب بوصف جرعةٍ مخفضة من التيتراسايكلن كعلاج طويل الأمد للوردية دون زيادة خطر الإصابة بمقاومة المضادات الحيوية؛ حيثُ تعمل الجرعة المخفضة كمُضاد للالتهاب، دون التأثير في نمو البكتيريا أو إيقافه، وبشكلٍ عام تشمل الآثار الجانبية لهذه الأدوية الحساسية من الشمس، أو تفاعلات الحساسية، أو ظهور الطّفح الجلدي، أو حدوث اضطرابات في المعدة.
أدوية حب الشباب الفموية
يُعرف الآيزوتريتينوين (بالإنجليزية: Isotretinoin) بكونه أحد أقوى العلاجات المُستخدمة في السيطرة على حب الشباب، لذا يُمكن استخدامه في علاج حبوب الوردية المشابهة لحب الشباب، وفي حالات الوردية الشديدة التي لا تستجب للعلاجات الأخرى، حيثُ يعمل الأيزوتريتنون على وقف إنتاج الزيوت من الغدد الدهنية (بالإنجليزية: Sebaceous glands)، وتجدُر الإشارة إلى أنّ آثاره الجانبية قد تكون شديدة لذا يجب مراقبة المريض عن كثب، كما يُمنع استخدامه من قِبل السيدات الحوامل أو عند التخطيط للحمل لِما له من دورٍ في زيادة احتمالية التسبّب بتشوهاتٍ خلقية.
العلاج بالليزر
تعدّ أشعة الليزر خيارًا أمثل في علاج الوردية المُرتبطة بزيادة سماكة الجلد حول الأنف، وبعض حالات الاحمرار والتهيج التي لم تُفلح العلاجات الدوائية في السّيطرة عليها، إذ ثبتت فعاليّة أشعة الليزر في علاج حالات الوردية الصعبة، ووفقًا لهدف الاستخدام يتمّ تحديد نوع أشعة الليزر المُناسبة، ويتطلّب العلاج بالليزر الخضوع لعدّة جلسات علاجية يتراوح عددها بين جلستين إلى ثماني جلسات، بحيث يفصل بين كل جلسة والأخرى فترة زمنية تقدّر بستة أسابيع، ويُعتبر العلاج بالليزر غير مُناسب لجميع الفئات؛ إذ يجدُر تجنّب الخضوع له من قِبل السيدات الحوامل، أو الأشخاص الذين يُعانون من اضطرابات تخثر الدم ، أو مرضى السكري المعتمدين على الإنسولين (بالإنجليزية: Insulin) في العلاج، ويُشار إلى أنّ العلاج بالليزر غير مُناسب للأشخاص الذين تظهر آثار النّدوب على جلودهم بسهولة، ومن ناحيةٍ أخرى فإنّ الجلد الداكن أو الجلد المعرّض للتسمير (بالإنجليزية: Tanning) يعدّان بيئتان غير مناسبتين للعلاج بالليزر.
الجراحة
تعتبر الجراحة التجميلية خيارًا أمثل في حالات الوردية المُرتبطة بزيادة شديدة في سماكة جلد الوجه أو الأنف، إذ تقوم الجراحة في مبدأها على إعادة الجلد المتضرر إلى شكله الطبيعي السلس والأملس.
علاج الوردية العينية
نظرًا لعدم وجود علاج حتمي لمرض الوردية، فإنّ علاج الوردية العينية يعتمد على السّيطرة على الأعراض، وهُناك العديد من الخيارات التي يتمّ أخذها بعين الاعتبار عند علاج الوردية العينية، ومنها ما يأتي:
- قطرات ومراهم العين السيترويدية (بالإنجليزية: Steroids)، والتي تُساهم في السّيطرة على تهيّج العين وانتفاخها.
- المضادات الحيوية؛ سواء المراهم أو الحبوب الفموية، والتي تُستخدم في علاج الوردية الجلدية وعدوى العين.
- مرطبات العين والدموع الاصطناعية والتي تساهم في علاج جفاف العين، ويجدُر تجنّب استخدام القطرات المُخصّصة لحالات العين المحتقنة (بالإنجليزية: Bloodshot eyes)، إذ إنّ من شأنها زيادة أعراض الوردية العينية سوءًا.
- منتجات تنظيف الجفون أو شامبو الأطفال الممزوج بالماء الدافئ، ويُستخدم ذلك بهدف الحفاظ على العيون نظيفة وخالية من العدوى ، كما يُمكن أيضًا استخدام قطعة قماش دافئة أو كمادة للعين بوضعها على العين وهي مغلقة بمقدار ما يوصي الطبيب.
- قطرة العين التي تحتوي في تركيبتها على مادة السيكلوسبورين (بالإنجليزية: Cyclosporine) والتي يمكن استخدامها في علاج العيون الجافة والحمراء.
الدعم النفسي لمرضى الوردية
تُسبّب الوردية آثارًا نفسية واجتماعية في الأشخاص المصابين بها، فقد يشعر الشخص بالخجل من مظهره، وقد يشعر بعضهم بنفور المجتمع منهم، وهذا ينعكس سلبًا بزيادة رغبتهم بالانطواء والبعد عن الآخرين، لذا يعدّ أمرًا جيّدًا التواصل مع الطبيب بشأن تخفيف الأثر النفسي للوردية، كما يُساهم الانخراط في مجموعات دعم مصابي الوردية في التعرف على أشخاص آخرين يُعانون من ذات المُشكلة والاستفادة من تجاربهم.
نصائح للتخفيف من الوردية
هُناك العديد من النّصائح التي يجدُر اتباعها بهدف التخفيف من الوردية وتهيّجها، ومن أبرز هذه النّصائح ما يلي:
- حماية البشرة من أشعة الشمس عن طريق استخدام الواقي الشمسي بعامل حماية لا يقلّ عن 30، مع الاتتباه إلى ضرورة استخدامه بشكلٍ يومي وإعادة تطبيقه على البشرة إذا استمر التعرّض لأشعة الشمس لفترةٍ طويلة.
- تجنّب فرك الوجه عند غسله، لأنّ ذلك قد يتسبّب بزيادة أعراض الوردية سوءًا.
- تجنّب استخدام الصابون المعطر، والاستعاضة عنه ببديل الصابون كالمستحضرات الطبية المُلينة للبشرة، والحرص على تنظيف الوجه بلطف كل صباح ومساء.
- شطف الوجه بالماء الفاتر وتركه حتى يجف تمامًا قبل استخدام أيّ مرهم دوائي أو مستحضر تجميلي، مع الحرص على تجنّب جميع المنتجات التي قد تهيّج البشرة وخاصّة التي تحتوي على الكحول والعطور.
- الاستخدام المنتظم لمرطبات البشرة غير المعطرة إذا كانت البشرة حسّاسة أو جافة.
- الاحتفاظ بمفكرة تضمّ محفزات الوردية أو العوامل التي من شأنها زيادة أعراضها سوءًا بهدف تجنّبها.
- استخدام مستحضرات التجميل التي من شأنها إخفاء أعراض الوردية بشكلٍ فعّال، وذلك بعد التنسيق مع أخصائي الرعاية الصحية.
- تجنّب استخدام بعض علاجات حب الشباب والعلاجات الموضعية التي تحتوي على الكورتيكوستيرويدات (بالإنجليزية: Corticosteroids) إلّا إذا أوصى الطبيب باستخدامها.
- إبلاغ طبيب الجلدية أو طبيب العيون في حال تأثر العيون بالوردية.
- إبلاغ الطبيب في حال استخدام أدوية تتسبّب بزيادة أعراض الوردية سوءًا، وذلك في سبيل إجراء التعديلات الدوائية المناسبة.
- استخدام آلة الحلاقة الكهربائية بدلًا من الشفرة للحدّ من تهيّج الجلد لدى الرجال.
فيديو عن كيفية علاج مرض الوردية
يتحدث الفيديو عن كيفيّة علاج مرض الوردية.