كيف نرضي الله عز وجل
حبّ الله للعبد
إنّ العبد إذا سعى إلى ربّه؛ فأحبّه وأطاعه واجتهد في تحقيق ما يرضيه، أحبّه الله تعالى، وحبّبه الله إلى أنبيائه ورسله، وإلى ملائكته، وإلى الصالحين من عباده، ودليل ذلك قول النبي صلّى الله عليه وسلّم: (إنَّ اللهَ تبارَك وتعالى إذا أحَبَّ عبداً نادى جِبريلُ إنَّ اللهَ قد أحَبَّ فلاناً فأحِبَّه فيُحِبُّه جِبريلُ ثم يُنادي جِبريلُ في السماءِ إنَّ اللهَ قد أحَبَّ فلاناً فأحِبُّوه فيُحِبُّه أهلُ السماءِ ويوضَعُ له القَبولُ في أهلِ الأرضِ)، وقال الله تعالى أيضاً: (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمَنُ وُدًّا)؛ أيّ أن يجعل الله تعالى للعبد الذي أحبّه محبةً وقبولاً وتقديراً في قلوب الناس، وإذا نال العبد محبّة الله -تعالى- ورضاه، ملأ الله -تعالى- قلبه طمأنينةً وسروراً، ووفّقه وحفظه، وأعانه على قضاء حوائجه، واستجاب دعائه، ووجد العبد حلاوة الإيمان في سائر شؤونه، وكلّ ذلك ببركة حبّ الله -تعالى- للمرء، حيث لا شيء كفوز العبد بمحبّة ربّه.
تحقيق رضا الله
يصلُ العبد إلى رضا الله -عزّ وجلّ- إذا داوم على القيام بالطاعات ، وتجنّب المعاصي، وفيما يأتي ذكرٌ لجانبٍ من الاعمال التي تُرضي الله تعالى:
- سؤال الله -تعالى- أن يوفّق الإنسان للعمل الصالح دائماً، حيث قال الله سبحانه: (فَتَبَسَّمَ ضَاحِكًا مِنْ قَوْلِهَا وَقَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ).
- المسارعة إلى إرضاء الله تعالى، حيث قال الله عن حال موسى عليه السلام: (وَمَا أَعْجَلَكَ عَنْ قَوْمِكَ يَا مُوسَى*قَالَ هُمْ أُولَاءِ عَلَى أَثَرِي وَعَجِلْتُ إِلَيْكَ رَبِّ لِتَرْضَى).
- إخلاص أداء الأعمال الصّالحة لله وحده، حيث قال الله تعالى: (مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا).
- الرضا بما ينزل الله -تعالى- من بلاءٍ على العبد، فالله إذا أحبّ عبداً ابتلاه، فعلى من أقبل يبحث عن رضا الله، أن يتوقّع أن يُبتلى ليُختبر، وعليه أن يتهيأ ليرضى بما ينزل فيه من بلاءٍ.
- الاعتصام بحبل الله تعالى، وتقديم النصح لولاة الأمور، حيث قال النبي صلّى الله عليه وسلّم: (إنَّ اللهَ يرضى لكم ثلاثاً، ويسخَطُ ثلاثاً: يرضى لكم أنْ تعبُدوه، ولا تُشرِكوا به شيئاً، وأنْ تعتصموا بحبلِ اللهِ جميعاً، وأنْ تُناصِحوا مَن ولَّاه اللهُ أمرَكم).
- اقتفاء أثر الصالحين والعباد الذين يُظنّ أنّ الله راضٍ عنهم، ومنهم: المؤمنون الصالحون، والمهاجرون والأنصار ، والمتقون، والصادقون في أقوالهم وأفعالهم، ومن عادى الكفّار وأعداء الله، وأبغضوهم.
- الاستجابة لله تعالى، وللرسول صلّى الله عليه وسلّم، حيث قال الله تعالى: (وَاتَّبَعُوا رِضْوَانَ اللَّهِ)، قال أحد المفسّرين بأنّ المقصود باتّباع ما يُرضي الله؛ أي اتّباع شرع الله تعالى، وسنّة رسول الله، والاستجابة لهما.
- حبّ الصحابة رضوان الله عليهم، والترضّي عليهم، فالله -تعالى- رضي عن صحابة رسول الله، وذكر ذلك في القرآن الكريم، فقال: (لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ)، وكذلك فإنّ الله أخبر في مواضعٍ أخرى عن رضاه عن المهاجرين والأنصار، ومن تبعهم بإحسانٍ، فكلّ من سبّ أو شتم الصحابة العظام، فسيلقى عذاباً عظيماً.
- شكر الله -تعالى- على نعمه، فإنّ ذلك ممّا يستجلب الرضا للعبد.
- تجنّب كلّ ما لا يُرضي الله تعالى؛ من أفعالٍ وأقوالٍ، فإنّ ذلك يُدخل في دائرة الرضا ولا شكّ.
دلائل رضا الله عن العبد
إذا اجتهد المسلم في البحث عمّا يُرضي الله سبحانه، فأتاه وبادر إليه، فإنّه لا شكّ سينتهي به المطاف، بتحقيق رضوان الله -تعالى- عليه، وإنّ لرضا الله -تعالى- عن العبد علاماتٌ ودلائل يعيشها في حياته الدنيا، ويفرح بها يوم القيامة ، وفيما يأتي بيان بعضها:
- توفيق الله لعبده، لمزيدٍ من الطاعات والحسنات ، ومنها توفيقه للنوافل من الصلوات ، والصيام ، والإنفاق، والاحتساب، وغير ذلك.
- توفيق الله لعبده، للإكثار من الإنابة والتوبة من الذنوب، فكلّ زيادةٍ في التوبة، ما هي إلّا دلائل محبة الله -تعالى- لعبده، ورضاه عنه.
- صيانة الله -تعالى- لعباده في جوارحهم، حيث قال الله -تعالى- في الحديث القدسي : (وما يزالُ عبدي يتقرَّبُ إليَّ بالنَّوافلِ حتَّى أُحبَّه، فإذا أحببتُه: كنتُ سمعَه الَّذي يسمَعُ به، وبصرَه الَّذي يُبصِرُ به، ويدَه الَّتي يبطِشُ بها، ورِجلَه الَّتي يمشي بها)، ففي ذلك إشارةٌ إلى توفيق الجوارح إلى الطاعات، وثنيها عن المعاصي .
- حبّ العبد للتزاور، وللتناصح في الله تعالى، والتباذل في سبيله، ودليل ذلك قول النبي صلّى الله عليه وسلّم: (حقَّت محبتي للمتحابين فيَّ، وحقت محبتي للمتزاورين فيَّ، وحقت محبتي للمتباذلين فيَّ، وحقت محبتي للمتواصلين فيَّ)، ويُقصد من التزاور أن يكون لمرضاة الله تعالى، بما يشتمله التزاور من محبةٍ وتعاونٍ على طاعة الله تعالى.
- نيل العبد حبّ الناس من حوله، ورضاهم عنه، فالله -تعالى- إن أحبّ عبداً، نادى في السماوات أنّه يحبّه، فيحبّه جبريلٌ، وملائكة السماء، ثمّ ينزل الله -تعالى- القبول للعبد في الارض.
- تطهير العبد من ذنوبه، بالابتلاءات في الدنيا، فإنّ الله -تعالى- إن أحبّ عبداً ابتلاه، وإن ابتلاه كان ذلك تكفيراً لذنوبه ، ورفعاً لدرجاته، حيث قال النبي صلّى الله عليه وسلّم: (إذا أرادَ اللَّهُ بعبدِه الخيرَ، عجَّلَ لَه العقوبةَ في الدُّنيا، وإذَا أرادَ اللَّهُ بعبدِه الشَّرَّ، أمسَك عنهُ بذنبِه، حتَّى يوافيَ بِه يومَ القيامة)، وقال أيضاً: (إن عِظَمَ الجزاءِ مع عِظَمِ البلاءِ، وإن اللهَ -عزّ وجلّ- إذا أَحَبَّ قوماً ابتلاهم؛ فمن رَضِيَ فله الرِّضَى، ومن سَخِطَ فله السُّخْطُ).