كيف نتعلم احكام التجويد
قراءة القرآن الكريم
فرّق العلماء في مَن لم يتعلّم تجويد القرآن الكريم بين مَن يخطئ الخطأ الجليّ، ومَن يخطئ الخطأ الخفيّ، فقالوا بأنّ اللحن الجليّ لا تجوز القراءة معه، حيث إنّه تغيير في مبنى الكلمة، ومعناها أحياناً، أمّا اللحن الخفيّ فرأى العلماء فُسحةً فيه لمن لم يتعلّمه بجميع تفاصيله، وفي هذا قال أحد شيوخ علم التجويد: (وينبغي أن تُراعى جميع قواعدهم وجوباً فيما يتغيّر به المبنى، ويُفسد به المعنى، واستحباباً فيما يُحسن به اللفظ، أو يستحسن به النطق حال الأداء)، قال النبيّ صلّى الله عليه وسلّم: (والذي يقرأ القرآنَ ويتَتَعْتَعُ فيه، وهو عليه شاقٌّ، له أجرانِ).
كيفية تعلّم أحكام التجويد
إنّ الاصل في تعلّم القرآن الكريم وأحكامه وتجويده أن يكون بتلاوته على شيخٍ متقنٍ للأحكام، ويكون بأسلوبيّ المشافهة والتلقين، فيأخذ حينها الطالب علوم القرآن وهو مطمئن لصحة تلاوته، ويفضّل للطالب أن يقرأ القرآن وعلومه على موجّه؛ لأنّه يقع في الخطأ ولا يدركه، فلا يكون طريقه سليماً في التعلّم حينها، أمّا إن تعسّر على الإنسان لقاء شيخٍ، وتلاوة القرآن، وأخذ علومه على يده؛ لضيق وقت أو سوى ذلك، فلا بأس أن يتعلّم التلاوة في مجالس العلم العامّة، أو عن طريق الاستماع للصوتيات التي تشرح أحكام التجويد ، أو بحضور مقاطع للفيديو تشرح ذلك نظريّاً وعمليّاً أيضاً، أو قد يكون عن طريق الاستماع لتلاوة المصحف المعلّم، فيكرّر الآيات خلف شيخ متقن، وعلى الإنسان أن يضع جهده وهمّه في سبيل تحقيق هذه الغاية العظيمة، فإنّ أجر تعلّم القرآن عظيم عند الله تعالى، حي قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: (خيرُكم مَن تعلَّم القرآنَ وعلَّمه)، وقال أيضاً: (الماهرُ بالقرآن مع السفرةِ الكرامِ البرَرَةِ، والذي يقرأ القرآنَ ويتَتَعْتَعُ فيه، وهو عليه شاقٌّ، له أجرانِ، وفي روايةٍ: والذي يقرأُ وهو يشتدُّ عليه له أجرانِ)، فهذه المنزلة الرفيعة لمتقن القرآن ومتعلّمه تستحقّ منه الجهد وتفريغ الوقت والذهن لذلك.
مصطلحات في علم التجويد
يتعلّق بعلم التّجويد العديد من المفردات التي يُتطرّق لها متعلّم أحكام التلاوة والتجويد، وفي ما يأتي بيان المقصود ببعض مصطلحات علم التجويد:
- تعريف التجويد لُغةً: التجويد هو مصدر جوّد، وهو إتقان العمل، وتحسينه، وجعله جيّداً.
- تعريف التجويد اصطلاحاً: إخراج كلّ حرفٍ من مخرجه، وإعطاؤه حقّه ومستحقّه من الصفات والأحكام، هذا في كيفيّة التطبيق، أمّا من الناحية النظريّة فهو علم يبحث في قواعد تصحيح التلاوة، فحين نزل القرآن على رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- كان مُتقناً للغة العربيّة، فصيحاً، وكذلك كان الصّحابة رضي الله عنهم، لكن وبمرور الوقت، ودخول العجم في الإسلام، ظهرت أخطاء في التلاوة استلزمت ظهور علم لتجويد القرآن الكريم.
- تعريف اللحن: يُقصد بقول اللحن هو الميل من الصواب إلى الخطأ، ويُقسم اللحن إلى قسمين؛ هما: اللحن الجليّ، واللحن الخفيّ.
- تعريف اللحن الجلي: خطأ يكون في لفظ الكلمة، فيخلُّ بعُرف القراءة، ومبنى الكلمة، سواءً أخلّ بالمعنى أم لم يخلّ، وسمي جليّاً؛ لأنّه ظاهر، ويشترك في إقراره علماء القراءات وغيرهم، ويكون في الحروف والكلمات، والحركات والسكنات.
- تعريف اللحن الخفي:خطأ يطرأ على الألفاظ، فيخلّ بالعُرف، ولا يخلّ بالمبنى، سواءً أخلّ بالمعنى أم لم يخلّ، وسمّي خفيّاً؛ لأنّه مختص بمعرفته بأهل العلم، لا بعامّة الناس محال اللحن الجليّ.
أهمية علم التجويد
لا شكّ أن تعلّم قراءة القرآن على الشكل الذي أنزل على الرّسول -صلّى الله عليه وسلّم- هو من أعظم القُربات عند ربّ العالمين، وإنّ من أرفع العلوم التي قد يتلقّاها مسلم هي علوم القرآن الكريم، ولقد حثّ الرّسول -صلّى الله عليه وسلّم- المسلمين على قراءة القرآن الكريم؛ لعظيم فضله، ونفعه على المسلم في الدّنيا والآخرة ، حيثي قال: (اقْرَؤوا القرآنَ، فإنه يأتي يومَ القيامةِ شفيعاً لأصحابه)، ولا يصل المرء لهذا الفضل من شفاعةٍ، وعلوّ مع الكرام البررة، إلّا إذا أتقنه، وقرأه كما قرأه الرّسول -صلّى الله عليه وسلّم- أوّل مرّة، فكما أنّ رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- أخذ القراءة عن جبريل -عليه السلام- بالمشافهة، ثمّ أخذها عنه أصحابه -رضي الله عنهم- بنفس الطريقة، كانت أهميّة تعلّم أحكام التجويد، وتلاوته على شيوخ متقنين في هذا الزمان، فبهذه الطريقة يصل المسلم إلى تلاوة كلام ربه -عزّ وجلّ- كما أُنزل على رسوله -صلّى الله عليه وسلّم- أوّل مرّة، فيفوز بتلك الأجور والأفضال التي وعد بها الرسول صلّى الله عليه وسلّم.
ولقد كان رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- يُوصي أصحابه بأن يقرؤوا القرآن، ويرتّلوه ترتيلاً، وقد اختار من بينهم من كان مميّزاً في تلاوته، فأوصى أصحابه أن يستمعوا له، حيث قال: (من سرَّهُ أن يقرأَ القرآنَ غضّاً كما أُنْزِلَ، فليَقرأهُ منَ ابنِ أمِّ عبدٍ)، حيث قصد عبد الله بن مسعود رضي الله عنه، ويبيّن ذلك حبّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، وتفضيله لتلاوة عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه- على غيره؛ لإتقان تلاوته، وجمال صوته في تلاوة القرآن الكريم، ويدلّ قول الرّسول على أنّ القراءة المطلوبة للقرآن الكريم قراءته بصوتٍ حسنٍ، مع الدقة في الأداء، وتحقيق الجودة في ترتيله، كما أنّ النبي خصّ طائفة من الصحابة ليصبحوا أئمة؛ منهم: عثمان بن عفان ، وعلي بن أبي طالب ، وغيرهم.