كيف مات سعد بن معاذ
انفجار جرح سعد بن معاذ ووفاته
أُصيب الصحابي سعد بن معاذ -رضيَ الله عنه- بجرحٍ عميقٍ في يده في غزوة بني قريظة، فجعل له رسول الله خيمةً قرب المسجد أثناء الغزوة، وكان مضطجعاً فيها، فدخلت عليه عنزة؛ أي شاة، فداست على جرحه، فانفجر الجرح، فأرسل الصحابة إلى رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-، فجاءه مسرعاً والدم يتقاطر منه ويخرج من الخيمة.
وكان سعد -رضيَ الله عنه- مسجّى بثيابٍ بيضاء، لا تغطّي جسده كلّه، فجعل الرسول -صلّى الله عليه وسلّم- يضع رأسه في حِجر سعد، ويدعو قائلاً: (اللَّهُمَّ إنَّ سَعدًا قد جاهَدَ في سَبيلِكَ، وصَدَّقَ رسولَكَ، وقَضى الذي عليه، فتَقبَّلْ رُوحَه بخَيرِ ما تَقبَّلتَ به رُوحًا)، فخاف أهل بيت سعد من تصرّف النبي ذاك، فأخبرهم أنّه يستأذن من الله -تعالى- أن تشهد الملائكة وفاة سعد.
سبب جرح سعد بن معاذ
شهد سعد بن معاذ -رضيَ الله عنه- مع الصحابة غزوة بني قريظة، وأُصيب في الغزوة بسهمٍ رماه شخصٌ من يهود بني قريظة يُدعى حِبّان بن العَرِقة، فوقع السهم على كاحل سعد، وأدماه، ولكنّ رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- عالجه، وقام بِكيِّ الجرح بالنار، فالتأم الجرح وتوقف عن النزف.
دعاء سعد بعد غزوة بني قريظة
كان سعد بن معاذ -رضيَ الله عنه- يدعو الله -تعالى- أن لا يقبض روحه قبل أن يُثلج صدره ويُقرّ عينه ببني قريظة؛ وذلك لِما فعلوا بالمسلمين وغدروا بهم، يوم أن التفّوا مع الكفار يوم الأحزاب ، ولِما كانوا يحيكون من مؤامراتٍ وتدابير يضرّ بالمسلمين، ولمّا غزاهم نبي الله -عليه السّلام-، اختاروا أن يحكم فيهم سعد بن معاذ -رضيَ الله عنه-، وقد كان من حلفائهم في الجاهليّة؛ ظنّاً منهم أنّه سيرأف بهم.
وقد أرسل رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- إلى سعد؛ ليحكم فيهم، وقد كان مريضاً من أثر جرحه، فجيء به على دابة، فحكم عليهم بالقتل والسّبي؛ وذلك لأنّ محبّة الله ورسوله مقدّمة عنده فوق كل اعتبار، وبذلك استجاب الله -تعالى- دعاء سعد بن معاذ، وأثلج صدره بهم، فعادوا به إلى خيمته حيث المسجد النبوي، وهو يسأل الله -تعالى- الشهادة، وقد أعطاه الله -تعالى- سؤله حين استشهد إثر انفجار جرحه.
دفن سعد بن معاذ
دُفن سعد بن معاذ -رضيَ الله عنه- في مقبرة البقيع، وكان عمره لمّا استشهد سبعاً وثلاثين سنة، قال رسول الله -صلى الله عليه وسلّم-: (اهْتَزَّ عَرْشُ الرَّحْمَنِ لِمَوْتِ سَعْدِ بنِ مُعَاذٍ).
حزن رسول الله -عليه الصّلاة والسّلام- على موته حزناً شديداً، وبكا حتى انحدرت دموعه على لحيته، وبكا أهله وأصحابه، كما شيّعته الملائكة، ولذا كان نعشه خفيفاً، حتى قال المنافقون : ما أخفّ جنازته؛ وذلك لحكمه في بني قريظة، فأخبرهم النبيّ أنّ الملائكة كانت تحمله، وأنّ سبعين ألفاً من الملائكة حضروا جنازته ودفنه.