كيف كرم الله العلماء
ذكرهم في القرآن الكريم
لقد جعل الإسلام للعلماء مكانةٍ رفيعة ودرجةٍ عالية، ورفع الله -سبحانه- شأنهم وأعلى قدرهم وعظّم احترامهم وكفل لهم الحقوق التي تقدّرهم، وقد أثبتت النّصوص القرآنيّة ذلك، قال -تعالى-: (شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلَائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ قَائِمًا بِالْقِسْطِ)، ويقول -سبحانه-: (يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ)، وقوله -تعالى-: (إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ).
رتب لهم الأجر العظيم
لقد ميّز الله -سبحانه وتعالى- العلماء على غيرهم، وجعل لهم أجراً عظيماً جزاءً لهم على علمهم الذي يخدمون النّاس به، نذكر من هذه الأجور ما يأتي:
- جعل الله -سبحانه- منزلة العالم الذي يسعى بعلمه بين النّاس، أعلى منزلة من العابد الذي يسعى بعبادته لنفع نفسه، كما يكون للقمر يوم اكتماله فضل على باقي الكواكب، وقد دلّ على ذلك الحديث الضعيف، عن النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- أنّه قال: (فَضلُ العالِمِ علَى العابِدِ، كفَضلِ القَمرِ ليلةَ البدرِ على سائرِ الكواكبِ).
- خصّهم المولى -سبحانه- بإرشاد النّاس، وإصلاحهم للنّجاة في الدنيا والآخرة.
- تحقيق معنى الاستخلاف في الأرض، بتهذيب النفوس والسعي إلى العلم والتعليم، التي هي في الأصل من أجل العبادات.
- استحقاق الرتبة الجليلة، بأن يكونوا واسطة بين العباد وربهم -سبحانه-، ودلالتهم على خشيته وتعريفهم بأوامره.
جعلهم ورثة للأنبياء
إنّ العلماء العالمون بأمر الله -تعالى- والمتفقهون بتعاليم دينه والمطبّقون لهدي نبيه، والسائرون على خطى السلف الصالح من أمّته، جعلهم الله -سبحانه- ورثة الأنبياء ، لا بدرهمٍ ولا بمالٍ، إنّما بميراثِ العلم والإصلاح؛ فالنّبوة في الأرض قد انتهت، لكن العلم والعلماء ورثوا الدعوة وكانوا الأحقّ بها وبإقامة الحجّة على النّاس، ولذا أوجب الله طاعتهم، فيقول -سبحانه-: (أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ).
وبهذا يكون العلماء بمهمة جليلة؛ لأنّهم يؤتمنون على مصالح الأمّة وينظرون في الأحكام ويتشاورون في مستجدات الأمور، وكل هذا ليس بالأمر السهل الذي يستطيعه أيّ مسلم.
الربط بين العلم والخشية من الله
إنّ العلم بدين الله -سبحانه-، يزيد من محبته وخشيته والحرص على تقدير جلاله في كل الأمور؛ فكلّما كان المسلم أعرف كان لدين الله أخشى وأتقى، ولذلك كان العلماء ممّن تمتلأ قلوبهم وجلاً.
لأنّ كمال العلم وحسن التفكّر في الكون وإدراك مقاصد الشريعة الإسلاميّة، كلّها ساهمت في زرع اليقين في نفوسهم بأنّ هذا الدين الإسلامي هو الدين الحق الذي ارتضاه الله -سبحانه- لعباده، والتي راعى فيهم مصالحهم بطريقة كافية وتامّة، وبذلك قال -سبحانه-: (إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ).
جعلهم مرجعاً للناس
على المسلم إذا أشكل عليه أمرٍ في دينه، ولم يعلم ماذا يفعل عليه أن يسأل أهل العلم عن ذلك، ويستقصي حكم الله -سبحانه- منهم، فهم الأعلم منه وأكثر النّاس معرفة لدينه وأمره، وهذا فرض على كلِّ مسلمٍ يجهل حكماً أو فتوى في أمرٍ معين ولم يستطع التميّيز في أمرها.
والدليل على هذا قوله -عزوجل-: (فَاسْأَلُواْ أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ)، وليحرص المسلم على أن يسأل الثّقات من أهل العلم، ممّن انتشر خبرهم وثقة النّاس بهم، لا أن يبحث عمّن تساهل وأفتى بهواه.