كيف كانت الصلاة قبل الإسلام
كيف كانت الصلاة قبل الإسلام
كان للأُممِ السّابقة العديد من الشعائرِ؛ كالحجّ، والصوم، وكذلك الصلاة ، فقد كانت معروفةً في الأديانِ السّابقة قبل الإسلام، ولكنَّها كانت مُختلفة من حيثِ الكيفيّة، وممَّا يؤكدُ وُجودها قبل الإسلام واختلاف هيئتها وكيفيّتها قوله -تعالى-: (وَما كانَ صَلاتُهُم عِندَ البَيتِ إِلّا مُكاءً وَتَصدِيَةً)، فقد كانت صلاة قريش تصفيقاً وتصفيراً بدلاً من الدُعاء والتسبيح. وكانت في بداية الأمر ركعتين ركعتين، لِقول عائشة -رضي الله عنها-: (فَرَضَ اللَّهُ الصَّلَاةَ حِينَ فَرَضَهَا، رَكْعَتَيْنِ رَكْعَتَيْنِ، في الحَضَرِ والسَّفَرِ، فَأُقِرَّتْ صَلَاةُ السَّفَرِ، وزِيدَ في صَلَاةِ الحَضَرِ)، وقيل: أربع ركعات، ثُمّ قُصرت إلى ركعتين في السّفر، وذهب الحربيّ إلى أنّها كانت ركعتين في الصباح، وركعتين في المساء، ثُمّ فُرضت الصلوات الخمس.
ولكنّ الصّلاة بكيفيّتها الحاليّة المعروفة التي أمر الله بها لم تكن معروفة عند العرب من الوثنيّين والجاهليّين الذين يعبدون الأصنام، وأمّا يهود العرب ونصرانيهم فقد كانوا يُصلّون صلاتهم بطريقتهم الخاصة في معابدهِم، وأمّا صلاةُ العرب الجاهليين فكانت عبارةً عن لهوٍ ولعب، وتصفيقٍ وتصفيرٍ من غير أدبٍ ووقار. وقيل إنّ النبيّ -عليه الصلاةُ والسلام- كان يُصلي في بدايةِ النّهار صلاة الضُحى عند الكعبة، ولا يُنكرُ عليه أحدٌ من المُشركين، مما يدّلُ على وُجودها عند العرب في الجاهليّةِ، وقد كان الناس في الجاهلية يتقرّبون إلى الله بعبادة الأصنام، لِقولهِ -تعالى- على لِسانهم: (وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِياءَ ما نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونا إِلَى اللَّهِ زُلْفى)، فيُشركون معهُ آلهةً أُخرى، ويَلجأون إليها، ويدعونها، ويُقدِّمون القرابين لها، ويَحجّون إليها، ويطوفون حولها، وغير ذلك من أنواعِ التقرُّبِ والعِبادة.
فرضية الصلاة
فُرضت الصلوات الخمس في ليلةِ الإسراءِ والمعراج قبل الهجرة بسنة، وكانت صلاةُ الظهر أوَّلُ صلاةٍ صلّاها النبيّ -عليه الصلاةُ والسلام-، وكانت في بدايةِ فرضِها خمسين صلاة، وبقيَ النبيّ -عليه الصلاةُ والسلام- يُراجعُ الله -تعالى- بناءً على كلامِ موسى -عليه السلام- له، حتى أصبحت خمسُ صلوات، وعددُ ركعات الصلاة المفروضة في كُلِّ يومٍ في الحضرِ سبعة عشر ركعة إلا يومُ الجُمعة، فتُصبح خمسة عشر ركعة، وأمّا بالنسبةِ للمُسافرِ فعددُها إحدى عشرة ركعة إن صلّاها قصراً .
وعدد ركعات الصلاة بالنّسبة للمقيم كما يأتي: فصلاةُ الفجر ركعتان، وصلاةُ الظُهر أربعُ ركعات، وصلاةُ العصر أربعُ ركعات، وصلاةُ المغرب ثلاثُ ركعات، وصلاةُ العِشاء أربعُ ركعات، أمّا المُسافر فيُصلّيها جميعاً ركعتين، إلَّا صلاةُ المغرب فيُصلّيها ثلاثُ ركعات، وكانت بدايةُ فرضها في مكة المُكرمة؛ لأن الآيات والسور المكيّة كانت تحثُّ على المُحافظةِ عليها، وجمعها الله -تعالى- بِقولهِ: (وَأَقِمِ الصَّلاَةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِنَ اللَّيْل)؛ فصلاةُ الفجر تُؤدّى في طرفِ النَّهار، وصلاتَي الظُهر والعُصر تُؤدّيان في الطرفِ الآخر منه، وفي زُلَف اللّيل تُؤدّى صلاتَي المغرب والعِشاء، وزُلَف اللّيل أي: ساعاتهُ.
مكانة الصلاة في الإسلام
إنَّ للصلاةِ مكانةً عظيمةً ورفيعةً في الإسلام، وفيما يأتي ذكرٌ لهذه المكانة:
- تُعدُّ الصلاةُ عمادَ الدين الذي يقومُ عليه، وقد فرضها الله -تعالى- على النبيّ -عليه الصلاة والسلام- في ليلةِ الإسراءِ والمعراج بشكلٍ مباشر من غيرِ واسطة، فكانت أوّل ما أوجبه الله -تعالى- من العِباداتِ.
- تُعتبر الصلاة أوّل ما يُحاسب عليهِ الإنسان يوم القيامة، ودليل ذلك قول النبي -صلَّى الله عليه وسَلَّم-: (إنَّ أوَّلَ ما يُحاسَبُ بهِ العبدُ يومَ القيامةِ من عمَلِهِ الصلاةُ، فإنْ صلُحَتْ فقدْ أفلَحَ وأنْجَحَ، وإنْ فسَدَتْ فقدْ خابَ وخَسِِرَ).
- كانت الوصية الأخيرة التي أَوصى بها النبيّ -عليه الصلاةُ والسلام- قبل موتِه، وهي آخر ما يُفقدُ من الدّينِ، وبِفقدانها يُفقدُ الدينُ كُلِه، قال -صلى الله عليه وسلم-: (لتُنْقَضَنَّ عُرَى الإسلامِ عروةً عروةً، فكلَّما انتقضتْ عروةٌ، تشبث الناسُ بالتي تليها، فأوَّلُهُنَّ نقضًا الحكمُ، وأخِرُهُنَّ الصلاةُ).
- قرنَها الله -تعالى- في الكثيرِ من الآيات بالذّكر وأعمال البرّ.
- أمرنا الله -تعالى- بالمحافظةِ عليها في الحضرِ والسفر ، والأمنِ والخوف، وحذّر من تركِها أو التهاونِ فيها، فهيَ لا تَنفكُّ عن المُسلمِ في جميعِ حالاتِه، وتبقى مُلازمةً له طوال حياته.
- تُعدّ آكدُ أركان الإسلام بعد الشهادتين، لِقولِ النبيّ -عليه الصلاةُ والسلام-: (بُنِيَ الإسْلامُ علَى خَمْسٍ، شَهادَةِ أنْ لا إلَهَ إلَّا اللَّهُ، وأنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ ورَسولُهُ، وإقامِ الصَّلاةِ، وإيتاءِ الزَّكاةِ، وحَجِّ البَيْتِ، وصَوْمِ رَمَضانَ)، بالإضافةِ إلى أنَّها قُرّة عين النبيّ -عليه الصلاةُ والسلام- في حياتِه.