كيف كان يستقبل الصحابة عيد الأضحى؟
من مظاهر وآداب استقبال الصحابة لعيد الأضحى ما يأتي:
الاغتسال والتَّجمُّل والتَّطيُّب ولبس الثياب الحسنة
"اتفقت المذاهب الأربعة على استحباب الغسل لصلاة العيد والعيد بشكل عام، والتطيب، والتنظف والتجمل في اللباس، ويستحب ذلك للإمام أكثر من غيره، لأنه قدوة للناس وهو المنظور إليه من بينهم."
عن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- أنه قال: (وَجَدَ عُمَرُ حُلَّةَ استبرق تُبَاعُ في السُّوقِ، فأتَى بهَا رَسولَ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ- فَقَالَ: يا رَسولَ اللَّهِ ابْتَعْ هذِه الحُلَّةَ، فَتَجَمَّلْ بهَا لِلْعِيدِ ولِلْوُفُودِ).
الإكثار من التكبير
"عن ابن عمر أنه كان يغدو إلى العيد من المسجد فيكبر حتى يأتي المصلي، ويكبر حتى يخرج الإمام"، و التكبير في عيد الأضحى يكون إمّا مطلقاً أو مقيداً؛ فالمطلق هو: المشروع من أول أيام عشرة ذي الحجة، والمقيِّد: الذي يبدأ من فجر يوم عرفة لغير الحاج، وأما للحاج فيبدأ من صلاة ظهر يوم العيد، إلى عصر آخر يوم من أيام التشريق .
الخروج باكراً إلى مصلى صلاة العيد
من فعل الصحابة -رضي الله عنهم- في يوم العيد الذهاب مبكراً إلى المصلى، وأن يذهب المسلم من طريق ويعود من طريق اقتداءً برسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وحتى يلتقي بأكبر عدد من المسلمين فيهنئهم بالعيد ويتشارك معهم شعيرة إظهار الفرح والسرور.
عن يزيد بن أبي عبيد قال: صليت مع سلمة بن الأكوع في مسجد النبي -صلى الله عليه وسلم- صلاة الصبح، ثم خرج فخرجت معه حتى أتينا المصلى فجلس وجلست حتى جاء الإمام.
البدء بالصلاة قبل الخطبة ومن غير رفع أذان ولا إقامة
كان من فعل الصحابة -رضوان الله عليهم- تقديم صلاة العيد على الخطبة وهو ما اتفق عليه جمهور الفقهاء لاحقاً، وهو ما فعله النبي - صلى الله عليه وسلم-؛ ودليل ذلك ما يأتي:
- رُوَّي عن ابن عباس- رضي الله عنهما- أنه قال: (أَشْهَدُ علَى رَسولِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ- أنه صَلَّى قَبْلَ الخُطْبَةِ، قالَ: ثُمَّ خَطَبَ، فَرَأَى أنَّهُ لَمْ يُسْمِعِ النِّسَاءَ، فأتَاهُنَّ، فَذَكَّرَهُنَّ، وَوَعَظَهُنَّ، وَأَمَرَهُنَّ بالصَّدَقَةِ، وَبِلَالٌ قَائِلٌ بثَوْبِهِ، فَجَعَلَتِ المَرْأَةُ تُلْقِي الخَاتَمَ، وَالْخُرْصَ، وَالشَّيْءَ).
- عن جابر بن عبد الله وعبد الله بن عباس -رضي الله عنهما- قال: (لَمْ يَكُنْ يُؤَذَّنُ يَومَ الفِطْرِ ولَا يَومَ الأضْحَى).
إظهار الفرح والسرور
العيد فرحة طاعة وعبادة، والفرح شعيرة دينية أمر بها الله -عزَّ وجلَّ- عباده، قال -تعالى-: (قُل بِفَضلِ اللَّـهِ وَبِرَحمَتِهِ فَبِذلِكَ فَليَفرَحوا هُوَ خَيرٌ مِمّا يَجمَعونَ) ، وقد جاء عيد الأضحى بعد ركن عظيم من أركان الإسلام التي تجمع المسلمين على صفة وهيئة واحدة وهي شعيرة حج البيت ، ولا بأس في العيد من اللعب المباح وفعل ما يدخل البهجة إلى النفوس.
عن عائشة -رضي الله عنها- أنها قالت: (دَخَلَ عَلَيَّ رَسولُ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ- وعِندِي جارِيَتانِ تُغَنِّيانِ بغِناءِ بُعاثَ، فاضْطَجَعَ علَى الفِراشِ، وحَوَّلَ وجْهَهُ، ودَخَلَ أبو بَكْرٍ، فانْتَهَرَنِي وقالَ: مِزْمارَةُ الشَّيْطانِ عِنْدَ النبيِّ -صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ-، فأقْبَلَ عليه رَسولُ اللَّهِ -عليه السَّلامُ- فقالَ: دَعْهُما، فَلَمَّا غَفَلَ غَمَزْتُهُما فَخَرَجَتا، وكانَ يَوم عِيدٍ، يَلْعَبُ السُّودانُ بالدَّرَقِ والحِرابِ، فَإِمَّا سَأَلْتُ النبيَّ -صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ-، وإمَّا قالَ: تَشْتَهِينَ تَنْظُرِينَ؟ فَقُلتُ: نَعَمْ، فأقامَنِي وراءَهُ، خَدِّي علَى خَدِّهِ).