كيف تكون سعيدًا في حياتك مع الله
كيفية تحقيق السعادة مع الله
تتحقّق السّعادة عند النّاس عندما تلبّى أهدافهم وتطلّعاتهم في الحياة وتصير أحلامهم حقيقة على أرض الواقع، فمن كان هدفه المال يجد السّعادة عندما يتوفّر عنده المال الكثير، ومن كان هدفه الجاه والسّلطة يجد السّعادة عندما يتولّى المناصب العليا، بينما المؤمن اللّبيب لا يدرك معنى السّعادة الحقيقة إلاّ عندما يكون مع ربّه -عزّ وجل-، وفيما يأتي ذكر أبرز الأمور التي تحقّق السعادة مع الخالق -سبحانه-:
الإيمان والعمل الصالح
إنّ الإيمان بالله -تعالى- والتقرّب إليه بعمل الصالحات وأداء الفرائض من أكبر أسباب السعادة الحقيقية في حياة المسلم، وقد صدق -تعالى- حين قال: (مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً)، لِذا قال بعض السلف: "إننا في سعادة لو علم بها الملوك لجالدونا عليها بالسيوف".
لِذا مَن أراد تذوّق طعم السعادة حقاً فعليه بتقوية إيمانه بالله والمداومة على فعل الطاعات والعبادات ، فالسعادة شجرة سقياها الإيمان والعمل الصالح، وكلّما اجتهد المؤمن في سقيها نال لذَّةً أكثر في طعم ثمارها، وصدق الشاعر عندما قال:
ولست أرى السعادة جمع مال
- ولكن التقي هو السعيدُ
وتقوى الله خير الزاد ذخراً
- وعند الله للأتقى مزيدُ
سلامة الصدر من الحقد والحسد
لا شكّ أنّ سلامة الصدر ستحقّق لصاحبها راحةً عميقة، وهذه الراحة هي في ذاتها جزء من السعادة، ويكون ذلك بتمنّي المسلم الخير لإخوانه، وعدم حسدهم والاطّلاع على ما في أيديهم، وتكون كذلك بنسب الفضل إلى الله -تعالى- العادل الحكيم دائماً، فمَن كان هذا حاله سيُجنّب الأذى والبغض، وسينعم ب محبّة الله -تعالى- والخلق.
الرّضا والتسليم لقضاء الله
إنّ أساس السعادة الحقيقة هو الشعور ب الرضا والتسليم لقضاء الله وقدره، إذ إنّ الراحة والكثير من المشاعر الإيجابية تنبع من الرّضا، وكلّما زاد إيمان العبد واقتداؤه بالنبي -صلى الله عليه وسلم- زاد رضاه بالله -تعالى- والتسليم بقضائه وقدره، فيُدرك أنّ كلّ ما يختاره له هو الخير، وكل ما يمنعه ويصرفه عنه خيرٌ كذلك.
ثمّ يا لهناء من امتلأ قلبه رِضاً بالسعادة وانشراح الصّدر والطمأنينة! لِذا قال النبيّ الكريم -صلى الله عليه وسلم-: (عَجَبًا لأَمْرِ المُؤْمِنِ، إنَّ أمْرَهُ كُلَّهُ خَيْرٌ، وليسَ ذاكَ لأَحَدٍ إلَّا لِلْمُؤْمِنِ، إنْ أصابَتْهُ سَرَّاءُ شَكَرَ، فَكانَ خَيْرًا له، وإنْ أصابَتْهُ ضَرَّاءُ، صَبَرَ فَكانَ خَيْرًا له).
الإكثار من ذكر الله
الذّكر من أعظم العبادات وأيسر السّبل للتّقرّب إلى الله -تعالى-، واستشعار معيّته وحفظه في الحياة، وقد جاء في السّنّة النّبويّة الشّريفة الكثير من الأذكار المأثورة التي علّمها النّبي -عليه الصّلاة والسّلام- لأصحابه وحثّهم عليها، ومنها أذكار الصّباح والمساء.
ولا شكّ أنّ أثر هذه الأذكار عجيبٌ في حياة المسلم، وهي من أهم أسباب الوصول إلى السّعادة، لأنّ الذّاكر لله -تعالى- يطمئن قلبه بترديد كلمات الذّكر، قال -تعالى-: (الَّذِينَ آمَنُواْ وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُم بِذِكْرِ اللَّهِ أَلاَ بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ)، وقال: (وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكاً).
المحافظة على أداء الصلاة
الصّلاة هي الرّكن الثّاني من أركان الإسلام، وفيها الكثير من الفوائد في حياة المسلم، فإلى جانب الثّواب والأجر الذي يتحصّل عليه العبد من أدائها، وإلى جانب أنّها توثّق صلة العبد بربّه وتقوّيها، فإنّ لها تأثيراً عجيباً في صنع السّعادة في حياة المسلم، فما يُتلى في ركعات الصّلاة من الآيات، وما يتحقّق في السّجود والرّكوع من الآثار الإيجابيّة في النّفس كفيل بتحقيق السّعادة للمسلم وإزالة هموم الدّنيا عنه.
التفكّر في عظيم صنع الله
إنّ تأمّل المسلم في ملكوت السّموات والأرض وما خلقه الله فيها أمرٌ يحقق في نفسه السرور والسعادة، ففي الآفاق من الآيات والمعجزات ما يحيّر العقول، ويبهر الأبصار، فيزيد المؤمن إيمانًا بأنّ الله هو الحقّ، وأنّ دينه الذي ارتضاه للنّاس هو الحقّ، وأنّ كلّ ما وعد الله به هو الحقّ، فيطمئن لأجل ذلك جنانه، وتسكن بيقين القلب أركانه، وتملأ السّعادة خلجات نفسه.
الدعاء وتلاوة القرآن
إنّ استحضار فكرة أنّ الله -عزّ وجلّ- قريب من عباده، يسمع دعاءهم، ويستجيب لهم، ويختار لهم الخير في حياتهم؛ أمرٌ له هيبة عظيمة في النفس، ويُضفي بين خلجاتها الشعور بالسعادة والسرور، وهذا يدفع المسلم إلى دعاء الله -تعالى- بكلّ صغيرةٍ وكبيرة من خيريّ الدنيا والآخرة، ولا يستعظم من ذلك شيئاً على قدرة الخالق -جلّ وعلا-.
كما أنّ وجود القرآن الكريم في حياة العبد نعمةٌ عظيمة لا يقدر على إيفاء شكرها، فكلام الله من أعظم الأمور التي تحقّق السعادة وتنشر النور في القلوب، وقد صدق الله -تعالى- عندما قال: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَشِفَاءٌ لِمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ).