كيف تقوي علاقتك بالله
الإيمان بالله تعالى
الإيمان مصدر الفعل آمن، ومعناه التّصديق، أمّا شرعاً فيُقصد به التّصديق بالقلب، وما يتبعه من إقرارٍ باللسان، ويُقصد بالإيمان بالله تعالى: التّصديق الجازم بوحدانيّة الله تعالى، وأنّه المُستحق وحده للعبادة، والتذلّل والخضوع إليه دون سواه، وإثبات الكمال المطلق له، وتنزيهه عن كل عيبٍ ونقصٍ، فهو مالك وربّ كلّ شيءٍ، وهو الذي يُميت ويُحيي، ويخلق من العدم، ويرزق من يشاء من عباده بغير حساب، ومن الجدير بالذكر أنّ للإيمان معانٍ عدّةً، منها: الانقياد لأمر الله -تعالى- والاستسلام له، حيث جاء هذا المعنى في أكثر من موضع في القرآن الكريم ، ومنها قول الله تبارك وتعالى: (قُلْ إِنَّ هُدَى اللَّهِ هُوَ الْهُدَىٰ ۖ وَأُمِرْنَا لِنُسْلِمَ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ)، ومن معاني الإيمان كذلك إخلاص التّوجه والقصد لله -تعالى- دون سواه، ومنها قوله سبحانه وتعالى: (قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ).
وتجدر الإشارة إلى أنّ الإيمان بالله -تعالى- قائمٌ على معنى عظيمٍ أيضاً، وهو عبادته سبحانه، وقد عرّف بعض العلماء عبادة الله -تعالى- بأنّها كمال الخضوع لله -تعالى- مع الحبّ التامّ له سبحانه، ويُشترط لتحقيق الإيمان بالله -تعالى- الإخلاص؛ إذ لا بُدّ للعبد أن يتوجه إلى الله -تعالى- بقلبٍ صادقٍ لا يُحبّ أحداً فيه كما يُحب الله تعالى، ولا يُقدّم محبة شيءٍ من مخلوقات الله -تعالى- على محبته سبحانه ، وإفراده في الرجاء، والتوكل عليه فلا يرجو المسلم غير الله، ولا يدعو سواه، ولا يخاف من غيره سبحانه، ويؤمن يقيناً ألّا ضارّ له إلا بأمره، ولا أحداً من مخلوقات الله -عزّ وجلّ- ينفعه إلا بمشيئته.
كيفية تقوية العلاقة بالله
علاقة العبد بالله تعالى ليست ثابتة، فالعبد يتقلب بين حالين؛ القرب من الله عزّ وجلّ، أو البعد عنه، والله -تعالى- يُقلّبه كيفما يشاء، وعلى المسلم أن يطلب الهداية من الله -تعالى- بشكلٍ مستمرٍ ومتواصلٍ، وأن يستحضر ضعفه بين يدي الله تعالى، حيث إنّ الغرور من الأمور التي نهى الله -تعالى- عنها وحذّر من الوقوع فيها، فلا يصحّ أن يعتقد المسلم إذا وفقه الله -تعالى- لعملٍ صالحٍ أنّه قد أخذ عهداً من الله بدخول الجنّة ، أو أنّه يقف على أبواب الجنّة، أو أنّه يُدخل من يشاء في رحمة الله ويُخرج من رحمته من يشاء، فموضوع العلاقة مع الله -تعالى- أمرٌ خطيرٌ للغاية، يجدر بالمسلم ألّا يستهين بأيّ خيرٍ يفعله غيره؛ لأنّه قد يكون عند الله -تعالى- قربةً ومنجاةً له.
الدعاء
من طرق تقوية العلاقة بالله تعالى، وتقوية الإيمان به سبحانه؛ الدعاء ، وأوجه الدعاء كثيرةً ومتعددة، منها: الاستعاذة بالله -تعالى- من الشّيطان الرّجيم، حيث ورد في القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة نصوصٌ كثيرةٌ تحثّ على الدعاء، منها قول النبي صلى الله عليه وسلم: (إذا دخل أحدكم المسجد فليسلم على النَّبي صلَّى اللهُ عليه وسلَّم وليقل: اللهمَّ افتح لي أبواب رحمتك وإذا خرج فليسلّم على النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم وليقُلِ: اللَّهمَّ أجِرني من الشَّيطان الرَّجيمِ)، ومن الأدعية المأثورة التي تساعد على تقوية العلاقة بالله تعالى؛ الدعاء بأن يُخسئ الله -تعالى- الشيطان ، فقد رُوي عن أبي الأزهر الأنماري -رضي الله عنه- أنه قال: (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، كان إذا أخذ مضجعه من الليل قال: بسم الله وضعتُ جنبي، اللهم اغفر لي ذنبي، وأخْسئ شيطاني، وفكّ رِهاني، واجعلني في النديّ الأعلى).
اختيار الصحبة الصالحة
إنّ اختيار الصّحبة الصّالحة من الأمور التي تُعدّ في غاية الأهمية عند الحديث عن العلاقة بالله -تعالى- وتقويّتها، ففي اختيار الصّحبة الصّالحة مساعدةً للإنسان على الطّاعة والاستقامة والثبات على الحق والإيمان، ومن البيئات الصّالحة لذلك بيئة المسجد، وأداء العبادات في جماعات بين الحين والآخر؛ مثل صلاة الجماعة مع الأهل والأولاد، وقراءة القرآن الكريم في جلساتٍ جماعيةٍ مرّةً أو أكثر في الأسبوع، وإلقاء دروس مبسطة حول آداب الإسلام، وغير ذلك من الأعمال الصّالحة .
تغيير البيئة
إنّ مجرّد الإحساس بالبعد عن الله تعالى، والرّغبة في تقويّة العلاقة به دليلٌ على أنّ الإنسان لا يزال على خيرٍ، وأنّه سيسلك الطريق الصحيح بإذن الله، فمراجعة النفس ومحاسبتها ثمّ تقويمها خير ما يفعله المسلم لينجو، ومّما يساعد على ذلك معرفة الأسباب، والبيئة التي أدّت إلى تدهور حال المسلم وإبعاده عن الله تعالى، فمعرفة سبب البعد عن الله -تعالى- يحثّ على تجنبّه والابتعاد عنه، وهذا ما يؤدي في نهاية المطاف إلى القرب من الله تعالى ، وتقوية العلاقة به.
نصائح أخرى
إضافة إلى ما سبق، هناك مجموعة من النصائح التي تساعد على تقويّة العلاقة بالله تعالى، وتعزيز الصلة به سبحانه، وفيما يأتي بيانها:
- قراءة القرآن الكريم، والمواظبة على ذلك، وأداء الصلوات في المساجد.
- تجنّب الأشرار وأصحاب المعاصي والسوء.
- السعي في طلب العلم الشرعيّ ، والصبر على تلقّي العلم ، ومجالسة أهل العلم.
- الحدّ من وقت الفراغ والعُزلة، والحرص على إشغال الوقت بما ينفع المسلم في دنياه وآخرته.
- الأمل، والتفاؤل بأنّ الأيام القادمة أجمل وأفضل، وأنّه سبحانه بيده كلّ شيء، وهو -عز وجل- قادرٌ على كلّ شيء.
- التوبة إلى الله -تعالى- من كل المعاصي التي ارتكبها الإنسان، والحرص على عدم العودة لارتكابها، ويجدر بالمسلم اتباع الطرق التي تُؤدي به إلى تحقيق الهدف المنشود؛ فمثلاً إذا كانت صور الهاتف سبباً في معاصي الإنسان يجدر به الاستعاضة عن هاتفه بهاتف نقال دون كاميرا أو ما شابه.
- الحرص على أداء النّوافل من صلواتٍ، وصيامٍ، وصدقةٍ ، وذكر، وغير ذلك من الطاعات، فبالمواظبة على أداء النوافل ينال العبد رضا الله -تعالى- وحبّه.