كيف تصلى صلاة الغائب على الميت
كيفية الصلاة على الميت الغائب
تُصلّى صلاة الجنازة على الميت الغائب كما تُصلى على الميت الحاضر، ولكن في هذه الحالة يكونُ الميت غيرُ موجود، وهي عبارةٌ عن أربعِ تكبيرات، تبدأ برفع المُصلّي يديه في التكبيرةِ الأولى فقط، ثُمّ يضع يمينه على يساره، ويقرأ بعد التعوّذ والبسملة سورةِ الفاتِحة، ثُمّ بعد التكبيرةِ الثانية يقرأ الصلاة الإبراهيميّة، وبعد التكبيرةِ الثالثة يدعو للميت بإخلاص، والأفضل أن يدعو بما أُثر عن النبيّ -عليه الصلاةُ والسلام-، ثُمّ يُكبّر التكبيرة الرابعة، ويُسلّم بعدها تسليمتين، وتجوزُ الصلاةُ على الميت في حالِ غيابهِ عن البلد، فيُصلّى عليه بالتوجهِ نحو القبلة، ثُمّ النية، سواءً كان الميت في جهةِ القبلة أو لم يكن، وهو قول الإمام أحمد، واستدلّ بصلاةِ النبيّ -عليه الصلاة والسلام- على النجاشيّ، وأمّا إن كان الميتُ قريباً فلا تجوزُ الصلاةُ عليه حتى يحضُر، وتكونُ الصلاةُ على الغائب بأربعِ تكبيرات كما وضّحنا سابقاً، وكُلّ تكبيرةٍ تقوم مقام ركعة.
حكم الصلاة على الميت الغائب
ذهب الشافعيّة والحنابلة إلى القول بجواز الصلاة على الميت الغائب مطلقاً، وذهب كثير من أهل العلم إلى القول بعدم جواز الصلاة على ميّتٍ غائب، لكن يجوز الصلاة على الميت الغائب الذي يموت في بلاد غير المسلمين ولم يصلَّ عليه، أو كان له أثرٌ كبيرٌ في الإسلام، أو كان والياً عُرف بصلاحهِ وتقواه، فتجوز الصلاة عليه حينئذٍ، وأمّا ما عدا ذلك فلا، ويرى الحنفية والمالكية عدم جواز الصلاة على الميت الغائب، ووفصّل بعض العلماء فقالوا: إن كان لم يُصلَّ عليه ففي هذه الحالة تجوز الصلاة عليه، وإن صُلّي عليه فلا تجوز الصلاة عليه، وإذا كان كبيراً في علمه أو ماله أو جاهه، فيجوز أن تُصلّى عليه صلاة الغائب.
وأجمع العُلماء على أنّ الصلاة على الميت من فُروض الكِفاية، فإن أدّاها عددٌ من المسلمين سقطت عن الباقين، وقال الشافعية إنّها تسقط بصلاة واحد، وقيل: اثنان، وقيل: ثلاثة، وقيل: أربعة، ويجوز الصلاة على الميت في المسجد، وأجاز الشافعيّة وأحمد بن حنبل الصلاة على الميت عند القبر لمن فاتته الصلاة عليه، وجاء الخلاف بينهم في المُدّة المسموح بالصلاة فيها بعد دفن الميت، فقال بعضهم: ثلاثة أيام، وهو قول أبي حنيفة، وقال أحمد بن حنبل شهر، وقال المالكية وأبو حنيفة: لا يُصلّى عليه في القبر إلا إذا كان لم يُصلّ عليه في المسجد.
شروط صلاة الغائب
اشترط الشافعيّة والحنابلة في الصلاة على الغائب أن يكون الميت في بلدٍ واسعٍ بين طرفيها مدة القصر، وخصّ بعض الشافعية جواز صلاة الغائب للمعذور، لمرض أو حبس، وغير ذلك، وذهب ابن تيمية إلى اشتراط جواز الصلاة على الغائب الذي لم يُصلّى عليه؛ لِفعل النبيّ -عليه الصلاةُ والسلام- بصلاتهِ على النجاشيّ، فقد مات في أرض غير المسلمين، ولم يُصلَّ عليه، وأجاز الفُقهاء للمسلم الذي يشقُّ عليه الحُضور أن يُصلّي على الميت من مكانه.
فضل الصلاة على الميت
وعد الله -تعالى- المُسلم الذي يُصلّي على الجنازة بالأجر الكبير، قال النبيّ -عليه الصلاة والسلام-: (مَنِ اتَّبَعَ جَنَازَةَ مُسْلِمٍ، إيمَانًا واحْتِسَابًا، وكانَ معهُ حتَّى يُصَلَّى عَلَيْهَا ويَفْرُغَ مِن دَفْنِهَا، فإنَّه يَرْجِعُ مِنَ الأجْرِ بقِيرَاطَيْنِ، كُلُّ قِيرَاطٍ مِثْلُ أُحُدٍ، ومَن صَلَّى عَلَيْهَا ثُمَّ رَجَعَ قَبْلَ أنْ تُدْفَنَ، فإنَّه يَرْجِعُ بقِيرَاطٍ)، وثبتت مشروعية صلاة الجنازة في كثيرٍ من الأدلة، ومنها قول الله -تعالى-: (وَصَلِّ عَلَيهِم)، ومن السُّنة حديث النبيّ -عليه الصلاةُ والسلام-: (مَن صَلَّى علَى جِنازَةٍ فَلَهُ قِيراطٌ، فإنْ شَهِدَ دَفْنَها فَلَهُ قِيراطانِ، القِيراطُ مِثْلُ أُحُدٍ)، وهذا من الأحاديث التي تدلُّ على فضل الصلاة على الميت، فيكسب المسلم بالصلاة على الميت أُجوراً كجبل أُحد، وهو المقصود بالقيراط، وباتّباعها حتّى تُدفن قيراط آخر، ومن صلّى على أكثر من جنازةٍ في وقتٍ واحدٍ فله بِكُلِّ جنازةٍ قيراط.