كيف تدعو الى الاسلام بالمنطق
كيف ندعو إلى الإسلام بالمنطق
يعد الإسلام خاتم الرسالات السماوية، وهو الدين الذي تولى سيدنا محمد تبليغه، وتحمل النبي الكريم كافة أشكال الإنكار والتكذيب في سبيل الدعوة إليه.
ومجيء رسالة الإسلام واكب عصر النضج وفصاحة الكلام والفكر فلم يكن من المناسب الدعوة لهذا الدين بالسحر والمعجزات المرئية كما في الرسالات السابقة، إنما تحتم في الدعوة إليه اتباع المنطق في الإقناع، بالإضافة للحكمة والموعظة الحسنة.
لذلك بدأ الرسول جهاده مع الكفار بالحجة والبرهان، فكان عليه السلام يسأل عن خالق الكون وخالق الشمس والقمر، فالشمس على عظمتها لم يأت أحد وادعى أنه خالقها، فعندما يأتي الرسول الكريم ويخبر ويدعو أن الخالق لهذا الكون وما عليه وما فيه من شمس وقمر هو الله، فالأحرى أن يصدّق؛ حيث أنه لا يوجد شيء في الكون إلا أن عرف له صانع ومخترع، وكذلك هو الحال في الكون والشمس، فعدم خروج من يدعي خلق هذه المخلوقات على عظمها يؤكد صدق الدعوة التي يدعوا لها الرسول وصدق الحجج التي يعرضها.
فالمنطق في الدعوة للإسلام اليوم يكون في استحضار الإعجاز على مختلف أنواعه من علمي وبياني وتشريعي وغيبي، ومطابقة نصوص القرآن الكريم الذي نزلت على الرسول قبل 1400 سنة مع الاكشافات التي يتبناها العلم اليوم. فالإعجاز على أنواعه وسيلة لإثبات وتحقيق المنطق وهي كالتالي:
الإعجاز العلمي
الإعجاز العلمي يدل على ما أخبر به القرآن عن الحقائق الكونية وأتى العلم التجريبي وأثبتها، ويبرز الإعجاز فيه ويعد وسيلة منطقية للإقناع والدعوة لما ثبت فيه من عدم إمكانية إدراك تلك المعلومات والحقائق بالوسائل البشرية التي كانت في زمن الرسول -صلى الله عليه وسلم، مما يُظهر صدقه وصدق رسالته التي يدعوا إليها.
ومن الامثلة على الحقائق الكونية التي تناولها القرآن وأثبتها العلم ويمكن الإستشهاد فيها عند الدعوة للإسلام ما يلي:
- مراحل خلق الجنين.
- العسل وشفاؤه للناس.
- إعتزال النساء في المحيض.
الإعجاز البياني
وفيما يتعلق بالإعجاز البياني، أن العرب قديمًا وبالرغم من فصاحة لسانهم وقوة بلاغتهم إلا أنهم عجزوا عن الإتيان بمثل القرآن، وتستمر الحجة إلى يومنا هذا، فمن طرق المنطق في الدعوة للإسلام طلب الإتيان ولو بآية واحدة من القرآن؛ وبناء عليه سيظهر العجز وقلة الحيلة، وهذا بدوره دليل على صدق الدعوة أيضًا.
الإعجاز التشريعي
احتوى القرآن الكريم تشريعات عديدة تنظم حياة البشر وتسير بهم نحو التقدم والتحضر، كأحكام الميراث والعقود، وأحكام السلم والحرب، وكلها قضايا لم تكن مطبقة في عصر البداوة السابق لنزول القرآن، وعليه فإن الكتاب الكريم الذي يتناول التشريعات بهذه الدقة والتخصصية من المنطق أن يكون من مشرّع عظيم وليس بفعل أي بشر.
الإعجاز الغيبي
من صور إعجاز التي تدعوا للإسلام بالمنطق هو الإعجاز الغيبي للقرآن، والذي يتناول الإخبار عن أحداث وقعت بالماضي في زمن قبل الرسول، وأحداث وقعت في الحاضر، وأحداث ستقع بالمستقبل ولم يكن الرسول حاضرًا بها وتفصيلها كالآتي:
- الغيب الماضي
- يتناول الحديث عن الأقوام السابقة وعن نشأة الكون في مراحل الحياة الأولى، وكلها أمور لم يشهد الرسول وقوعها. فهذا الغيب يعد دليلًا على أن الكلام من الله بكل ما ورد فيه.
- الغيب الحاضر
- ويراد به الأحداث التي وقعت في زمن الرسول لكنه لم يكن حاضرًا لها ونزل القرآن فيما بعد موضحًا ومبينًا إياها.
- غيب المستقبل
- ويقصد به؛ ما ذكره القرآن الكريم من حوادث ستقع ولم تكن بعد قد وقعت عند نزول الآيات التي تحدثت عن وقوع الحادثة، ومثاله الأية الكريمة: (الم (١) غُلِبَتِ الرُّومُ (٢) فِي أَدْنَى الْأَرْضِ وَهُمْ مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ (٣) فِي بِضْعِ سِنِينَ لِلَّهِ الْأَمْرُ مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ (٤))، حيث كانت الروم والفرس أعظم دولتين في ذلك الوقت. فوقعت معركة بينهما وكان النصر للفرس على الروم، ففرح الفرس بالنصر على الروم وتأملوا النصر كذلك على المسلمين.
- فلما نزلت الآيات الأولى من سورة الروم، استهزأ المشركون من هذا الخبر؛ لأنهم يرون أن هزيمة الروم عظيمة وستأخذ وقتًا حتى يستردوا مجدهم، ولكن الأمر لله وحده، ولا يخلف الله وعده، ولم يمر الكثير حتى نصرت الروم على الفرس وتحقق أمر الله الذي نزل.
فضل الدعوة إلى الإسلام
تعتبر الدعوة إلى الله تعالى من خير العمل، وأشرف القول، وهي عبادة شأنها عظيم، وفضلها كبير، قال تعالى في وصفها: (وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلاً مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحاً وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ)، والدعوة إلى الله هي وظيفة رسل الله وأصفياءه، وقد أمر الله بها خاتم أنبياءه عليه الصلاة والسلام حينما قال عز من قائل: (ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ).
وقد رتب الله لمن قام بهذه المهمة السامية أجور كثيرة، وفوائد عظيمة، فهي سبب للفلاح في الدنيا والآخرة، وسبب لتحقق الخيرية في الأمة، كما جعل الله أجر الداعي إلى الخير مستمراً حينما رتب له أجر من يتبعونه من غير أن ينقص من أجورهم شيئاً، وهداية رجل واحد إلى الإسلام خير للمرء من حمر النعم.