كيف تختم القرآن في يوم
كيفيّة خَتْم القرآن في يومٍ
من الممكن أن يُختم القرآن في يوم وفي خمسة ساعات أيضا، وذلك عن طريق قراءة ستة أجزاء في الساعة الواحدة، وذلك بقراءة الجزء الواحد من القرآن الكريم بعشر إلى اثنتا عشر دقيقةً تقريباً، وذلك إن كانت القراءة حَدْراً؛ أي سريعةٍ دون تمهّلٍ، وتأنٍّ، أمّا مدّة قراءة الجزء الواحد من القرآن بتدبّرٍ، مع الوقوف على الآيات؛ فيُقدّر بِما يُقارب عشرين إلى خمسٍ وعشرين دقيقةً، أيّ أنّه يُمكن قراءة خمس أو ستّ أجزاء من القرآن في الساعة الواحدة، ممّا يعني أنّه يُمكن [كيف تختم القرآن في عشرة أيام|خَتْم القرآن]] الكريم قراءةً خلال خمس أو ستّ ساعاتٍ، ذلك إن كانت القراءة سريعةً، أمّا إن كانت القراءة بتدبّرٍ، مع الوقوف على الآيات؛ فتتضاعف المدّة، وتقدّر بعشر أو اثنتا عشر ساعةً تقريباً.
حكم خَتْم القرآن في أقلّ من ثلاثة أيّامٍ
ذكر أبو الوليد الباجيّ أنّ النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- أمر عبدالله بن عَمرو -رضي الله عنه- بخَتْم القرآن في سبع أو ثلاث ليالٍ، وقد يكون المُراد أنّ ذلك الأمر الأفضل جملةً، أو أنّ الأفضليّة متعلّقةً بعبدالله بن عمرو؛ لأنّ النبيّ -عليه الصلاة والسلام- كان على علمٍ بترتيله في القراءة، وعندما سُئِل مالك عن خَتْم القرآن في ليلةٍ، قال: "مَا أَحْسَنَ ذَلِكَ إِنَّ الْقُرْآنَ إِمَامُ كُلِّ خَيْرٍ"، وقد ورد عن عبدالله بن عَمرو عن النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- أنّه قال: (لا يفقَهُ مَن قرأ القرآنَ في أقلَّ من ثلاثٍ)، ويُقصد بالحديث أنّ قراءة القرآن كاملاً في أقلّ من ثلاثة أيّامٍ، لا يحقّق الفَهْم المطلوب، بعلم حقيقة المعاني، كما قال بذلك صاحب شرح الجامع الصغير، وصاحب شرح سنن ابن ماجه، ولا يُقصد من الحديث أنّ قراءة القرآن في أقلّ من ثلاثٍ غير جائزٍ، فالأمر المنهيّ عنه متعلّقٌ بالفَهْم والفقه، وليس بأجر القراءة، فلا يُشترط من عدم فَهْم معاني القرآن في أقلّ من ثلاثٍ، تحريم قراءته خلال تلك المدّة، كما صرّح بذلك العراقي.
وتجدر الإشارة إلى أنّ النّهي عن قراءة القرآن في أقلّ من ثلاث ليالٍ إن كان ذلك بصورةٍ دائمةٍ، وإن كان في أوقاتٍ فاضلةٍ؛ كشهر رمضان، وخاصّةً في العشر الأواخر منه، وفي ليلة القَدْر، أو كان في أماكن فاضلة؛ كمكّة المكرّمة؛ فيُستحبّ الإكثار من تلاوة القرآن؛ اغتناماً للزمان والمكان، وكَرِه بعض العلماء؛ كأبي عُبيد، وإسحاق بن راهويه؛ قراءة القرآن في أقلّ من ثلاث ليالٍ، وذكر الإمام النووّي أنّ الأمر يختلف بحسب الأشخاص؛ فمَن امتلك القدرة على استخراج ما في القرآن، من لطائف ومعارف؛ فيقتصر بذلك على ما يحقّق به الفَهْم الكامل لِما تمّ قراءته، ومَن كان مُنشغلاً بالعلم، ونَشْره، وتحقيق مصالح المسلمين؛ فيقتصر على ما يُسانده في مَهمته، دون إي إخلالٍ بدوره.
أهميّة التدبّر مع ختم القرآن الكريم
تدبّر القرآن الكريم، وفَهْم معانية ودلالاته؛ يعدّ المقصود من تلاوة آيات القرآن الكريم، ولذلك كان التدبّر سنّةً، إذ تنشرح به الصدور، وتُنير القلوب، قال -تعالى-: (كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ)، وتكمُن أهميّة تدبّر القرآن الكريم في العديد من الأمور، فيما يأتي بيان البعض منها:
- العمل بالقرآن ، والاستجابة لكلّ ما أمر به الله -تعالى-، والابتعاد عن كلّ ما نهى عنه، فيجدر بمَن فَهِم القرآن، وأدرك ما فيه من أحكامٍ؛ تنفيذ وأداء ما فيه.
- زيادة الإيمان في القلب؛ إذ إنّ المداومة على قراءة القرآن ، والاستجابة لأوامر الله -تعالى-؛ يزيد من إيمان القارئ الذي يتدبّر القرآن، كما يزيد من خشوعه، ممّا يؤدي إلى زيادة القُرب من الله -سُبحانه-، والرغبة في كلّ خيرٍ، والبغض لكلّ معصيةٍ وشرٍّ.
- الخشوع؛ إذ إنّ قارئ القرآن بتدبّرٍ يشعر بالراحة والطمأنينة، فالخشوع هو الأمر المقصود من التلاوة.
- الهداية؛ فالقرآن يوجّه المسلم لكلّ خيرٍ وهدايةٍ، والتدبّر ممّا يحقّق الصلاح في الدُّنيا والآخرة، والوصول للدرجات العليا، والهداية الشاملة، وتزيد المسلم قوّةً وثباتاً على الدِّين، وبُعدلً عمّا يُغضب الله -تعالى-.
- النصيحة لكتاب الله -تعالى-؛ إذ إنّ تدبّر المسلم لآيات القرآن من أقوى الدلائل التي تخصّ النَّصيحة، وبها أرشد النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- المسلمين، وتكون النصيحة لكتاب الله بحُبّه، وتعظيم مكانته، والرغبة المُلحة في فَهْم معانيه، والحرص على تدبّره، والوقوف على آياته، وتطبيق ما جاء به، وتعليم الناس إيّاه، والتخلّق بأخلاقه، كما أخرج الإمام مُسلم في صحيحه، عن تميم الداريّ -رضي الله عنه- عن النبيّ -عليه الصلاة والسلام- أنّه قال: (الدِّينُ النَّصِيحَةُ. قُلْنا: لِمَنْ؟ قالَ: لِلَّهِ ولِكِتابِهِ ولِرَسولِهِ ولأَئِمَّةِ المُسْلِمِينَ وعامَّتِهِمْ).
- التلذّذ بالقرآن؛ إذ يجد القارئ راحةً وطمأنينةً للقرآن في قلبه، فيزداد إيمانه، وتخشع جوارحه وتخضع لله -سُبحانه-.
- معرفة الأحكام الشرعيّة؛ فتدبّر القرآن يُساعد القارئ على معرفة الأحكام التي نصّ عليها القرآن الكريم، كما يفهم أسلوب القرآن في بيان تلك الأحكام، ممّا يُساعد على الالتزام بأوامر الدِّين، ظاهراً، وباطناً، كما قال -عزّ وجلّ-: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً وَلَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ).
- إزالة الشُّبهات والشّهوات؛ فالتدبّر يدفع الشهوات والعقائد الفاسدة، وما عَلِق من شكوكٍ، ويشفي من كلّ تلك الأمور، قال -تعالى-: (وَلَوْ جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا أَعْجَمِيًّا لَّقَالُوا لَوْلَا فُصِّلَتْ آيَاتُهُ أَأَعْجَمِيٌّ وَعَرَبِيٌّ قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدًى وَشِفَاءٌ وَالَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ فِي آذَانِهِمْ وَقْرٌ وَهُوَ عَلَيْهِمْ عَمًى أُولَـئِكَ يُنَادَوْنَ مِن مَّكَانٍ بَعِيدٍ).