كيف تحسن صوتك في قراءة القرآن
كيفيّة تحسين الصوت في قراءة القرآن
يُمكن تحسين الصوت في قراءة القرآن الكريم بالعديد من الطُّرق، ومنها: استماع الشخص إلى صوته بعد تسجيله على الأجهزة الخاصّة بذلك، والتمرُّن على القراءة أمام الأهل والأصحاب؛ لإزالة الخوف الذي قد يُصيب القارئ عند القراءة أمام غيره، مع التنبُّه إلى مخارج الحروف ، والاهتمام بصفاتها ، والتدرُّب على نُطق الألفاظ الصعبة، مثل الكلمات التي تجمع حروف الاستعلاء، والاستفال، وتنقية الصوت وتصفيته أثناء تسجيله من كلّ ما يَشوبه من تشويشٍ، وغيره، كما يُمكن للقارئ اختيار شيخٍ مُقرئٍ قريبٍ من درجة صوت القارئ، على أن يجد القارئ سهولةً في تقليد الشيخ القارئ الذي اختاره، ويحاول الاستماع إلى قراءة الشيخ؛ من خلال أشرطة التسجيل، أو السماع منه مباشرةً إن أمكن ذلك، والحرص على الاستماع له بشكلٍ يوميٍّ مدّة ساعةٍ، ومحاولة تقليده بأيّ طريقةٍ من الطُّرق المُتعلِّقة بالمُحاكاة والتقليد، وبعد ذلك تقليده وحده دون الاستماع إلى التسجيلات بما يُقارب الساعة، ويستمرّ على ذلك يوميّاً، ويقارن بين كلّ قراءةٍ وأخرى، وينظر إلى مدى التطوُّر إلى أن يُتقن ذلك الأمر، فلا ينتقل إلى مرحلةٍ أخرى قبل ذلك، ويمكن لمَن يرغب في تحسين صوته أن يُقلّد صوت قارئٍ آخر بعد تمكُّنه من إتقان تقليد صوت القارئ الأوّل.
تعريف التغنّي بالقرآن
يُعرّف التغنّي بأنّه: الكفاية بالشيء، والاستغناء به عن غيره، وفسَّرَه سُفيان بن عُيينة بمعنى: "يَستغنِي به"، ويُراد بالتغنّي عند الشافعيّ ، وأصحابه، وأغلب أهل العلم، وأصحاب الفنون: تحسين الصوت عند قراءة القرآن، وذَكَر الشافعيّ، ومَن وافقَه قولاً آخر يدلّ على تخزين القراءة، أمّا الهرويّ فعرّفه بأنّه: الجَهْر بالقرآن، وقال الليث بن سعد إنّ التغنّي هو: الخشوع بالقرآن ، أو التأمّل بآياته، والتباكي حين قراءة آياته، والحزن بالمرور بها، وقال عمرو بن الحارث، ووكيع كما قال ابن عُيينة إنّه يعني: "يَستَغنِي به"، وقد ورد في السنّة الصحيحة الحَثّ على التغنّي بقراءة القرآن؛ والغاية من ذلك تحريك القلوب بالقرآن؛ لتشعر بالطمأنينة، والخشوع، بالإضافة إلى تحقيق الاستفادة من القراءة، وممّا يدلّ على ذلك قصّة أبي موسى الأشعريّ -رضي الله عنه-؛ إذ قال عنه النبيّ -عليه الصلاة والسلام- حين سمع قراءته القرآنَ الكريم: (لقد أُوتِيَ أبو موسى مزمارًا من مزاميرِ آلِ داودَ).
حُكم تحسين الصوت في قراءة القرآن
نقل الإمام النوويّ -رحمه الله- إجماع العلماء من السَّلَف والخَلَف من الصحابة والتابعين -رضي الله عنهم-، ومَن جاء بعدهم من علماء أئمّة المسلمين على استحباب تحسين القارئ لصوته في قراءة القرآن، وما ورد عنهم من أقوالٍ وأفعالٍ خيرُ دليلٍ على ذلك، ومن الأدلّة التي استند إليها النوويّ في قوله: ما ورد عن أبي هريرة -رضي الله عنه-، عن النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم-، أنّه قال: (ما أذِنَ اللَّهُ لِشيءٍ ما أذِنَ لِنَبِيٍّ يَتَغَنَّى بالقُرْآنِ)، وقَوْله -عليه الصلاة والسلام-: (ليسَ مِنَّا مَن لَمْ يَتَغَنَّ بالقُرْآنِ)، وقَوْله أيضاً: (زَيِّنُوا القرآن بأصْواتكم).
والجدير بالذِّكْر أنّ مَن كان صوته حَسَناً دون تكلُّفٍ؛ امتثالاً لأمر الله -عزّ وجلّ- خيرٌ وأفضل، ويخصّ من الأفضليّة قَصْدَ وجه الله -عزّ وجلّ-، والإخلاص له في ذلك، دون طلب الثناء أو المَديح من الناس، بأن يُقال عنه إنّه قارئ، وتجدر الإشارة إلى أنّ تحسين الصوت لا بدّ أن يكون ضمن ضوابط شرعيّةٍ، و آدابٍ مُحدَّدةٍ؛ فليس القَصْد من التحسين ترقيق الصوت، أو تمطيطه، وخاصّةً في الجنائز والمَحافل، وقد قال الإمام النوويّ في ذلك: "وهذا القسم من القراءة المحرّمة مصيبةٌ ابتُلي بها بعض الجهلة الطغام الغشمة الذين يقرؤون على الجنائز، وبعض المحافل، وهذه بدعةٌ محرّمةٌ ظاهرةٌ، يأثم كلّ مستمعٍ لها؛ كما قاله أقضى القضاة الماوردي، ويأثم كلّ قادرٍ على إزالتها، أو على النّهي عنها إذا لم يفعل ذلك، وقد بذلت فيها بعض قدرتي، وأرجو من فضل الله الكريم أن يوفق لإزالتها من هو أهل لذلك، وأن يجعله في عافيةٍ".
كيفية قراءة النبيّ القرآنَ الكريم
كان النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- يقرأ كلّ يومٍ حِزباً، وكانت قراءته ترتيلاً دون استعجالٍ، أو إبطاءٍ، بل قراءة حَرفٍ حَرفٍ، بوضوحٍ وبيانٍ، كما كان يقرأ آيةً آيةً؛ أي يقطع بين الآيات، ويمدّ حروف المَدّ، ويحرص على الاستعاذة بالله من الشيطان الرجيم قبل البَدء بقراءة القرآن، وذكر أبو بُكرة -رضي الله عنه- أنّ النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- كان يمدّ قراءةَ القرآن الكريم دون ترجيعٍ* فيها.
الهامش
* الترجيع في القراءة: ترديد الصوت في الجَهْر بالقراءة، وتكرار القَوْل.