كيف تحسن حالتك النفسية
الحالة النفسية
ظهرت الضغوط النفسيّة مع ازدياد وارتفاع التطوّر الحضاري، وتعقد أساليب الحياة وتعدّد مشكلاتها، فازداد العبء النفسي المُلقى على عاتق الأفراد باختلافِ متطلبات الحياة وظروفها، كما تراكمت الطموحات التي يسعى كلّ فرد إلى تحقيقها، وتنوّعت وأدّت إلى زيادة مُعدّل التنافس والتَّحدي بين أفراد المجتمع الواحد، فأصبح الفرد يلزمُ نفسه ويتعبها بتحقيق العديد من الأهداف والطموحات التي قد تتعدى قدراته الذاتية ولا تتوافق معها، مما قد يؤدي إلى فشل الفرد وإحباطه. وقد تكثر الضغوط النفسية وتتعدى مظاهرها الحالة النفسية فتنتقل إلى الإعياءات العضوية المختلفة؛ لذلك ظهرت الحاجة إلى إيجاد الطُرق والأساليب والاستراتيجيّات التي تساعد الفرد على تخفيفِ حدّة آثار هذه الضغوط، وتوجيهه للوصول إلى الحالة النفسية السوية والسليمة وتحقيق مبدأ الصحة النفسيّة.
كيفية تحسين الحالة النفسية
يسعى علم النَّفس والصحة النفسيّة بشكلٍ عام إلى وصول الفرد لمرحلةٍ من السّعادة والراحة النفسية، وإدخال السرور إلى حياته وجعلها أكثر قيمة ومعنى، ورفع مستوى العلاقات الاجتماعيّة مع الآخرين وتحسينها، وفيما يأتي أبرز الطرق والاقتراحات التي قد تعمل على مساعدة الفرد على تحسين حالته النفسية:
الابتسامة
تساعد الابتسامة على إرسالِ الإشارات الإيجابيّة إلى الدّماغ الأمر الذي يُحفّز ويُحسن بدوره حالة الفرد النفسيّة، كما أن الابتسامةَ فعل معدٍ يعكس مشاعر السّعادة الحقيقيّة تجاه الآخرين، بالإضافة إلى أنها تولّدُ الضحك الذي يمحو المشاعر السلبيّة، ويُعدّ من أفضل الطُرق المستخدمة في تحسين النفسيّة.
التصرف بإيجابيّة
يستطيع الفرد أن يتصرّفَ بأسلوب إيجابيّ؛ عن طريق مواجهة الأفكار السلبيّة المُؤثّرة فيه وصياغة الأسئلة حول مدى صحة وحقيقة هذه الأفكار، كما أن من الواجب على الفرد أن يقيّمَ الموقف الذي يواجهه؛ عن طريق تقييم مدى حاجته للتفكير فيه.
الابتعاد عن المقارنة
يجب أن يبتعدَ الفرد الذي يريد التمتع بأفضل حالة نفسيّة عن مقارنةِ نفسه مع الآخرين؛ حيث إن هذه المقارنة تقلّلُ من مستوى تقديره لذاته وقدراته من خلال ربط الفرد إنجازاته بإنجازات الآخرين المحيطين به، فعند مقارنة نفسه مع من هم دون مستواه يولّدُ ذلك الشعور الزّائف بالإنجاز والرِّضا، أمّا مقارنته لنفسه مع من يفوقه في مستواه يقوده إلى الشعور بالإحباط والفشل، وفُقدان القدرة على النجاح بشكلٍ مستمر.
رفع مستوى الثقة بالذات
يجب أن يمتلكَ الفرد نظرة سليمة وسوية تّجاه ذاته، كما أنّه من الضروري أن يدعمَ ويُحفزَ هذه النظرة؛ بحيث لا تهتز عند تعرضه للمشكلات المختلفة سواء أكانت مواجهة الفشل أم عدم القدرة على تنفيذ أحد الواجبات والمهام. ويكون رفع مستوى الثقة بالذَّات من خلال التفكير بطريقةٍ إيجابيّة وتدعيمية بعيداً عن لوم الذَّات وتأنيبها، بالإضافةِ إلى تحفيزِ حُبّ الذّات واستشعار مستوى الإنجاز الذاتي الفردي، والاهتمام بتطويره وعدم التقليل من شأنه.
التعبير عن المشاعر الذاتية
ينبغي على الفردِ الّذي يسعى إلى تحسينِ الصحة النفسية لديه أن يُدركَ مشاعره ويُحسنَ التعبير عنها، والمقصود بالتَّعبير عن المشاعر هو التَّعبير السوي والصحي الّذي يبدأ عندما يكون الفرد على درايةٍ وفهمٍ كاملٍ لمشاعره وأحاسيسه، ومدى قدرته على ضبط ردود فعله الجسميّة والنفسيّة تّجاه المواقف والمشاعر المختلفة، كما يجب امتلاك القدرة على التّحدثِ عن هذه المشاعر، وعدم كبتها والبوح بها أمام الأشخاص المناسبين الذين يقدّمون الدَّعم المطلوب، كما أن عدم الخجل من البكاء والتعبير عن الحُزنِ في المواقف المختلفة، وتحرير الانفعالات وإظهارها بالطريقة المناسبة مهم جداً لرفعِ مستوى الصحة النفسيّة للأفراد.
الحفاظ على العادات الصحية السليمة
يكون الحفاظ على العاداتِ الصحية من خلال ممارسة التمارين الرياضيّة والمواظبة عليها؛ ممّا يساعد على زيادةِ الثقة بالنَّفس ، وتخفيف التوتر والتخلص من الضغوط المختلفة التي من الممكن التعرض لها، بالإضافة إلى أهمية الالتزام بتطبيق نظام غذائيّ صحيّ ومتوازن، وتجنّب تناول الطعام والمشروبات غير الصحيّة ، وكذلك تجنّب التّدخين والكحول؛ حيث يؤدي تناول هذه الأصناف إلى زيادةِ مستوى التّوتر والسمنة بفعلِ الكافيين والسكريات الموجودة بكثرةٍ فيها، ويجدر الإشارة إلى أهمية انتقاء الطعام الذي يُكافح الشعور المتواصل بالتوتر، مثل الخضروات والفواكه وشرب الماء بكميات كثيرة ووافية.
النوم
إن الحصولَ على القدرِ الكافي والمطلوب من النَّوم يساعد على التخفيف من الضغوط النفسية، ويُعزّز من الراحة العامة المُؤثّرة في الحالةِ النفسية والعصبية، ويكون الحصول على النومِ بشكلٍ صحي ومريح؛ من خلال تهيئة مكان النوم المناسب لاستيفاء الراحة اللازمة، مثل أن يكون المكان مظلماً ومريحاً، وبعيداً عن الأجهزة الإلكترونيّة.
التأمل والاسترخاء
تساعد تمارين التأمل والاسترخاء على التخلص من الضغوط النفسيّة التي يتعرض لها الفرد، والناتجة عن المواقف والظروف الحياتية التي يعيش فيها، فمن المفيد إضافة ممارسة التأمل إلى جدول الأنشطة اليوميّة، مثل تمارين النَّفس على التخلص من التوتر، وزيادة السيطرة على النَّفس، ورفع إمكانية التّحكم بالمشاعر.
العطاء والإحسان إلى النّاس
إن العطاءَ والإحسان إلى النّاس من أفضل الوسائل والطُرق التدعيمية والعلاجيّة للحالة النفسيّة، كما أنها تساعد على نشرِ مشاعر السّعادة والدفء والطيبة؛ عن طريق الابتسام في وجوه الأشخاص، وتقديم الصدقات للمحتاجين، وغيرها من الوسائل الأخرى التي تجعل الفرد يتميّزُ بالعطاء.
التعبير عن الامتنان والشكر
يظهر التعبير عن الامتنان والشكر من خلال الشعور بالجمالِ والجوانب الإيجابيّة للمواقف الحياتية التي يمرُّ بها الفرد؛ أي أنّه يجب تسليط الضوء وتركيز الشعور على الجانب المشرق للمثيرات المختلفة؛ كأن يزيد الفرد تعاطفه مع الأشخاص الآخرين، ويتذكر اللحظات السعيدة، ويُعزّز مشاعر الحُبّ والشكر والامتنان بأي حدث مهما كان بسيطاً، فيستشعر جمال الطّقس أو جمال منظر معين، ويؤدي ذلك إلى استمراريّة البواعث الإيجابيّة للحالة النفسية التي تُؤثّر في شعور الفرد.
مراجعة المختصّ النفسيّ
هناك بعض الحالات التي يحتاج فيها الإنسان إلى مساعدة مختصّ نفسي لمساعدته في تحسين حالته النفسيّة، وهذا المختص قد يكون معالجاً نفسيّاً أو طبيباً نفسيّاً؛ ذلك أن بعض الحالات النفسية قد تتطلب أخذ علاجات دوائيّة يكون الطبيب وحده هو القادر على تحديدها، وفي حالات أخرى قد يستلزم الأمر الاستعانة بطرق العلاج السلوكيّة التي يختص بها علم النفس والمعالجون النفسيون، ولذلك فلا بد من مراجعة الجهة المختصّة إذا استلزم الأمر ذلك. وقد يشعر الإنسان في كثير من الأحيان بأعراض بدنيّة محسوسة يكون منشأها الحالة النفسيّة، فمريض القلق أو الاكتئاب أو غيرها من الاضطرابات النفسية قد يحس بأعراض تحاكي تماماً أعراض الأمراض البدنيّة الأخرى، ولذلك فمن المحتمل أن يقع الشخص الذي يعاني من حالة نفسيّة معيّنة في حيرة من أمره، فلا يستطيع تحديد الشخص المناسب أو الجهة المناسبة التي يمكنه طلب المساعدة منها، وبسبب تكامل عمل المختصّين في هذا المجال، فإن أنسب الحلول تكون بطلب الشخص الذي يعاني من أعراض مرضيّة المساعدة من طبيبه، فالطبيب وحده هو من يستطيع تقدير الموقف، ومعالجة المريض أو تحويله إلى المعالج النفسي، أو الطبيب النفسي المختص.