كيف أكون فتاة صالحة
الفتاة الصالحة
إنّ من الواجب على الوالدين أن يقوما بالتعاون والتشارك في تربية فتاياتهم تربيةً صالحةً، إلا أنّ تربيتها في مرحلة الطفولة تكون على عاتق الأمّ بشكلٍ أكبرٍ، وفي مرحلة المراهقة تكون على عاتق الأب بشكلٍ أكبر من الأمّ، فبعض الآباء يظنّون أنّ مسؤوليّة تربية الفتيات على عاتق الأمّ فقط، فالواجب تربية الفتيات والاهتمام بهنّ بشكلٍ كبيرٍ، فهنّ أمهات المستقبل ومربيات الأجيال القادمة، كما أنّ عدد الفتيات في الزمن الحاضر يفوق عدد الفتيان بشكلٍ ملحوظٍ، كما أنّ بعض الفتيات في الزمن الحاضر يتعرّضن للكثير من الفتن والمفاسد، منها: ترك الصلاة، الاختلاط بالجنس الآخر، الخروج من البيوت من غير سببٍ أوحاجةٍ، والخلاص من ذلك لا يكون إلا بتنشأة الفتاة تنشأةً موافقةً لقواعد الدين الإسلاميّ، حيث قال الرسول صلّى الله عليه وسلّم: (من ابتُلِيَ من البنات بشيءٍ، فأَحسنَ إليهنَّ، كُنَّ له سِترًا من النارِ)، فالحديث يدلّ على أنّ تربية البنات اختبارٌ من الله تعالى يحتاج إلى الصبر والجهاد والمصابرة والاجتهاد في ذلك، مع السير على المنهج الذي بيّنه الله تعالى؛ ليكون جزاء ذلك الجنّة والوقاية من نار جهنّم، ومن أهم الأمور في تربية الفتاة؛ تربيتها على العبادة والطاعة والإيمان .
كيفيّة تحقيق الصلاح في الفتاة
بيّن القرآن الكريم والسنّة النبويّة الشريفة التي وردت عن النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- عدّة أمورٍ واجبةٍ على الفتاة المسلمة، وفيما يأتي بيان بعضها:
- أوجب الله تعالى على الفتاة المسلمة ستر زينتها ومحاسنها، ونهاها عن التبرّج ، والمقصود بالتبرّج؛ إظهار المرأة لمحاسنها ومفاتنها للرجال الأجانب عنها، والمقصود بالأجانب غير محارم المرأة، ومن الزينة التي قد تظهرها المرأة: الحليّ، والذراعان والساقان، والصدر، والعنق، والوجه، ومن التبرّج أيضاً التمايل في المشي والتبختر به، والتبرّج محرّمٌ بالقرآن الكريم وسنّة النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- وإجماع الأمّة، فلا يصحّ لغير محارمها أن ينظروا لشيءٍ منها، سواءً الحليّ أو الجسد أو الشعر أو اللباس الباطن، كما أنّ في التبرّج إظهاراً للعصيان والفجور، ومشابهةً لأهل الكفر والعصيان، وممّا يدل على ذلك قول الله تعالى: (وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَىٰ ۖ )، فالله تعالى خاطب في الآية السابقة نساء النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- بشكلٍ خاصٍّ وجميع نساء المؤمنين بشكلٍ عامٍ، حيث إنّ أمهات المؤمنين هنّ القدوة الحسنة، كما أنّ الله تعالى أمر النساء بالقول الحسن الذي لا خضوع فيه، وأمر بإقامة الصلاة وإيتاء الزكاة وطاعته وطاعة الرسول صلّى الله عليه وسلّم، وأمر أيضاً بعدم إظهار الزينة إلا ما كان ظاهراً منها، كالثياب الظاهرة، أو ما ظهر من غير قصدٍ وإرادةٍ، حيث إنّ التبرج يؤدي إلى حصول الكثير من الأضرار على الأفراد والمجتمعات.
- حرّم الإسلام الاختلاط وحذّر منه، والمقصود بالاختلاط التقاء أو اجتماع الرجل بالمرأة التي ليست من محارمه في مكانٍ واحدٍ، بحيث يمكنهم التواصل فيما بينهم بالنظر أو الإشارة أو الكلام، فالاختلاط يعدّ من أعظم الأسباب المؤدّية إلى الفاحشة، ودليل ذلك ما ورد عن الرسول صلّى الله عليه وسلّم، حيث قال: (ألا لا يخلوَنَّ رجلٌ بامرأةٍ إلاَّ كانَ ثالِثَهما الشّيطانُ)، كما أنّ الخلوة بالأجنبيّة أمرٌ محرّم، والخلوة: هي انفراد الرجل بالمرأة بعيداً عن نظر الناس، ومن الاختلاط المحرّم؛ سفر المرأة من غير محرم، حيث قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: (لا تسافرُ المرأةُ إلَّا معَ ذي محرمٍ).
- أوجب الإسلام الحجاب على المرأة، واشترط له عدّة شروط؛ فيجب أن يكون ساتراً لجميع البدن، وأن يكون كثيفاً وليس رقيقاً أو شفافاً، وألّا يكون في نفسه زينةً أو معطراً أو تشبّهاً بالرجال، ويكون واسعاً فضفاضاً.
نماذج من الفتيات الصالحات
امتثلت نساء السلف الصالح أوامر الله تعالى وأوامر رسوله صلّى الله عليه وسلّم، فكنّ نبراساً في الأعمال الصالحة والعبادات والطاعات، وفيما يأتي ذكر بعض الأمثلة على ذلك:
- كانت زوجة رياح بن عمرو القيسي تجتهد في قيام الليل اجتهاداً كبيراً، فكانت تقوم الربع الأول من الليل ثمّ توقظ رياحاً للقيام فلا يستيقظ، وكذلك في أرباع الليل الباقية، فالزوجة الصالحة هي من تعين زوجها على أمور الدين قبل أمور الدنيا، فالواجب على الزوجة حثّ زوجها على طاعة الله تعالى، وإقامة أوامره، وأداء الصلوات جماعةً، وتلاوة القرآن الكريم ، والابتعاد عن المحرّمات، حيث قال الرسول صلّى الله عليه وسلّم: (رحمَ اللهُ رجلاٌ قامَ من الليلِ فصلَّى وأيْقظَ امرأتَه فصلتْ فإن أبَتْ نضحَ في وجهِها الماءَ، رحم اللهُ امرأةً قامتْ من الليلِ فصلَّت وأيقظتْ زوجَها فصلَّى، فإن أبَى نضحتْ في وجهِه الماءَ).
- كانت أم حسان إحدى السلف عابدةً وزاهدةً، وفي ذات يومٍ دخل عليها سفيان الثوري فلم يجد عندها إلا الحصير، فقال لها: لو أنّها أخبرت أعمامها ليغيّروا حالها إلى حالٍ أفضل، فبيّنت له أنّها لا تبحث عن متاع الدنيا، وأنّها تستغلّ أوقاتها بذكر الله تعالى، وبكى سفيان الثوري الذي كان من أئمّة المسلمين وساداتهم في زمانه.
- كان طلحة بن عبيد الله متزوجاً من أمّ كلثوم، وكان صاحب مالٍ وثروةٍ، كما أنّه كان كريماً وسخياً، وذات يوم أتاه سبعمئة ألف درهمٍ من حضرموت، ولم يستطع النوم ليلاً، فأشارت عليه زوجته أمّ كلثوم أن يقسم المال بين أصحابه، وفي الصباح وزّع المال على المهاجرين والأنصار حتى إنّه كاد ألّا يترك لبيته شيئاً.