كيف أعرف وقت الشروق
كيف أعرف وقت الشروق
يَبدأ وقت الشُّروق عند نهاية وقت الفجر، بينما يُمثِّل وقت الغُروب بداية وقت المغرب ، ويُقدَّر الوقت الذي يكون بين طُلوع الفجر الثَّاني وبين طلوع الشَّمس بساعةٍ وخمسة أسباع ساعة زمانيَّة، ويعتمد هذا الوقت على مقدار وقت اللَّيل؛ فإن طال اللَّيل طال هذا السُبع، وإن قصُر اللَّيل قَصُرَ هذا السُبع؛ أي أنَّ مُدَّته تزيد وتنقُص بحسب حساب اللَّيل. ومن المعروف أنَّ وقت الشُّروق ليس ثابتاً على مدار العام؛ بل يَطول ويَقصر بين الصَّيف والشِّتاء. والشروق عندَ الفقهاء هو بداية طلوع الشمس، والشروق لغةً هو طلوع الشمس من جهة الشرق، وقال ابن منظور في لسان العرب: الشرق هو المكان الذي تشرق فيه الشمس، ويُقال أشرقت الشمس أي طلعت، وأضاءت وجه الأرض. وقالَ الحطاب في مواهب الجليل الشروق الشرعي هو طلوع أو شروق أول حاجب الشمس؛ وحاجب الشمس أي أوّل ما يطلع ويبدو من شعاعها وضوئها.
ما يتعلق بوقت الشروق من صلوات
نهاية وقت صلاة الفجر عند شروق الشمس
يُعدُّ شُروق الشَّمس آخر وقتٍ لصلاة الفجر بحسب جمهور الفُقهاء، ودليلهم حديث الرَّسول -صلَّى الله عليه وسلَّم-: (إنَّ للصلاةِ أولًا وآخرًا، وإنَّ أولَ وقتِ الفجرِ حين يطلعُ الفجرُ، وإنَّ آخرَ وقتِها حين تطلعُ الشمسُ). أي أنَّ وقت الشُّروق يُمثِّل نهاية وقت الفجر، وأنَّ وقت صلاة الفجر يَمتدُّ من طُلوع الفجر إلى طُلوع الشَّمس، لحديث النَّبي -صلَّى الله عليه وسلَّم: (وقْتُ صلاةِ الصبحِ من طلوعِ الفجرِ ما لم تطلُعِ الشمسُ)، والمقصود هنا بطُلوع الفجر أي الفجر الصَّادق؛ فهناك فَجران أحدُهما كاذب والآخر صادق، ويُقدَّر الوقت بين طُلوع الفجر وطُلوع الشَّمس بساعة ونصف تقريباً، وهو نفس الوقت المُقدَّر لصلاة المغرب تقريباً، ويَنقص وقت صلاة الفجر عن صلاة المغرب بزيادة اللَّيل، ويزيد وقت صلاة الفجر عن صلاة المغرب بزيادة النَّهار، والزِّيادة والنُّقصان بين الصَّلاتين يَتراوحان من خمس إلى عشر دقائق تقريباً.
ابتداء وقت صلاة الضحى بعد الشروق بمدة
يبدأ وقت صلاة الضُّحى بعد شُروق الشَّمس إلى قبل زَوال الشَّمس -مَيلان الشَّمس عن مُنتصف السَّماء-، والأفضل في وقت أدائها الانتظار حتى تَعلو الشَّمس ويشتدُّ حرُّها، لحديث النَّبي -صلَّى الله عليه وسلَّم: (صَلَاةُ الأوَّابِينَ حِينَ تَرْمَضُ الفِصَالُ)؛ أي حتى تشتدَّ حرارة الرِّمال فتجلس النَّاقة من شدَّة الحَرّ. وتُعدُّ صلاة الضُّحى من السُّنن المُؤكَّدة ، والتي أوصى بها الرَّسول -صلَّى الله عليه وسلَّم- أصحابه بها، والمقصود بالضُّحى ارتفاع وعُلوّ الشَّمس إلى رُبع السَّماء، ويَدخل وقتها بعد ارتفاع الشَّمس إلى السَّماء قيد رُمح؛ أي بعد مُرور قُرابة الثُّلث ساعة من بعد شُروق الشَّمس، ويستمرُّ إلى ما قبل الزَّوال كما تقدَّم.
وعددَ ركعات صَلاة الضُّحى ركعتان، وهو الحدُّ الأدنى لها، والعدد المتوسِّط والأعدل ثمانُ ركعات، وقد ثبت عدد الحدّ الأدنى بأنَّه ركعتان من حديث النَّبي -صلَّى الله عليه وسلَّم-: (في الإنسانِ ثلثمائةٍ وستون مِفْصَلًا فعليه أن يَتَصَدَّقَ عن كلِّ مِفْصَلٍ منه بصدقةٍ. قالوا: ومَن يُطِيق ذلك يا نبيَّ اللهِ؟! قال: النُّخاعةَ في المسجدِ تَدْفِنُها، والشيءَ تُنَحِّيه عن الطريقِ، فإن لم تَجَدْ فركعتا الضحى تُجْزِئُك)، وقال أبو هريرة -رضي الله عنه-: (أَوْصَانِي خَلِيلِي بثَلَاثٍ لا أدَعُهُنَّ حتَّى أمُوتَ: صَوْمِ ثَلَاثَةِ أيَّامٍ مِن كُلِّ شَهْرٍ، وصَلَاةِ الضُّحَى، ونَوْمٍ علَى وِتْرٍ).
ولم يَرد نصٌّ في تحديد أكثر عددٍ لركعات صلاة الضُّحى، وثبت عن النَّبي -صلَّى الله عليه وسلَّم- أنَّه صلَّى الضُّحى أربع ركعات، وأنَّه صلَّاها أيضاً ثمانِ ركعات في فتح مكَّة . وعن عائشة -رضي الله عنها- قالت: (كانَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ يُصَلِّي الضُّحَى أَرْبَعًا، وَيَزِيدُ ما شَاءَ اللَّهُ)، ولعدم وُرود نصٍّ في تحديد العدد الأعلى لركعات صلاة الضُّحى تعدّدت آراء الفُقهاء في حدِّها الأعلى؛ حيث ذهب المالكيَّة والحنابلة إلى أنَّ أكثر عددٍ لركعات الضُّحى هو ثمان ركعات، بينما يرى الشافعيَّة والحنفيَّة أنَّ أكثر عددٍ لركعات الضُّحى هو اثنتا عشرة ركعة، وقال الشيخ ابن باز بأنَّ صلاة الضُّحى ليس لها حدٌّ معيَّن؛ لأنَّ النَّبي -صلَّى الله عليه وسلَّم- صلَّاها اثنتين وأربعاً وثمان، وإن زاد المسلم على ذلك فلا بأس، ولكنَّ السُّنَّة أن يُصلِّي كلّ ركعتين بتسليمةٍ واحدة بغضّ النَّظر عن عدد الرَّكعات.
النهي عن الصلاة وقت الشروق
توجد العديد من الأوقات التي نَهى النَّبي -صلَّى الله عليه وسلَّم- عن الصَّلاة فيها، ومن هذه الأوقات المنهيِّ عن الصَّلاة فيها وقت الشُّروق؛ وبالتَّحديد عندما يَظهر طَرَف الشَّمس الأعلى عند الشُّروق، فعلى المسلم أن يَمتنع عن الصَّلاة عندها، ويَنتظر حتى يَكتمل قُرص الشَّمس وتعلو الشَّمس إلى السَّماء قدر رُمح؛ أي أن يكون بين الشَّمس والأرض قدر الرُّمح وهو ما يعادل قامة إنسانٍ تقريباً، وبعد أن تَرتفع الشَّمس عن الأرض بهذا المقدار ينتهي وقت الكراهة وتجوز الصَّلاة بعدها.
وبناءً على ما تقدَّم لا يجوز أداء صلاة الضُّحى في وقت الشُّروق، بل تُؤدَّى بعد مُرور ما يُقارب الثُّلث ساعة تقريباً على شُروق الشَّمس، ويُستثنى من هذا النَّهي من فاتته صَلاة الصبح؛ فإنَّه يَقضيها متى ما ذكرها أو متى استيقظ؛ أي عند زوال العُذر مباشرةً ولو كان هذا في وقت الشُّروق المَنهيُّ عن الصَّلاة فيه؛ بل يجب على من فَاتته صلاة الصبح القَضاء في وقت الشُّروق إن استيقظ فيه، وألَّا يُؤخِّرها إلى ما بعد طُلوعها، لأنَّ صلاة الفَريضة تُصلَّى مُطلقاً ولو كان ذلك في وقت النَّهي، وهذا هو مذهب الجُمهور.