كيف أصبر أهل الميت
كيف نصبّر أهل الميت؟
يُشرع للمسلم تعزية أخيه المسلم عند فقد أحبائه وأقاربه، وذلك للربط على قلبه، ومحاولة تخفيف الحزن والهمّ عنه؛ فيحثه على الرضا والصبر بقضاء الله وقدره بما تيسر له من كلمات لا تخالف الشريعة الإسلامية؛ وقد ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- في السنة النبوية ألفاظاً عديدة لتعزية أهل الميت ؛ وسنذكر بعضها فيما يأتي:
- ثبت عن النبي الكريم أنه قال في تعزية ابنة له بوفاة ابنها: (إنَّ لِلَّهِ ما أخَذَ وما أعْطَى، وكُلُّ شَيءٍ عِنْدَهُ مُسَمًّى، فَلْتَحْتَسِبْ ولْتَصْبِرْ).
- ثبت عن النبي الأمين أنه قال في تعزية عبد الله بن جعفر في أبيه: (اللَّهمَّ اخلُفْ جعفرًا في أهلِه وباركْ لعبدِ اللهِ في صفقةِ يمينِه قالها ثلاثَ مِرارٍ).
الرضا
يرضى المؤمن بقضاء الله -تعالى- وقدره، ويسلّم أمره لله -تعالى-، فالموت حقيقة محتومة لكل إنسان؛ فقد ثبت عن النبي الكريم أنه قال: (إنَّ أَحَدَكُمْ يُجْمَعُ خَلْقُهُ في بَطْنِ أُمِّهِ أَرْبَعِينَ يَوْمًا، ثُمَّ يَكونُ في ذلكَ عَلَقَةً مِثْلَ ذلكَ، ثُمَّ يَكونُ في ذلكَ مُضْغَةً مِثْلَ ذلكَ، ثُمَّ يُرْسَلُ المَلَكُ فَيَنْفُخُ فيه الرُّوحَ، وَيُؤْمَرُ بِأَرْبَعِ كَلِمَاتٍ: بِكَتْبِ رِزْقِهِ، وَأَجَلِهِ، وَعَمَلِهِ، وَشَقِيٌّ، أَوْ سَعِيدٌ،).
والرضا يعود على أهل الميت بمنافع كثيرة سنبينها فيما يأتي:
- إن قضاء الله -تعالى- كله خير؛ فالله -سبحانه وتعالى- يبتلي عبده المؤمن ببعض الأمور التي تجلب له الخير عاجلاً أو آجلاً.
- يورّث الرضا بقضاء الله -تعالى- زوال الهمّ والغمّ عن قلب المؤمن، ويجلب له السعادة والخير.
الاحتساب
يحتسب المؤمن ما أصابه من مصيبة الموت عند الله -تعالى-؛ لينال الأجر العظيم على احتسابه وصبره على هذا البلاء العظيم، فالاحتساب يُشعر المؤمن بالراحة والاطمئنان؛ فمن فقده قد ذهب عند ربّ كريم رحيم، وهو مأجور على تحمّل فقده.
ويقوم المؤمن بوصل من فقده بعد موته بالدعاء والاستغفار له، وتقديم الصدقات، والحج عنه، قال ابن القيم: "قيل الأفضل ما كان أنفع في أنفسه، فالعتق عنه، والصدقة أفضل من الصيام عنه، وأفضل الصدقة ما صادفت حاجة من المتصدق عليه وكانت دائمة مستمرة".
الصبر على البلاء
الإيمان بالله -تعالى- يقتضي الصبر على البلاء ، وشكر النعمة التي أنعم الله -تعالى- بها على عبده المؤمن؛ وذلك لنيل الأجر العظيم الذي أعدّه الله -تعالى- لعبده الصابر على فقدان أحبته، فالمؤمن الصابر يُظهر قوة إيمانه بالله -تعالى- واليوم الآخر وقت الشدّة وفقد الأحبة.
وقد ورد عن النبي الكريم أن الله -تعالى- قال في الحديث القدسيّ: (إذا مات ولدُ العبدِ قال الله لملائكته: قبضتُم ولدَ عبدي؟ فيقولون: نعم، فيقول: قبضتم ثمرةَ فؤاده فيقولون: نعم، فيقول: ماذا قال عبدي؟ فيقولون: حمدك واسترجع، فيقول اللهُ: ابنوا لعبدي بيتاً في الجنةِ وسموه: بيتَ الحمدِ).
وقد صبر النبي الكريم على فقدان ابنه إبراهيم فقال حين موته: (إنَّ العَيْنَ تَدْمَعُ، والقَلْبَ يَحْزَنُ، ولَا نَقُولُ إلَّا ما يَرْضَى رَبُّنَا، وإنَّا بفِرَاقِكَ يا إبْرَاهِيمُ لَمَحْزُونُونَ).