كم عدد الأنبياء العرب
الأنبياء
خَلق الله تعالى البشر وأمرهم بعبادته وحده سبحانه، وأكرمهم بأن بعث إليهم الأنبياء والرسل ؛ ليبيّنوا لهم الصراط المستقيم، ويحذّروهم من الشرك والفسوق والعصيان، ومنذ نزول أبي البشر آدم -عليه السّلام- إلى الأرض بدأ نزول الوحي، حيث كان أوّل نبيٍّ، ثمّ تكاثر الناس وعُمرت الأرض، ونشأت الأمم والجماعات، فاختار الله تعالى من بينهم صفوة خَلقه؛ ليحملوا الرسالة، ويبلّغوا الأمانة ، وأولئك هم الأنبياء، مصداقاً لقوله تعالى: (أُولـئِكَ الَّذينَ أَنعَمَ اللَّـهُ عَلَيهِم مِنَ النَّبِيّينَ مِن ذُرِّيَّةِ آدَمَ وَمِمَّن حَمَلنا مَعَ نوحٍ وَمِن ذُرِّيَّةِ إِبراهيمَ وَإِسرائيلَ وَمِمَّن هَدَينا وَاجتَبَينا إِذا تُتلى عَلَيهِم آياتُ الرَّحمـنِ خَرّوا سُجَّدًا وَبُكِيًّا).
عدد الأنبياء العرب
بعث الله تعالى الأنبياء مبشّرين ومنذرين، حيث قال تعالى: (وَلَقَد بَعَثنا في كُلِّ أُمَّةٍ رَسولًا أَنِ اعبُدُوا اللَّـهَ وَاجتَنِبُوا الطّاغوتَ فَمِنهُم مَن هَدَى اللَّـهُ وَمِنهُم مَن حَقَّت عَلَيهِ الضَّلالَةُ فَسيروا فِي الأَرضِ فَانظُروا كَيفَ كانَ عاقِبَةُ المُكَذِّبينَ)، وكان كلّ نبيٍّ من الأنبياء يخاطب قومه بلغتهم، ومن الجدير بالذكر أنّ الله تعالى بعث خمسة أنبياء من العرب، وهم: إسماعيل، وهود، وشعيب، وصالح ، ومحمد عليهم الصّلاة والسّلام.
إسماعيل عليه السّلام
هو نبي الله إسماعيل، أوّل أبناء إبراهيم عليه السّلام، الذي رزقه الله إيّاه من زوجته الثانية هاجر، حيث قضى فترةً طويلةً مع زوجته سارة من غير أن تنجب له، فدعا الله تعالى أن يرزقه الولد، كما قال تعالى: (رَبِّ هَبْ لِي مِنَ الصَّالِحِينَ* فَبَشَّرْنَاهُ بِغُلَامٍ حَلِيمٍ)، فوهبه الله تعالى إسماعيل عليه السّلام، ولكنّ الغيرة اشتعلت في قلب زوجته سارة، وطلبت من إبراهيم -عليه السّلام- أن يبعد الطفل الرضيع وأمّه عنها، فاستجاب -عليه الصّلاة والسّلام- لطلبها، وارتحل بإسماعيل وأمّه إلى مكّة وتركهما هناك، ثمّ دعا الله لهما، وعاد مهاجراً، كما قال تعالى: (رَبَّنا إِنّي أَسكَنتُ مِن ذُرِّيَّتي بِوادٍ غَيرِ ذي زَرعٍ عِندَ بَيتِكَ المُحَرَّمِ رَبَّنا لِيُقيمُوا الصَّلاةَ فَاجعَل أَفئِدَةً مِنَ النّاسِ تَهوي إِلَيهِم وَارزُقهُم مِنَ الثَّمَراتِ لَعَلَّهُم يَشكُرونَ)، فتكفّل الله تعالى بإسماعيل -عليه السّلام- وأمّه، حيث فجّر نبع زمزم تحت أقدامهما، فشربت هاجر وسقت ولدها الرضيع، وعاشوا مطمئنّين، وبعد فترةٍ من الزمن استقرّت قبيلة جرهم في ذلك المكان واتّخذته موطناً، فتعلّم منهم إسماعيل -عليه السّلام- اللغة العربيّة، وتزوّج منهم، فكان أوّل من تكلّم اللغة العربيّة الفصحى، وقد بيّن رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- ذلك حيث قال: (أوَّلُ مَنْ فُتِقَ لِسَانُهُ بِالْعَرَبِيَّةِ الْمُبَيَّنَةِ إسماعيلُ، وهُوَ ابنُ أربعَ عشرةَ سنةٍ).
شعيب عليه السّلام
رجّح بعض المؤرخين أنّ نسب شعيب -عليه السّلام- يرجع إلى الكلدانيين، وقد هاجر من بابل بعد أن بعثه الله تعالى إلى قبيلةٍ عربيّةٍ تسمّى مدين، كانت تسكن في معان الواقعة بين الشام والحجاز ، فعاش بينهم وأتقن لغتهم وأصبح واحداً منهم، ويقول ابن عساكر: (أمّ شعيب بنت لوط، وكانت ممّن آمن بإبراهيم وهاجر معه إلى الشام)، ومن الجدير بالذكر أنّ شعيب -عليه السّلام- دعا قومه لتوحيد الله تعالى وترك الشرك في عبادته سبحانه، وحذّرهم من تطفيف الكيل والميزان، وبخس الناس حقوقهم، والغشّ، والتعدّي على الآخرين، حيث إنّ قوم مدين اشتهروا بالشرك والغشّ، وتطفيف الكيل بالإضافة إلى الظلم والبغي والاعتداء على الأنفس والأعراض، ونشر الرذيلة والفواحش، واللهو والعبث والعدوان، مصداقاً لقول الله تعالى: (وَإِلى مَديَنَ أَخاهُم شُعَيبًا قالَ يا قَومِ اعبُدُوا اللَّـهَ ما لَكُم مِن إِلـهٍ غَيرُهُ وَلا تَنقُصُوا المِكيالَ وَالميزانَ إِنّي أَراكُم بِخَيرٍ وَإِنّي أَخافُ عَلَيكُم عَذابَ يَومٍ مُحيطٍ)، ولكنّهم كذّبوا نبيّ الله تعالى وأصرّوا على كفرهم وعنادهم، فأهلكهم الله تعالى بالصيحة.
هود عليه السّلام
هود -عليه السّلام- نبيٌّ من أنبياء الله تعالى، وهو من العرب، حيث بُعث إلى قبيلةٍ عربيّةٍ من سلالة العرب العاربة وهي قبيلة عاد التي كانت تسكن في الجزيرة العربيّة وبالتحديد في منطقة الأحقاف الواقعة بين عُمان وحضرموت، وكان هود -عليه السّلام- يسكن بينهم ويعرف لغتهم وأحوالهم ومشاكلهم، وقد أمدّ الله تعالى قوم عادٍ بالكثير من النعم في كافّة المجالات، كما قال تعالى: (وَاتَّقُوا الَّذِي أَمَدَّكُم بِمَا تَعْلَمُونَ* أَمَدَّكُم بِأَنْعَامٍ وَبَنِينَ* وَجَنَّاتٍ وَعُيُونٍ)، إلّا أنّهم نسوا نعم الله تعالى عليهم وجحدوها، وأشركوا مع الله من خلال عبادتهم للأصنام، وأطلقوا العنان لأهوائهم وشهواتهم، فاشتهروا بالكبر، والغرور، والظلم والعدوان، وضلّوا ضلالاً كبيراً، مصداقاً لقول الله تعالى: (فَأَمَّا عَادٌ فَاسْتَكْبَرُوا فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَقَالُوا مَنْ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةً أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّـهَ الَّذِي خَلَقَهُمْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يَجْحَدُونَ)، فاختار الله تعالى من بينهم هود عليه السّلام، وأنزل عليه الوحي ؛ ليبلّغهم رسالة الله تعالى، ويأمرهم بالتوحيد ونبذ عبادة الأصنام، ففعل هود -عليه السّلام- ما أُمر به، وقدّم الأدلة و البراهين على وحدانيّة الله تعالى، ولكنّ قومه كذّبوه، فأنزل الله تعالى عذابه عليهم.
صالح عليه السّلام
كان صالح -عليه السّلام- من قوم ثمود، ويرجع السبب في تسمية قومه بثمود إلى الثمد؛ وهو قلّة الماء، حيث كانوا يعيشون في منطقة الحجر، وهي منطقةٌ مكوّنةٌ من سلسلة جبالٍ ضخمةٍ، لا يمكن صعودها إلّا بمشقةٍ وعناء، وتحيط بها الرمال المتحرّكة من كلّ مكانٍ، كما أنّ المياه شحيحةٌ فيها، ومن الجدير بالذكر أنّ قبيلة ثمود من قبائل العرب العاربة، التي استوطنت في شمال الجزيرة العربية، وبالتحديد في المنطقة الواقعة بين الحجاز والشام، وقد كانت هذه القبيلة من القبائل المتقدّمة حضاريّاً وعمرانيّاً، فقد كانوا ينحتون بيوتاً في بطون الجبال؛ ليسكنوها خلال الشتاء، ويُنشؤون بيوتاً في أعالي الجبال؛ ليسكنوها في الصيف، وعرفت ثمود بالقوّة العقليّة والبدنيّة أيضاً، وعلى الرغم من قوّتهم العقليّة والنعم التي أنعم الله تعالى بها عليهم، إلّا أنّهم عبدوا الأصنام من دون الله تعالى، فبعث الله تعالى إليهم صالحاً عليه السّلام، ولكنّهم كذّبوه وسخروا منه ومن أتباعه، وأصرّوا على الكفر حتّى أهلكهم الله تعالى بالطاغية.
محمد صلّى الله عليه وسلّم
هو خاتم الأنبياء والمرسلين محمد بن عبد الله بن عبد المطلب الهاشميّ القرشيّ، ولد في مكّة عام الفيل ، وتوفّي والده قبل ولادته، وتوفّيت أمّه آمنة بنت وهب وهو في السادسة من عمره، فعاش في مكّة تحت وصاية جدّه عبد المطلب إلى أن توفّي، ثمّ انتقل إلى كفالة عمّه أبي طالب الذي رعاه وأحسن إليه ونصره إلى أن مات، عمل في مكّة خلال طفولته برعي الأغنام، وفي الشباب عمل تاجراً، وقد عُرف -عليه الصّلاة والسّلام- بحسن خُلقه؛ فكانت قريش تدعوه بالصادق الأمين، وعلى الرغم من أنّ الله تعالى بعث كلّ نبيٍّ من الأنبياء إلى قومه خاصّة، إلّا أنّه -عزّ وجلّ- أرسل محمداً -صلّى الله عليه وسلّم- إلى الناس كافّة، حيث قال: (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِّلنَّاسِ بَشِيرًا وَنَذِيرًا وَلَـكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ).