قوة الذكاء الاجتماعي
الذّكاء الاجتماعيّ
تتعدّد أصناف البشر ونفسيّاتهم وسلوكهم في الحياة وتتنوّع، والشّخص الّذي يمتلك ذكاءً اجتماعيّاً هو الّذي يستطيع التّعامل مع النّاس كلٌّ بحسب طِباعه؛ ليجذبهم إليه، ويضمن استمرار علاقته بهم، وحتّى يتعرّف على أفكارهم ويساعدهم على تنمية شخصيّاتهم، والوصول إلى النّجاح في حياتهم. والذّكاء الاجتماعيّ هو حسن تصرّف الشخص مع الآخرين، واستخدام الأسلوب اللّبِق وسعة الصدر معهم، بحيث يرفع معنويّاتهم ويدعمهم نفسيّاً، دون أن يعطيهم قدراً أكبر من قدرهم ، ويُعدّ مفهوم الذكاء الاجتماعي أحد أهمّ القدرات الأساسية التي يتميز بها الإنسان، والتي هي العنصر المهم في العلاقات الإنسانية، وأفضل فهم للذكاء الاجتماعي أن ينظر الإنسان إليه على أنّه واحدٌ من مجموعة قدراتٍ متداخلةٍ؛ فالذكاء البشري ليس سمة واحدة، وإنما هو أنماط متعدّدة، وعلى هذا النحو فهو له ستة أنواعٍ رئيسية: الذكاء المجرد، والذكاء الاجتماعي، والذكاء العملي، والذكاء العاطفي، والذكاء الفني، والذكاء الحركي.
تعريف الذكاء الاجتماعي
الذكاء الاجتماعي هو مجموعةٌ من المهارات التي تجتمع مع بعضها البعض، لتجعل الفرد قادراً على الارتباط مع الآخرين، ولديه القدرة على التواصل معهم بفعاليةٍ عاليةٍ؛ فعندما يكون الإنسان قادراً على فهم عقله وذاته، ويحاول التعايش معها فهو بذلك يملك قدرةً كبيرة، أمّا إن كان قادراً على التعايش، والتواصل مع الآخرين، والتعامل معهم بنجاح في وقتٍ واحدٍ، فهو بذلك يمتلك قدرةً أكبر منه، وهي تُعبر عن ذكاءٍ صادرٍ منه، وهي علامةٌ من علامات العبقرية؛ وذلك لأنّ الأذكياء اجتماعياً يستخدمون كافة ما لديهم من طاقاتٍ كامنة، وإمكانياتٍ كبيرة، جسدية وعقلية للتواصل مع الآخرين، ومحاولة قراءة أفكارهم، ومساندتهم، وتشجيعهم على النجاح، والإبداع في حياتهم، وتكوين صداقاتٍ جديدة، وزيادة حلقة الصداقة مع الآخرين، والمحافظة عليها.
نقاط القوّة عند الذّكيّ اجتماعيّاً
الذكاء الاجتماعي هو مهارة كباقي المهارات الأخرى يُمكن اكتسابه، وتعلّمه، وإتقانه من خلال التدريب والممارسة، وذلك بامتلاك الشخص بعضٍ من نقاط القوة التي تجعله "ذكيا اجتماعيا" ومن هذه النقاط:
- القدرة على التودّد إلى الأشخاص المحيطين، وكسب قلوبهم.
- الإحساس بمشاعرهم وفهمها.
- امتلاك فنّ الحوار النّاجح.
- مهارة الاستماع إلى الآخر، والاطلاع على أفكاره ومشاكله إن وُجِدت.
- تدارُك المواقف المُحرجة بحسن التّصرّف، واستخدام الأسلوب اللّائق والمناسب.
- اكتساب محبّة الآخرين، وإقناعهم بسهولة بأفكاره.
- فهم الآخرين من خلال لغة الجسد، وحركات الأيدي، وطريقة الابتسامة، ونظرات العيون، وغير ذلك من الحركات الجسديّة؛ الّتي يمكن أن تعطي صورة عن حال الشّخص، واثقاً كان أو مضطرباً، سعيداً أو حزيناً، صحيحاً أو مريضاً. هذه اللغة تساعد على التقرّب أكثر من الشّخص، وكسب ثقته، ومساعدته على تجاوز مشاكله.
وسائل تنمية الذّكاء الاجتماعيّ
هناك عدة وسائل حددها الباحثون تساهم في تطور الذكاء الاجتماعي، وهي:
- المشاركة في المناسبات الاجتماعيّة؛ للاندماج مع المجتمع، والتّعامل مع الأصناف المختلفة من النّاس.
- الإكثار من الأصدقاء والمعارف الطّيّبين.
- التدرّب على الاستماع إلى الآخر، وعدم قطع حديثه أو احتكار الحديث والسيطرة على الجلسة؛ فالاستماع جزء كبير من النّجاح والتّميّز الاجتماعيّ.
- الذهاب إلى المسجد؛ لأداء صلاة الجماعة، والتّواصل مع المصلّين.
- حسن التّعامل ولطف الحديث مع الآخرين، والتبسّم في وجوههم، وترك انطباع جيّد عندهم، وتذكّرهم بالهدايا من حين إلى آخر؛ فالهدايا تؤلّف القلب وتزيد المحبة.
- اليقين بأنّ هناك آراءً تختلف عن آرائك، ومن المستحيل تطابق وجهات النّظر، لذا يجب النّقاش بهدوء مع الآخرين، والاستماع إلى أفكارهم، والتّكيّف مع اختلافهم.
- الإكثار من المطالعة والقراءة في المجالات المختلفة؛ للمشاركة في الحوارات المتنوّعة.
- التّدرّب على إحسان الظّنّ بالآخرين؛ لأنّ إساءة الظن تؤدّي إلى البغضاء، وكره الطّرف الآخر في حال كونِ الظّنّ ليس صحيحاً، فضلاً عن اكتساب إثمٍ في أمر نهى الله تعالى عنه.
- تجنّب النّصيحة المباشرة في حال وجود من لا يتقبّلها، وإيصال النّصح بالتّلميح.
- محاولة ضبط النّفس عند إثارتها، وكتمان الغيظ، والصّبر على حماقات الآخرين واستيعابها.
- وصْلُ الأرحام؛ ففيه تطبيق لأمر الله، واكتساب مهارتي التّعامل والذّكاء الاجتماعيّ في آنٍ واحدٍ.
- معرفة الوضع النّفسيّ للآخرين، ومعاملتهم على أساسه.
- الاهتمام بالجالسين جميعاً، وإشعارهم بأنّهم أشخاص مهمّون لهم وزنهم.
- إصلاح الخطأ في حال وقوعه، وعدم الإصرار عليه.
تسمياتٍ عدة للذكاء الاجتماعي
تحدّث الكثير من المتخصّصين عن تسمياتٍ عدة للذكاء الاجتماعي، مثل مهارات التواصل، ومهارات التعامل مع الآخرين، والمهارات الشخصية، والمُلاحظ أنّ مثل هذه التسميات التقليديّة قد ضيّقت فهم الذكاء الاجتماعي لدى الأشخاص على اعتبار أنّه مفهوم واسع، فهو يتطلّب بالإضافة إلى معرفة الشخص لمجموعةٍ من المهارات الحياتية، أو بعض الإجراءات المحددة معرفةً كبيرة، وخبرةً عاليةً بثقافة الإنسان الذي يقف أمامه، وقد يحتاج إلى ثقافاتٍ أخرى، ويحتاج أيضاً إلى تراكمٍ للخبرات، والمَعارف الناتجة عن مُواصلة الإنسان للملاحظة والتعلم، فيما قد يُفيد المرء وما لا يُفيده في المَواقف الإنسانية.