قضايا علم اللغة الاجتماعي
مفهوم علم اللغة الاجتماعي
علم اللغة الاجتماعي أو علم اللسانيات الاجتماعي مصطلح يُشير إلى العلاقة بين البيئة الاجتماعية والثقافية واللغة، بحيث يربط بين اللغة والبيئة الاجتماعية التي ينمو فيها الناس، ويتطورون ويؤثر ذلك في لغتهم وطريقة كلامهم، ويرصد أثر ذلك عليهم.
يحلل علم اللغويات الاجتماعية كيفية تأثير الأصل والجنس والعمر والعرق والطبقة الاجتماعية والزمان والمكان والتعليم على تطور التواصل اللغوي، وقد ظهر علم اللغة الاجتماعي بهدف التوسع في مجال البحث اللغوي ، وقد كان يُنظر إليه على أنه مستقل ونظام مجرد، واستخدم مصطلح علم اللغة الاجتماعي لأول مرة من قبل (Harper Currie).
تاريخ هذا العلم يعود إلى بداية اتصال البحث اللغوي بما يخص المجتمع من علوم، وإلى السؤال الذي قام بطرحه العديد من الفلاسفة والمفكرين، وذلك في القرن الثامن عشر حول العلاقة بين اللغة والشعب، ومن المعروف أنّ علم اللغة الاجتماعي يعود بأهمية ونقع كبيرين على الجماعات واللغات والأمم.
وظيفة علم اللغة الاجتماعي
يهدف علم اللغة الاجتماعي إلى البحث عن الطرق التي يحدث فيها تفاعل بين المجتمع واللغة والنظر في مجموع التغيرات التي تطرأ على اللغة استجابة لوظيفة اللغة الاجتماعية، والكشف عن طبيعة هذا التفاعل ومحاولة رصد العناصر الفاعلة المؤثرة على اللغة، بحيث عملوا على اكتشاف المعايير والأسس الاجتماعية التي تتحكم بالسلوك اللغوي، خاصة أن اللغة وسيلة تعبير علمي واجتماعي وسياسي واقتصادي، مما يحتم على الجميع معرفة وظائفها بدقة.
يركز علم اللغة الاجتماعي على دراسة اللغة باعتبار بوصفها ظاهرة اجتماعية وإحدى مكونات الثقافة، ولهذا حظيت اللغة باهتمام خاص واستقلالية، وأصبح لها علم اللغة الاجتماعي الذي يدرس علاقتها بالمجتمع، ويعمل على تنظيم كل ما يتعلق بها من جوانب، بالإضافة إلى طرق استخدامها المرتبطة بوظائفها الثقافية والاجتماعية والاقتصادية والسياسية، وارتبطت العديد من المصطلحات بعلم اللغة الاجتماعي: مثل علم الأنثروبولوجيا الاجتماعية وعلم الاجتماع اللغوي واجتماع اللغة.
يسلط علم اللغة الاجتماعي الضوء على المشكلات اللغوية التي تواجه المجتمعات النامية، ومن هذه المشكلات الثنائية اللغوية والازدواجية اللغوية، ويسعى علم اللغة الاجتماعي لحل العديد من المشكلات على مستوى العلاقات الاجتماعية والتعليم في المجتمعات المتقدمة، خاصة أنّ للغة دوراً فعالاً في ثقافة المجتمع والعلاقات الاجتماعية، ولها دور فعال في دراسة وسائل التواصل بين أفراد المجتمع.
قضايا علم اللغة الاجتماعي
تعدّدت القضايا التي بحث فيها علم اللغة الاجتماعي، والتي كانت نتيجة عوامل سياسية واقتصادية واجتماعية وعوامل عرقية وشعبية وجغرافية وثقافية متعددة، وشكّلت جوهر الصراع الحقيقي الذي تواجهه اللغات المختلفة كي تستمر في وجودها، وتمثّل ذلك في قضيتين محوريتين على النحو الآتي:
صراع اللغات
وقف علم اللغة الاجتماعي على هذه القضية التي انعكست بصورة كبيرة على اللغة؛ لأنّ اللغة تخضع لعدد من القوانين مثل قانون التطور والتغير والتبدل وقانون الاحتكاك، أي أنّ اللغة قد تفرض نفسها على لغة أخرى، وقد تحل محلها، وتنتصر عليها وتغلبها، مما يولد صراعًا بين اللغات يؤدي أحيانًا إلى اندثار بعض اللغات أو قلة أهميتها الاجتماعية والسياسية والاقتصادية والعسكرية.
يحدث إثر ذلك حالة من التنازع والصراع على البقاء، وتسعى كل لغة إلى فرض سيطرتها وهيمنتها على المجتمع، وينتج عن الصراع اللغوي احتكاك بين اللغات أو هجرة أقوام من مكان توجد فيه لغة معينة إلى كان فيه لغة مختلفة، فتتلاشى اللغة الأضعف وتسود اللغة الأكثر حضورًا، لهذا فإنّ الصراع اللغوي يُعدّ أحد مظاهر الحياة اللغوية الطبيعية التي تحدث في المجتمع الإنساني.
التعدد اللغوي
ينتج عن اللغة الواحدة العديد من اللهجات المتنوعة، والتي تختلف باختلاف المنطقة الجغرافية، وتلعب العديد من العوامل في هذا مثل الحروب والهجرة والنزوح واتساع الرقعة الجغرافية، بالإضافة إلى الاحتكاك اللغوي الذي يحدث بين الناس في المناطق المتجاورة.
يعالج علم اللغة الاجتماعي هذه القضية بأنه يميز بين اللغة الأصلية واللهجات المتعددة الناتجة عنها، حيث تزداد الاختلافات بينها تدريجيًا، وتنقسم الفصائل اللغوية إلى لغات ومن ثم تتحول إلى لهجات، ومن الأمثلة على هذا أنّ أمازيغ المغرب أدى تفرقهم إلى وجود ثلاث لهجات وهي: لهجة تامازيغت التي تشيع في الأطلس المتوسط، ولهجة تاشلحيت في مناطق سوس المختلفة، واللهجة الريفية في الريف.