أشهر قصائد العصر العباسي
أشهر قصائد العصر العباسي
فيما يأتي عدد من أشهر قصائد العصر العباسي :
قصيدة واحر قلباه ممن قلبه شبم للمتنبي
يقول المتنبي :
واحرَّ قَلباهُ مِمَّن قَلبُهُ شَبِمُ
- وَمَن بِجِسمي وَحالي عِندَهُ سَقَمُ
ما لي أكَتِّمُ حُبّاً قَد بَرى جَسَدي
- وتَدَّعي حبَّ سيفِ الدَولَةِ الأمَمُ
إن كانَ يَجمَعُنا حبٌّ لِغُرَّتِهِ
- فليتَ أنَّا بِقَدْرِ الحبِّ نَقتسِمُ
قَد زُرتُهُ وسيوفُ الهندِ مُغمَدَةٌ
- وقد نظرتُ إليه والسُيوفُ دَمُ
فَكانَ أحْسنَ خَلق الله كلِّهِمُ
- وكانَ أحسنَ ما في الأحسَنِ الشِّيَمُ
فوتُ العدوِّ الذي يَمَّمْتُه ظَفَرٌ
- في طيّه أسَفٌ في طيّه نِعَمُ
قد نابَ عنكَ شديدُ الخوفِ واصْطنَعَتْ
- لكَ المهابةُ ما لا تَصنعُ البُهَمُ
ألزَمتَ نفسَكَ شيئاً ليس يَلْزَمُها
- أن لا يوارِيَهمْ أَرضٌ ولا عَلَمُ
أكُلَّما رُمتَ جيشاً فانْثَنى هَرَباً
- تَصرَّفَت بكَ في آثارِه الهِمَمُ
عليكَ هَزمُهُمُ في كلِّ مُعتركٍ
- وما عليكَ بِهِمْ عارٌ إذا انهزَموا
أما تَرى ظَفراً حُلْواً سِوى ظَفَر
- تَصافحَتْ فيه بيضُ الهِندِ واللمَمُ
يا أعدلَ الناسِ إلا في معامَلتي
- فيكَ الخِصامُ وَأنتَ الخَصْمُ والحَكَمُ
أعيذُها نظراتٍ منكَ صادقةً
- أن تَحْسبَ الشَّحمَ فيمَن شَحْمُهُ وَرَمُ
وما انتفاعُ أخي الدُّنيا بناظرِهِ
- إذا استَوَت عندَهُ الأنوارُ والظُّلَمُ
سيَعلَمُ الجمعُ ممَّن ضمَّ مَجلسُنا
- بأنَّني خيرُ مَن تسعى بهِ قَدَمُ
أنا الذي نظَر الأعمى إلى أدبي
- وأسْمعَت كلماتي مَن بهِ صَمَمُ
أنامُ مِلْءَ جُفُوني عن شوارِدِها
- ويَسْهَرُ الخلقُ جرَّاها وَيَختَصِمُ
وجاهلٍ مدَّه في جهلِهِ ضَحِكي
- حَتّى أتَتْه يدٌ فرَّاسةٌ وفَمُ
إذا رأيتَ نيوبَ الليث بارزةً
- فَلا تَظُنَّنَّ أنَّ اللَيثَ يبتَسِمُ
وَمُهجةٍ مُهجتي مِن هَمّ صاحبها
- أدركْتُها بجَوادٍ ظهرهُ حَرَمُ
رِجلاه في الرَّكضِ رجلٌ واليدانِ يدٌ
- وفعلُه ما تريدُ الكفُّ وَالقَدَمُ
ومُرهَفٍ سِرتُ بين الجَحْفَلينِ بهِ
- حتى ضَربتُ وموجُ الموتِ يَلتَطِمُ
الخيلُ والليلُ والبيداءُ تَعْرِفُني
- والسيفُ والرمحُ والقرطاسُ والقَلمُ
صَحِبتُ في الفلواتِ الوحشَ مُنفرِداً
- حتى تعجَّبَ مني القُورُ والأكَمُ
يا مَن يَعِزُّ علينا أن نُفارقهم
- وِجْدانُنا كل شيءٍ بعْدَكُم عَدَمُ
ما كان أخلقنا منكم بتَكرمَةٍ
- لو أنَّ أمرَكُمُ مِن أمرِنا أمَمُ
إن كانَ سرَّكمُ ما قال حاسدُنا
- فما لجُرح إذا أرضاكُمُ ألَمُ
وبيننا لَو رعيتُم ذاك مَعرفةٌ
- إن المعارِفَ في أهلِ النُّهى ذِمَمُ
كَم تَطلُبونَ لنا عيباً فَيُعجِزُكُم
- وَيَكرَهُ اللهُ ما تأتونَ والكَرَمُ
ما أبعدَ العيبَ وَالنقصانَ عن شَرَفي
- أنا الثُّريا وذانِ الشيبُ والهَرَمُ
ليتَ الغمامَ الذي عندي صواعقُهُ
- يُزيلُهُنَّ إِلى مَن عندَهُ الدِّيَمُ
أرى النَّوى يَقتضيني كلَّ مرحلَةٍ
- لا تَستقلُّ بِها الوَخّادَةُ الرُّسُمُ
لئنْ تَرَكْنَ ضميراً عن ميامِنِنا
- ليَحْدُثَنَّ لِمَنْ وَدَّعتُهم نَدَمُ
إذا ترحَّلتَ عن قومٍ وقد قدَروا
- ألا تُفارِقهُمْ فالرَّاحلونَ هُمُ
شرُّ البلادِ مكانٌ لا صديقَ بهِ
- وشرُّ ما يَكسِبُ الإنسانُ ما يَصِمُ
وشرُّ ما قنَّصَتْه راحتي قَنَصٌ
- شُهْبُ البُزاةِ سواءٌ فيه والرَّخَمُ
بأي لفظٍ تَقولُ الشعرَ زِعْنِفَةٌ
- تَجوزُ عندَك لا عُرْبٌ ولا عَجَمُ
هذا عتابُكَ إلّا أنَّهُ مِقَةٌ
- قد ضُمِّنَ الدُرَّ إلّا أنَّهُ كَلِمُ.
قصيدة دع عنك لومي فإن اللوم إغراء لأبي نواس
يقول أبو نواس :
دَع عَنكَ لَومي فَإِنَّ اللَومَ إِغراءُ
- وَداوِني بِالَّتي كانَت هِيَ الداءُ
صَفراءُ لا تَنزَلُ الأَحزانُ ساحَتَها
- لَو مَسَّها حَجَرٌ مَسَّتهُ سَرّاءُ
مِن كَفِّ ذاتِ حِرٍ في زِيِّ ذي ذَكَرٍ
- لَها مُحِبّانِ لوطِيٌّ وَزَنّاءُ
قامَت بِإِبريقِها وَاللَيلُ مُعتَكِرٌ
- فَلاحَ مِن وَجهِها في البَيتِ لَألَاءُ
فَأَرسَلَت مِن فَمِ الإِبريقِ صافِيَةً
- كَأَنَّما أَخذُها بِالعَينِ إِغفاءُ
رَقَّت عَنِ الماءِ حَتّى ما يُلائِمُها
- لَطافَةً وَجَفا عَن شَكلِها الماءُ
فَلَو مَزَجتَ بِها نوراً لَمازَجَها
- حَتّى تَوَلَّدُ أَنوارٌ وَأَضواءُ
دارَت عَلى فِتيَةٍ دانَ الزَمانُ لَهُم
- فَما يُصيبُهُمُ إِلّا بِما شاؤوا
لِتِلكَ أَبكي وَلا أَبكي لِمَنزِلَةٍ
- كانَت تَحُلُّ بِها هِندٌ وَأَسماءُ
حاشا لِدُرَّةَ أَن تُبنى الخِيامُ لَها
- وَأَن تَروحَ عَلَيها الإِبلُ وَالشاءُ
فَقُل لِمَن يَدَّعي في العِلمِ فَلسَفَةً
- حَفِظتَ شَيئاً وَغابَت عَنكَ أَشياءُ
لا تَحظُرِ العَفوَ إِن كُنتَ اِمرَأً حَرِجاً
- فَإِنَّ حَظرَكَهُ في الدينِ إِزراءُ.
قصيدة وما أنس لا أنس يوم المغار لأبي فراس الحمداني
يقول أبو فراس الحمداني :
وَما أَنسَ لا أَنسَ يَومَ المَغارِ
- مُحَجَّبَةً لَفَظَتها الحُجُب
دَعاكَ ذَوُوها بِسوءِ الفِعالِ
- لِما لا تشاء وَما لا تحب
فَوافَتكَ تَعثُرُ في مَرطِها
- وَقَد رَأَتِ المَوتَ مِن عَن كَثَب
وَقَد خَلَطَ الخَوفُ لَمّا طَلَع
- تَ دَلَّ الجَمالِ بِذُلِّ الرُعُب
تُسارِعُ في الخَطوِ لاخِفَّةً
- وَتَهتَزُّ في المَشيِ لامِن طَرَب
فَلَمّا بَدَت لَكَ دونَ البُيوتِ
- بَدا لَكَ مِنهُنَّ جَيشٌ لَجِب
فَكُنتَ أَخاهُنَّ إِذ لا أَخٌ
- وَكُنتَ أَباهُنَّ إِذ لَيسَ أَب
وَما زِلتَ مُذ كُنتَ تَأتي الجَميلَ
- وَتَحمي الحَريمَ وَتَرعى النَسَب
وَتَغضَبُ حَتّى إِذا مامَلَكتَ
- أَطَعتَ الرِضا وَعَصَيتَ الغَضَب
ف َوَلَّينَ عَنكَ يُفَدَّينَها
- وَيَرفَعنَ مِن ذَيلِها ما اِنسَحَب
يُنادينَ بَينَ خِلالِ البُيو تِ
- لايَقطَعِ اللَهُ نَسلَ العَرَب
أَمَرتَ وَأَنتَ المُطاعُ الكَريمُ
- بِبَذلِ الأَمانِ وَرَدِّ السَلَب
وَقَد رُحنَ مِن مُهَجاتِ القُلوبِ
- بِأَوفَرِ غُنمٍ وَأَغلى نَشَب
فَإِن هُنَّ يا اِبنَ السَراةِ الكِرامِ
- رَدَدنَ القُلوبَ رَدَدنا النَهَب.
قصيدة إذا جددت نعمة لامرئ لابن الرومي
يقول ابن الرومي :
إذا جُددتْ نعمةُ لامرئٍ
- فتكميلُها جدَّةُ العافيَهْ
وبالشكر قُدِّر تجديدُها
- وللَّه بعدُ يدٌ شافيه
ولو صُفِّيتْ كان أصفى لها
- ولكنَّ دُنيا الفتى جافيه
ولولا مُكدرةٌ رَنْقَةٌ
- لما قُدِّرت قَدرَها صافيه
ولا بدَّ للمرءِ من محنةٍ
- لفتنةِ نَعمائِه نافيه
ودولتُكم قد جرتْ ريحُها
- مُسدَّدَةَ الجري لا هافيه
ولا بدَّ للريح من أن تكو
- ن في بعضِ هَبَّاتها سافيه
فصبراً وعَافيةً غضّةً
- وأمناً إلى مئةٍ وافيه
فداكُم من السوء ضدٌّ لكم
- مخازيه باديةٌ خافيه
وليست بعاليةٍ حالُه
- ولكنها جِيفة طافيه
ولولا كراهةُ إملالِكم
- خطبتُ إلى آخرِ القافيه.