قصيدة امرؤ القيس قبل موته
قصيدة امرؤ القيس قبل موته
ومع أن المرض اشتد عليه إلا أنه استمر بالمسير نحو قبيلته وأثناء مروره بالطريق مر على مقبرة وقال هذه الأبيات عند أحد قبورها:
أَجارَتَنا إِنَّ الخُطوبَ تَنوبُ
- عَلَينا وَبَعضَ الآمِنينَ تُصيبُ
أَجارَتَنا لَستُ الغَداةَ بِبارِحٍ
- وَلَكِن مُقيمٌ ما أَقامَ عَسيبُ
فَإِن تَسأَليني هَل صَبَرتُ فَإِنَّني
- صَبورٌ عَلى ريبِ الزَمانِ صَليبُ
جَرى بِإِنبِتاتِ الحَبلِ مِن أُمِّ جَحدَرٍ
- ظِباءٌ وَطَيرٌ بِالفِراقِ نَعوبُ
نَظَرتُ فَلَم أَعتَف وَعافَت فَبَيَّنَت
- لَها الطَيرُ قَبلي وَاللَبيبُ لَبيبُ
فَقالَت حَرامٌ أَن نُرى بَعدَ هَذِهِ
- جَميعَينِ إِلّا أَن يُلَمَّ غَريبُ
أَجارَتنا صَبراً فَيا رُبَّ هالِكٍ
- تَقَطَّعُ مِن وَجدٍ عَلَيهِ قُلوبُ.
في رواية قيل إن هذه الأبيات قيلت عند مرور امرؤ القيس بقبر من القبور التي كانت موجودة في المقبرة، ومكتوب على شاهده اسم "مارية" وكان مكان هذا القبر في جبل يقال له عسيب في مدينة أنقرة التركية أي في بلد غريبة غير عربية.
فألقى امرؤ القيس هذه الأبيات عند رؤيته لقبرها، ولمس القبر بيديه، وبدأ الأبيات بـ"أَجارَتَنا" وحسب الرواية فإن قبر هذه الفتاة كان بجوار قبر امرؤ القيس، وقد توفي بعد قوله لهذه الأبيات بيوم واحد لا أحد يعلم إذا كان امرؤ القيس قد شعر باقتراب أجله فقال هذه الأبيات أم أن هذه معلومات غير دقيقة.
التعريف بامرئ القيس
لم يعش امرؤ القيس عمراً طويلاً إلا أن ما تركه من ميراث عظيم في أشعار اللغة العربية جعله يعيش عمراً طويلاً من بعده حتى يومنا هذا، ويعود سبب شهرة أشعاره وشهرته شخصياً الواسعة بسبب أنه طاف أرجاء ديار العرب حتى وصل إلى القسطنطينية .
وكان امرؤ القيس قبل موته فارساً شجاعاً؛ فقد نصر واستنصر وأخذ بثار أبيه من بني أسد بعد أن طاف أرجاء البلاد العربية يستنجد بهم ويطلب منهم أن يقفو في صفه ويقاتلو معه، ولكن ذلك لم يجدي نفعا فذهب إلى القسطنطينية إلى ملك الروم .
وعندما دخل عليه طلب منه النجدة وأن يساعده في أخذ ثأر والده من بني أسد فاستجاب له ملك الروم وساعده، وبالفعل استطاع امرؤ القيس الثأر لمقتل والده إذ إنه قتل عددًا كبيرًا من بني أسد، وقال امرؤ القيس عند سماعه خبر وفاة والده: "ضيعني صغيراً، وحملني دمه كبيراً، اليوم خمر وغداً أمر".
وبعد أن قدم ملك الروم المساعدة له اكتشف أن امرؤ القيس قد أغوى إحدى الأميرات ووقعت بحبه، فوضع ملك الروم خطة محكمةً لينتقم منه، وتمثلت في أن بعث مع أحد غلمانه عباءة كهدية إلى امرؤ القيس فلبسها امرؤ القيس عندما خرج من البلاد، وكانت تلك العباءة مسمومة وعندما ارتداها امرؤ القيس مرض مرضاً شديداً وأحس بموته وجرى السم في كافة أرجاء جسده.
حياة امرئ القيس
عندما يذكر اسم امرؤ القيس يأتي في عقل الإنسان أفضل أشعار اللغة العربية المرتبطة ب العصر الجاهلي فهو امرؤ القيس بن حجر بن الحارث الكندي، أشعر الناس ورأس شعراء العرب وأبرزهم، وقد عرف امرؤ القيس بالكثير من الألقاب منها: الملك الضليل وذو القروح وسمي بهذا اللقب لاعتقاد أنه قد مات بمرض جلدي أصاب جسده وجعله مليئًا بالقروح.
عرف امرؤ القيس بشعره الفاحش الذي سلك فيه مسلكًا مخالفًا لعادات العرب وتقاليدهم، مما أدى إلى أن طرده أبوه ولكن ذلك لم يجد نفعًا فجاب أرجاء العرب مع الصعاليك بشرب الخمر وكتابة أبيات الشعر الفاحش عن النساء و الهجاء ، ولا شك أيضًا أنه تكلم عن الفروسية والشجاعة والمدح وغيرها.
أما عن المرحلة الفاصلة في حياته فهي عند وفاة والده فلقد أقسم بأخذ ثأره من بني أسد وطاف أرجاء البلاد العربية كي يجد من يساعده على ذلك.
شعر امرئ القيس
امتاز امرؤ القيس بأنه أول من أدخل الأطلال إلى الشعر، وأن شعره كان امتلأ بابتداع المعاني والتعبير عنها، وكان شعره مرآة لحياته وللأحداث التي حصلت معه من قصة حبه لابنة عمه ووفاة والده وثأره له، وشعره عن الغزل بالنساء وشرب الخمر الذي اشتهر به، أما عن أشهر معلقاته فقد كان مطلعها:
قفا نبك على ذكرى حبيب ومنزل
- بسقف اللوى بين الدخول فحومل.
وكان قد كتب هذه المعلقة في أيام لهوه وشبابه، ووجهها لابنة عمه التي وقع بحبها، ومن الجدير بالذكر أنه نظمها على البحر الطويل وكانت مكونةً من واحد وثمانين بيتًا.