قصص من السلف في صلة الرحم
قصص صلة السلف للأرحام
كان السلف -رحمهم الله- من المحافظين على صلة الرَّحِم والمداومين على البرِّ والإحسان والرحمة، وفيما يأتي نماذج من صِلة الرَّحِم، تتمثّل بقصةٍ لأبي بكر الصدّيق -رضي الله عنه- وصحابي آخر لم تذكر الكتب اسمه ولكنّها ذكرت فعله وإحسانه.
قصة صلة أبي بكر الصديق لرحمه
خلّد القرآن الكريم قِصة صِلة أبي بكر الصديق -رضي الله عنه- لرَحِمهِ، وذلك في قوله -تعالى-: (وَلَا يَأْتَلِ أُولُو الْفَضْلِ مِنكُمْ وَالسَّعَةِ أَن يُؤْتُوا أُولِي الْقُرْبَى وَالْمَسَاكِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ فِي سَبِيلِ اللهِ ۖ وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا ۗ أَلَا تُحِبُّونَ أَن يَغْفِرَ اللهُ لَكُمْ ۗ وَاللهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ)، فقد كان لأبي بكرٍ ابن خالة يُدعى مِسْطح بن أُثاثة، وقد كان مِسِطَح أحد فقراء المهاجرين المساكين الذين يُنفق عليهم أبو بكر، وكان من الصحابة الذين شهدوا بدرًا.
ولكنّه -رضي الله عنه- قد تكلّم في حادثة الإفك، وخاضَ في الحديث حول براءة السيّدة عائشة، وكان لهذا أثرًا بالغًا في نفس أبي بكر. فلما نزلت براءة السيّدة عائشة -رضي الله عنها وأرضاها- وأصبحت هذه البراءة قرآنًا يُتلى إلى قيام الساعة، حَلَفَ أبو بكر ألّا يُنفق على مِسطح؛ وهذا لغضبه منه للأذية التي ألْحقها مِسطح بأبي بكر وبابنته.
فجاء مسطح واعتذر إلى أبي بكر، ونزلت الآيات التي تُرغّب بالصفح والعفو والبذل لأولي القربى والمساكين، فهذا هو سبيل حصول المغفرة من الله -تعالى-، فقال أبو بكر -رضي الله عنه-: (والله إنّي لأحب أن يغفر الله لي)، وأعاد إلى مسطح النفقة التي كان يُنفقها عليه وقال أنّه لن ينزعها منه أبدًا.
قصة الصحابي الذي يقطعه أهله رغم صلته لهم
عن أبي هريرة -رضي الله عنه-: (أنَّ رَجُلًا قالَ: يا رَسُولَ اللهِ، إنَّ لي قَرَابَةً أَصِلُهُمْ وَيَقْطَعُونِي، وَأُحْسِنُ إليهِم وَيُسِيؤُونَ إلَيَّ، وَأَحْلُمُ عنْهمْ وَيَجْهَلُونَ عَلَيَّ، فَقالَ: لَئِنْ كُنْتَ كما قُلْتَ، فَكَأنَّما تُسِفُّهُمُ المَلَّ وَلَا يَزَالُ معكَ مِنَ اللهِ ظَهِيرٌ عليهم ما دُمْتَ علَى ذلكَ)، فهذا الصحابي الكريم وصف لرسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- حاله مع أرحامه وأقاربه، فهو يَصلهم بِبِّرهم والإحسان إليهم.
ولكنّ أقاربه يقابلون هذا بالقطيعة والجور والجفاء ، فيقابل هذا الجفاء بالحِلم والعفو والتحمّل، وهم مستمرّون في معاملتهم السيئة، فأخبره رسول الله بأجره وفضله عليهم، وأنّ ما هو عليه من الصِّلة هو ما يجب على المسلم أن يَعمله ويتمثَّلُه، وأنّ الله معه ومؤيّد له، أمّا الأقارب القاطعين فإنّ قطيعتهم هذه ستكون وبالًا عليهم وحسرة وندامة.
صور من صلة الرحم
إنّ صور وأنواع صِلة الرَّحم كثيرة ومتعدِّدة، ومنها ما يأتي:
- زيارتهم في البيوت وتفقّد أحوالهم، فقد كان رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- يزور أرحامه.
- الاطمئنان عليهم من خلال المكالمات الهاتفية والرسائل النّصيّة.
- عيادة المريض منهم.
- تعهُّدهم بالنفقة والكِسوة والبشاشة في وجوههم.
- الدعاء لهم في حياتهم وبعد مماتهم، ولا سيّما الوالدين فهذا نوع من أنواع البرّ.
- تقديم الهدايا والتودّد لهم، وإعانتهم على قضاء حوائجهم.
- النَّصيحة لهم والعدل والإنصاف معهم، والتغافل عن زلّاتهم.
- التصدّق عليهم وبذل المال لهم إن كانوا محتاجين.
خلاصة المقال: كان الصحابة -رضوان الله عليهم- يحرصون على صلة أرحامهم، وجاء في ذلك العديد من القصص، منها قصة أبي بكر مع ابن خالته، حيث بقي يُحسن إليه بالنفقة على الرغم من إيذائه له ولابنته الطاهرة عائشة -رضي الله عنها- في حادثة الإفك.
وصحابيّ آخر كان يُحسن لرحمه رغم قطيعتهم إياه، فبيّن له النبيّ أنّ ذلك هو الأصل، وأنّ له عظيم الأجر، ومن صور صلة الرحم: زيارتهم، والاطمئنان عليهم، وتقديم النفع والهدية لهم، وعيادة مريضهم، والإنفاق على المحتاج منهم.