قصص عن تحمل المسؤولية في الإسلام
قصص عن تحمل المسؤولية في الإسلام
حرص الإسلام على إعلاء قيمة المسؤولية ؛ فكل إنسان مسؤول بقدر استطاعته ونطاق تحمّله المهام الموكلة إليه، وقد خاطب الإسلام بهذه المسؤولية كل فرد وأسرة ومجتمع وأمة، وجعل القيام على حقها سبيلًا لكل تقدُّم ورقيّ، وسببًا لحياة سعيدة وآخرة طيبة ورغيدة.
وقد وضح الرسول -صلى الله عليه وسلم- ذلك فعن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما-، أنَّ النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (كُلُّكُمْ رَاعٍ ومسؤول عَنْ رَعِيَّتِهِ، فَالإِمَامُ رَاعٍ ومسؤول عَنْ رَعِيَّتِهِ، وَالرَّجُلُ فِي أَهْلِهِ رَاعٍ وَهُوَ مسؤول عَنْ رَعِيَّتِهِ، وَالمَرْأَةُ فِي بَيْتِ زَوْجِهَا رَاعِيَةٌ وَهِيَ مسؤولة عَنْ رَعِيَّتِهَا، وَالخَادِمُ فِي مَالِ سَيِّدِهِ رَاعٍ وَهُوَ مسؤول عَنْ رَعِيَّتِهِ).
ولقد جاءت العديد من قصص الصحابة التي تدلُّ على تحمّل المسؤولية وتبّين كيفيتها، وبيانها ما يأتي:
- السيدة خديجة -رضي الله عنها-
إنَّ السيدة خديجة -رضي الله عنها- من الأوائل الذين تحمّلوا المسؤولية مع رسول الله -صلى الله عليه وسلّم-، فآمنت به عندما كفر به الناس وصدَّقتهُ عندما كذّبه الناس وواستهُ بمالها عندما حرمهُ الناس، فقد تقاسمت مع الرسول -صلى الله عليه وسلم- المسؤولية وكانت معه جنبًا إلى جنب وضحّت بكل ما تملك في سبيل هذه الدعوة.
- أسامة بن زيد -رضي الله عنه-
التعود والتنشئة على تحمل المسؤولية وتعظيم مكانتها في نفس المسلم منذ الصغر، فهذا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يربي أسامة بن زيد على يديه، ثم في سن السابعة عشرة يُكلفه النبي -صلى الله عليه وسلم- قيادة جيش فيه أبو بكر وعمر -رضي الله عنهم-.
وعندما انتقل النبي -صلى الله عليه وسلم- إلى جوارِ ربّه، أنفذ أبو بكر -رضي الله عنه- بعثة أسامة فتحمل المسؤولية ومضى في مهمته وعاد منها محققًا الغاية التي من أجلها أُرسل الجيش؛ والعجب هو ما كان يقوله الصحابة عن بعث أسامة: "ما رأينا أسلم من بعث أسامة"؛ ذلك أنَّ الله -تعالى- قد حفظ أفراد الجيش حتى رجعوا سالمين.
- عمر بن الخطاب -رضي الله عنه-
أمير المؤمنين يقوم بكل شيءٍ بنفسه؛ ففي يومٍ شديد الحر كان سيدنا عمر بن الخطاب في عباءته يُحاول إدراك بعيرٍ من أهل الصدقة قد شرد، فلقي الأحنف فأمره أن يُعينه على ذاك البعير، فقال له الأحنف: هلّا أمرت عبدًا من عبيدِ الصدقة يكفيك هذا، فردَّ عليه عمر: ثكلتك أمُّكَ وأي عبدٍ أعبد مني ومن الأحنف.
وفي ليلةٍ من الليالي وأمير المؤمنين عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- يتفقد الرعيّة فسمع طفلًا يبكي فقال لأمه أرضعيه فلم يسكت الطفل، فكرر عليها ذلك، فقالت فطمته حتى ننال الصدقة من بيت مال المسلمين، فذهب وأحضر كيسًا كبيرًا من الدقيق وحملهُ على ظهره، وفي اليوم التالي سنَّ قانونًا يُنفق فيه على الفطيم والرضيع من بيت مال المسلمين.
جوانب المسؤولية في الإسلام
إنَّ للمسؤولية جوانب متعددة والجمع بين هذه الجوانب فيه أجرٌ وخير عظيم، ومنها ما يأتي:
- المسؤولية تجاه الله -سبحانه وتعالى- بعبادته ولزوم طاعته.
- المسؤولية تجاه النبي -عليه الصلاة والسلام- بالاقتداء به والالتزام بسنّته.
- المسؤولية تجاه القرآن الكريم بتلاوته وحفظه وتدبّره وتعليمه للناس.
- المسؤولية تجاه دين الإسلام بنشره والدفاع عنه.
- المسؤولية تجاه النفس بتهذيبها وتربيتها على الأعمال الصالحة .
- المسؤولية تجاه الوالدين ببرّهما والإحسان إليها.
- المسؤولية تجاه الأولاد بتوفير الحاجيات الأساسية لهم والحرص على تنشئتهم تنشئةً صالحة.
- المسؤولية تجاه الأقارب بصلتهم والإحسان إليهم ومساعدتهم.
- المسؤولية تجاه اليتامى بعونهم والأفضل كفالة أحدهم.
- المسؤولية تجاه المساكين بإغاثتهم وإمدادهم بالمال.
- المسؤولية تجاه الضعفاء وكبار السن بمدّ يد العون لهم والإحسان إليهم.
- المسؤولية تجاه المظلومين بنصرتهم والوقوف معهم.
- المسؤولية تجاه المرضى بزيارتهم والدعاء لهم.
أهمّية المسؤولية في الإسلام
أثبت الله -سبحانه وتعالى- في كتابه العزيز أنَّ هنالك مسؤولية تقع على عاتق الفرد حيث قال: (كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ)، وهذا دليلٌ على أهمّية المسؤولية وعظيم شأنها وانعكاسها على الفرد والمجتمع في الدنيا والآخرة.
وأكد الرسول -صلى الله عليه وسلم- ذلك في حديث المسؤولية السابق ذكره، وفي قوله: (لا تزول قدما عبدٍ حتى يُسألَ عن عمُرهِ فيما أفناهُ، وعن علمِه فيما فعل، وعن مالِه من أين اكتسَبه وفيما أنفقَه، وعن جسمِه فيما أبلاهُ).