قصة موسى عليه السلام مختصرة للأطفال
ولادة سيدنا موسى عليه السلام
وُلد سيدنا موسى -عليه السلام- في بيئةٍ كان يحكمها حاكمٌ ظالمٌ وهو فرعون، فكان فرعون يظلم فئةً معينةً من النَّاس وهم بنو إسرائيل؛ وهي العائلة الكبيرة التي ينتمي لها سيدنا موسى -عليه السلام-، وكان فرعون قد أصدر قراراً قبل ولادة سيدنا موسى -عليه السلام-، وهو قتل ما يولد لبني إسرائيل من الذكور، فعندما حملت أمُّ موسى أخفت حملها خوفاً من ظلم فرعون.
وعندما ولدت سيدنا موسى -عليه السلام- خافت عليه، فألهما الله -تعالى- أن تضعه في صندوقٍ خشبيٍّ حتى لا يراه جنود فرعون، وألهما أن ترمي به في البحر، وهنا كانت حكمة الله وعنايته تحيط بهذا الصندوق الصغير، فيذهب بعيداً في البحر إلى جوار قصر فرعون.
قال الله -تعالى-: (وَأَوْحَيْنَا إِلَى أُمِّ مُوسَى أَنْ أَرْضِعِيهِ فَإِذَا خِفْتِ عَلَيْهِ فَأَلْقِيهِ فِي الْيَمِّ وَلَا تَخَافِي وَلَا تَحْزَنِي)، وعندما رأته آسية امرأة فرعون أحبته وطلبت من فرعون أن يتركه لها، فتربَّى موسى -عليه السلام- في قصر فرعون الذي أمر بقتله فيما بعد.
قتل موسى للرجل في مصر
ذات يومٍ رأى موسى -عليه السلام- رجلين يتشاجران، أحدهما من بني إسرائيل والآخر من قوم فرعون، وكان هذا الفرعوني يريد أن يجبر الرجل من بني إسرائيل على العمل عنده دون أجرٍ، فتدخَّل موسى -عليه السلام- نصرةً للمظلوم فضرب الفرعوني فمات من لحظتها.
قال الله تعالى: (وَدَخَلَ الْمَدِينَةَ عَلَى حِينِ غَفْلَةٍ مِّنْ أَهْلِهَا فَوَجَدَ فِيهَا رَجُلَيْنِ يَقْتَتِلَانِ هَـذَا مِن شِيعَتِهِ وَهَـذَا مِنْ عَدُوِّهِ فَاسْتَغَاثَهُ الَّذِي مِن شِيعَتِهِ عَلَى الَّذِي مِنْ عَدُوِّهِ فَوَكَزَهُ مُوسَى فَقَضَى عَلَيْهِ قَالَ هَـذَا مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ عَدُوٌّ مُّضِلٌّ مُّبِينٌ).
ندم موسى -عليه السلام- واستغفر الله وعاهد الله أنه لن يستخدم قوَّته إلَّا بالحقِّ، وفي اليوم التالي خرج موسى خائفاً من أن يعلم فرعون بما حصل، فوجد الرجل السابق من بني إسرائيل يتشاجر مع رجلٍ آخر من قوم فرعون.
غضب موسى -عليه السلام- وقال للرَّجل من بني إسرائيل: إنك إنسانٌ كثير الشرِّ، فقال له الرجل من بني إسرائيل: يا موسى اقتله كما قتلت الرجل من قوم فرعون أمس، وهنا عرف الرَّجل من قوم فرعون أنَّ موسى قتل رجلاً من قوم فرعون وذهب إلى فرعون ليخبره.
ذهاب موسى عليه السلام إلى مدين
لمَّا علم فرعون بما فعل موسى -عليه السلام- أراد فرعون قتله، فخرج موسى -عليه السلام- إلى مدين طالباً من الله الهداية، وهناك وصل إلى بئرٍ عليه جماعةٌ كبيرةٌ من النَّاس يسقون مواشيهم، ووجد امرأتين فساعدهما موسى -عليه السلام- في سقي ماشيتهما.
وبعد وقت جاءت إحداهما بخجلٍ وحياءٍ تخبره أنَّ أباها يريد أن يجزيه مقابل هذه المساعدة، فلمَّا جاءه موسى أخبره بحكايته فطمأنه وقال له بأنَّ الله نجاه من القوم الظالمين، قال الله -تعالى-: (فَجَاءَتْهُ إِحْدَاهُمَا تَمْشِي عَلَى اسْتِحْيَاءٍ قَالَتْ إِنَّ أَبِي يَدْعُوكَ لِيَجْزِيَكَ أَجْرَ مَا سَقَيْتَ لَنَا فَلَمَّا جَاءَهُ وَقَصَّ عَلَيْهِ الْقَصَصَ قَالَ لَا تَخَفْ نَجَوْتَ مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ).
اقترحت إحدى الفتاتين على أبيها أن يستأجر موسى عنده لِما ظهر منه من صفات القوَّة والأمانة، فعرض أبوها على موسى الزَّواج بإحدى ابنتيه مقابل أن يعمل عنده في رعي غنمه ثماني سنواتٍ، فإن أتمها عشر سنوات فهذا تمامٌ من موسى -عليه السلام-، فتعاهدا على ذلك وتمَّ الاتِّفاق، قال -تعالى-: (قَالَ ذَلِكَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ أَيَّمَا الْأَجَلَيْنِ قَضَيْتُ فَلَا عُدْوَانَ عَلَيَّ وَاللَّـهُ عَلَى مَا نَقُولُ وَكِيلٌ).
رؤية موسى لنّار في طريق عودته إلى مصر
عندما أتمَّ موسى -عليه السلام- المدَّة المتَّفق عليها استأذن وأخذ أهله معه متجهاً إلى مصر ليرى أقاربه، وفي الطريق رأى ناراً عظيمةً جانب جبل الطور، وقال لأهله: ابقوا مكانكم سأذهب إلى تلك النَّار لعلي آتيكم بخبرٍ يفيدنا أو آتيكم بقطعة من جمر تستدفون بها من البرد.
وعندما وصل موسى -عليه السلام- إلى النَّار سمع نداءًا من الجانب الأيمن: (أَن يَا مُوسَى إِنِّي أَنَا اللَّـهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ)، وسمع نداءاً يقول له أن يرمي بعصاه، فلمَّا رماها تحولت إلى ثعبانٍ، فخاف موسى -عليه السلام- وهرب دون أن يفكر بالرُّجوع، فسمع النداء: (يَا مُوسَى أَقْبِلْ وَلَا تَخَفْ إِنَّكَ مِنَ الْآمِنِينَ).
ثمَّ أمره الله -تعالى- أن يُدخل يده في جيبه فإن فعل تخرج بيضاء من غير سوءٍ، قال له إن خفت من تحوُّل العصا إلى ثعبان فاضمم يدك إلى صدرك ليذهب الخوف وتحلَّ الطمأنينة، وأخبره الله -تعالى- بأنَّ هاتين المعجزتين -اليد والعصا- حجَّتان واضحتان من الله، حتى يذهب بهما إلى فرعون وقومه ليبلّغهما رسالة توحيد الله وعبادته.
دعوة موسى لفرعون
وصل موسى -عليه السلام- مصر والتقى بأمِّه وأخيه هارون، وبلَّغه رسالة ربِّه وأمره بالذَّهاب معه، وذهبا إلى فرعون، ودعا موسى فرعون إلى توحيد الله -تعالى-، وأخبره أنَّه رسولٌ من ربِّ العالمين، وأراه المعجزتين الدالّتين على أنَّه مرسلٌ من الله -تعالى- وهما اليد والعصا.
فإذا بفرعون يخاف ويرجع إلى الخلف، لكنَّه مع ذلك لم يُقِرَّ برسالة موسى -عليه السلام- بل واتّهمه بالسحر، قال الله -تعالى-: (فَلَمَّا جَاءَهُم مُّوسَى بِآيَاتِنَا بَيِّنَاتٍ قَالُوا مَا هَـذَا إِلَّا سِحْرٌ مُّفْتَرًى وَمَا سَمِعْنَا بِهَـذَا فِي آبَائِنَا الْأَوَّلِينَ).
انشقاق البحر إلى نصفين ونجاة بني إسرائيل
هرب موسى ومن معه من بني إسرائيل خوفاً من فرعون أن يقتلهم، ووصلوا إلى البحر، وخرج فرعون وجنوده خلفهم، فتيقَّن بنو إسرائيل أنَّ فرعون سيدركهم، فقال موسى -عليه السلام-: (كَلَّا إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ)، فأوحى الله إلى موسى -عليه السلام- أن يلقي بعصاه في البحر.
فألقاها فتجمّع ماء البحرعلى طرفين كلُّ واحدٍ منهما كأنَّه جبلٌ، والطريق بينهما يابسٌ، فخرج موسى ومن معه ونجَّاهم الله -تعالى-، ولحق فرعون وجنوده بموسى وقومه ومشوا في هذا الطريق، فأغرقهم الله -تعالى-، قال الله -تعالى-: (وَأَنجَيْنَا مُوسَى وَمَن مَّعَهُ أَجْمَعِينَ* ثُمَّ أَغْرَقْنَا الْآخَرِينَ).
ذهاب موسى عليه السلام للقاء ربه
واعد الله -تعالى- سيدنا موسى بموعدٍ ليلقاه، وكان اليوم المحدد للقاء بعد أربعين يوماً، وعندما جاء هذا اليوم الموعود كلَّمه الله -تعالى- من وراء حجاب ، وهذا مقامٌ رفيعٌ خصَّه الله -تعالى- بسيدنا موسى -عليه السلام-، ولكنَّ موسى -عليه السلام- سأل الله -تعالى- أن يسمح له بالنظر إليه، فأخبره الله أن ينظر إلى الجبل، وهو أعظم خلقاً من موسى، فإن بقي ثابتا مكانه فسوف تراني.
فلمَّا تجلَّى الله للجبل تحطّم وأصبح تراباً، فوقع موسى -عليه السلام- مغشياً عليه من هول ما رأى، فلمَّا أفاق قال: سبحانك؛ تنزيها وتعظيما لله -تعالى-، وقال: تبت إليك ولا أسألك الرؤية مرَّةً أخرى، قال الله -تعالى: (فَلَمّا تَجَلّى رَبُّهُ لِلجَبَلِ جَعَلَهُ دَكًّا وَخَرَّ موسى صَعِقًا فَلَمّا أَفاقَ قالَ سُبحانَكَ تُبتُ إِلَيكَ وَأَنا أَوَّلُ المُؤمِنينَ).
قصة عجل السامري
عندما كان موسى -عليه السلام- خارجاً للقاء ربِّه أخبره الله -تعالى- أنَّ السامريَّ قد أضلَّ قومه من بعده وجعلهم يعبدون العجل من دون الله -تعالى-، فرجع موسى -عليه السلام- إلى قومه غضبان غضباً شديداً، والسامريُّ رجلٌ من بني إسرائيل أعطاه الله القدرة على صناعة التماثيل.
وقد صنع عِجلا -وهو صغير البقر- من الذهب والمجوهرات، وأخبر القوم أنَّ هذا هو إلهكم، فأُعجب بنو إسرائيل به وعبدوه، قال -تعالى-: (وَاتَّخَذَ قَومُ موسى مِن بَعدِهِ مِن حُلِيِّهِم عِجلًا جَسَدًا لَهُ خُوارٌ أَلَم يَرَوا أَنَّهُ لا يُكَلِّمُهُم وَلا يَهديهِم سَبيلًا اتَّخَذوهُ وَكانوا ظالِمينَ)
طلب موسى من قومه ذبح بقرة
أخبر موسى -عليه السلام- قومه من بني إسرائيل أنَّ الله يأمرهم أن يذبحوا بقرةً، وهي مهمَّةٌ سهلةٌ، لكنَّهم شدَّدوا على أنفسهم وطلبوا أن يوضّح صفاتها، فأخبرهم أنَّها بنوع كذا وسنِّ كذا، ثمَّ سألوه عن لونها، فأخبرهم أنَّها صفراء، فشدَّدوا على أنفسهم وطلبوا التوضيح بصفاتٍ أخرى.
فأخبرهم أنَّها بقرةٌ غير مذلّلة للعمل والحرث والسقي، وهي سالمةٌ من العيوب، فقتلوا البقرة بعد عناءٍ وثقلٍ، وتدلُّ القصَّة كيف أنَّ مجادلة بني إسرائيل قد أثقلت عليهم المهمَّة وكان بإمكانهم أن يسمعوا أمر الله من البداية ويقتلوا أيَّ بقرةٍ، قال -تعالى-: (فَذَبَحُوهَا وَمَا كَادُوا يَفْعَلُونَ).
قصة موسى و الرجل الصالح
طلب موسى -عليه السلام- من الرَّجل الصَّالح أن يعلِّمه ممَّا علَّمه الله، فاشترط الرَّجل الصَّالح عليه أن لا يسأله عن شيءٍ حتى يخبره هو عنه بنفسه، وكان موسى -عليه السلام - متخلقاً بآداب العلم، فانطلقا في سيرهما فأنكر موسى على الرَّجل الصَّالح ما فعله من قتله لولدٍ صغيرٍ، فذكَّره الرَّجل الصٌَالح بالاتِّفاق فاعتذر وسكت وأكملا سيرهما.
وركبا في السَّفينة، ثمَّ أنكر موسى عليه إحداثه ثقباً في السَّفينة، فذكَّره الرَّجل الصَّالح بالاتِّفاق، فاعتذر وعاهده أن لا يسأله مرَّةً أخرى، وأكملا سيرهما فدخلا قريةً وطلبوا منهم الطَّعام فلم يضيِّفهم أحدٌ، ثمَّ أنكر موسى على الرَّجل الصَّالح كيف أصلح جداراً دون مقابلٍ، وهنا قال الرَّجل الصَّالح: انتهت رحلتنا وسأخبرك بما لم تفهمه.
أمَّا الغلام فأبواه مؤمنين فخشيت عليهم من هذا الولد وطغيانه، فالله سيعوضهم بخيرٍ منه، وأمَّا السفينة فإنَّ هناك ملكاً يأخذ كلَّ سفينةٍ صالحةٍ رغماً عن أصحابها، فثقبتها ليكون فيها عيبٌ فلا يأخذها وتبقى لأصحابها، وأمَّا الجدار فإنَّ تحته كنزٌ لولدين يتيمين فأصلحته حتى يكبرا ويقويا ويأخذا كنزهما، قال الله -تعالى- على لسان الرجل الصّالح: (وَما فَعَلتُهُ عَن أَمري ذلِكَ تَأويلُ ما لَم تَسطِع عَلَيهِ صَبرًا).
قصة وفاة موسى عليه السلام
وردت قصة وفاة موسى -عليه السلام- في صحيح البخاري، وذلك أنَّ الله أرسل ملك الموت إليه، فضرَبَه موسى على وجْهِه، فَفُقِئَتْ عيْنُه، فرجع ملك الموت إلى الله -تعالى- فَقَالَ: (أرْسَلْتَنِي إلى عَبْدٍ لا يُرِيدُ المَوْتَ، فَرَدَّ اللَّهُ عليه عَيْنَهُ وقَالَ: ارْجِعْ، فَقُلْ له: يَضَعُ يَدَهُ علَى مَتْنِ ثَوْرٍ فَلَهُ بكُلِّ ما غَطَّتْ به يَدُهُ بكُلِّ شَعْرَةٍ سَنَةٌ، قَالَ: أيْ رَبِّ، ثُمَّ مَاذَا؟ قَالَ: ثُمَّ المَوْتُ، قَالَ: فَالْآنَ، فَسَأَلَ اللَّهَ أنْ يُدْنِيَهُ مِنَ الأرْضِ المُقَدَّسَةِ رَمْيَةً بحَجَرٍ، قَالَ: قَالَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: فلوْ كُنْتُ ثَمَّ لَأَرَيْتُكُمْ قَبْرَهُ، إلى جَانِبِ الطَّرِيقِ، عِنْدَ الكَثِيبِ الأحْمَرِ).