قصة معلقة عمرو بن كلثوم
سبب نظم معلقة عمرو بن كلثوم
قيل عن سبب نظمها إنه ثمّ أكثر من سبب، حيث إن سببها كما ورد في كتاب الأغاني أنها قيلت بسبب حادثة أمه، أما في كتاب خزنة الأدب، فقيل إنه قالها في حضرة عمرو بن هند، والأكثر دقة هو أنه قالها في المقامين؛ حيث إن حادثة أمه كانت في حضرة عمرو بن هند.
قصة معلقة عمرو بن كلثوم
وردَ أنّ ملك الحيرة عمرو بن هند قال ذات يوم لندمائه: هل تعلمون أحدًا من العرب تأنف أمه من خدمة أمي؟ فقالوا: نعم، عمرو بن كلثوم. قال: ولم ذلك؟ قالوا: لأن أباها مهلهل بن ربيعة ، وعمها وائل أعز العرب، وبعلها كلثوم بن مالك أفرس العرب، وابنها عمرو بن كلثوم سيد من هو منه، فأرسل عمرو بن هند إلى عمرو بن كلثوم أن يزوره هو وأمه في الحيرة، فأجابه عمرو بن كلثوم مع نفر من وجهاء تغلب، واصطحب معه أمه.
وأمر عمرو بن هند أن يضرب له رواقًا بين الحيرة والفرات، وطلب من أمه أن تنحّي الخدم، وتستخدم ليلى والدة عمرو بن كلثوم، ثم أمر ابن هند بالطعام أن يوضع، فطلبت أم عمرو بن هند من ليلى والدة عمرو بن كلثوم أن تناولها طبقًا، وهي تريد من وراء ذلك أن تستخدمها، فأجابتها ليلى: فلتقم صاحبة الحاجة إلى حاجتها، فكررت عليها الطلب وألحت، فأدركت ليلى سوء ما حيك لها.
فصاحت ليلى: واذُلّاه يا لتغلب! فسمع عمرو بن كلثوم استغاثة أمه؛ فثار الدم في وجهه، ونظر إلى عمرو بن هند، فعرف الشر في وجهه، فتناول سيفًا موجودًا في الرواق، وقتل به عمرو بن هند، ونادى في بني تغلب، فانتهبوا جميع من في الرواق، وساقوا بنائب الإبل وصاروا نحو الجزيرة، وخلد بمعلقته هذه الحادثة، وخطب لها في سوق عكاظ ، وهي تنيف على مئة بيت، ويقال إنها كانت في نحو ألف بيت، إنّما بقي منها ما حفظه الرواة، وكان بنو تغلب يعظمّونها ويرويها صغارهم وكبارهم".
أبيات من معلقة عمرو بن كلثوم
أَلا هُبّي بِصَحنِكِ فاصبحينا
وَلا تُبقي خُمورَ الأَندَرينا
مُشَعشَعَةً كَأَنَّ الحُصَّ فيه
إِذا ما الماءُ خالَطَها سَخينا
تَجورُ بِذي اللُبانَةِ عَن هَواهُ
إِذا ما ذاقَها حَتّى يَلينا
تَرى اللَحِزَ الشَحيحَ إِذا أُمِرَّت
عَلَيهِ لِمالِهِ فيها مُهينا
صَبَنتِ الكَأسَ عَنّا أُمَّ عَمرٍو
وَكانَ الكَأَسُ مَجراها اليَمينا
وَما شَرُّ الثَلاثَةِ أُمَّ عَمرٍو
بِصاحِبِكِ الَّذي لا تَصبَحينا
وَكَأسٍ قَد شَرِبتُ بِبَعلَبَكٍّ
وَأُخرى في دِمَشقَ وَقاصِرينا
وَإِنّا سَوفَ تُدرِكُنا المَناي
مُقَدَّرَةً لَنا وَمُقَدَّرينا
قِفي قَبلَ التَفَرُّقِ يا ظَعين
نُخَبِّركِ اليَقينا وَتُخبِرينا
قِفي نَسأَلكِ هَل أَحدَثتِ صَرم
لِوَشكِ البَينِ أَم خُنتِ الأَمينا
بِيَومِ كَريهَةٍ ضَرباً وَطَعن
أَقَرَّ بِهِ مَواليكِ العُيونا
وَإنَّ غَداً وَإِنَّ اليَومَ رَهنٌ
وَبَعدَ غَدٍ بِما لا تَعلَمينا
تُريكَ إِذا دَخَلتَ عَلى خَلاءٍ
وَقَد أَمِنَت عُيونَ الكاشِحينا
ذِراعَي عَيطَلٍ أَدماءَ بِكرٍ
هِجانِ اللَونِ لَم تَقرَأ جَنينا
وَثَدياً مِثلَ حُقِّ العاجِ رَخص
حَصاناً مِن أَكُفِّ اللامِسينا
وَمَتنَي لَدنَةٍ سَمَقَت وَطالَت
رَوادِفُها تَنوءُ بِما وَلينا
وَمَأكَمَةً يَضيقُ البابُ عَنه
وَكَشحاً قَد جُنِنتُ بِهِ جُنونا
وَساريَتَي بَلَنطٍ أَو رُخامٍ
يَرِنُّ خُشاشُ حَليِهِما رَنينا
فَما وَجَدَت كَوَجدي أُمُّ سَقبٍ
أَضَلَّتهُ فَرَجَّعَتِ الحَنينا
وَلا شَمطاءُ لَم يَترُك شَقاه
لَها مِن تِسعَةٍ إَلّا جَنينا