قصة مدينة بومبي
تعريف بمدينة بومبي وقصتها
بومبي الإيطالية، هي مدينة رومانية قديمة في كامبانيا، جنوب شرق نابولي، إيطاليا ، والتي قد حصل فيها ثوران بركاني ضخم من جبل فيزوف في عام 79 م، مما أدى إلى تساقط الحطام البركاني فوق المدينة، تلاه في اليوم التالي ارتفاع سحب من الغازات الساخنة، إذ تم تدمير المباني، وسحق السكان أو خنقهم، ودُفنت المدينة تحت غطاءٍ من الرماد، لقرونٍ عديدة، فنامت مدينة بومبي تحت لوح الرماد، الذي حافظ على البقايا الأثرية فيها بشكل مثالي، وقد تم اكتشافها أخيرًا في القرن الثامن عشر وتحديدًا في عام 1748م، الأمر الذي أسفر عن اكتشاف مدينة يونانية رومانية متطورة، كما تضمنت المباني العامة الضخمة مدرجًا هائلًا، وقد تم الكشف عن المنازل ذات التصميمات المختلفة والفخمة والتي يعود تاريخها إلى القرن الرابع قبل الميلاد.
الحياة في مدينة بومبي
جعل المستوطنون اليونانيون المدينة جزءًا من المحيط الإغريقي في القرن الثامن قبل الميلاد، وقد كانت بلدة مستقلة، ولكن سقطت فيما بعد تحت تأثير روما في القرن الثاني قبل الميلاد، فأصبح ساحل كامبانيا وخليج نابولي نقطة جذب للأثرياء القادمين من روما، وبحلول مطلع القرن الأول الميلادي، كانت مدينة بومبي منتجعًا مزدهرًا لمواطني روما الأكثر تميزًا، وقد احتوت على منازل أنيقة وفيلات متقنة تصطف على جانبي الشوارع المعبدة، واحتوت أيضاً على أعدادٍ كبيرة من السياح وسكان المدن والعبيد داخل وخارج المصانع الصغيرة ومتاجر الحرفيين والحانات والمقاهي والحمامات، وقد كانت المدينة تزخر بعدد من السكان يقدّر ما بين 10,000 و 20,000 نسمة في وقت تدميرها.
وقد استوطن مدينة بومبي لأول مرة أحفاد سكان كامبانيا الناطقين بالأوسكان، وتشير الدلائل الأثرية إلى أن قرية أوسكان كانت تقع في مدينة بومبي، والتي سرعان ما تعرضت لتأثير المثقفين اليونانيين الذين استقروا عبر الخليج في القرن الثامن قبل الميلاد، وقد تم تحدي النفوذ اليوناني، ومع ذلك، عندما جاء الأتروسكان إلى كامبانيا في القرن السابع، ظل نفوذهم قوياً حتى دُمِّرت قوتهم البحرية من قبل الملك هيرون الأول من سيراكيوز في معركة بحرية قبالة كوماي في عام 474 قبل الميلاد.
تبع ذلك فترة ثانية من الهيمنة اليونانية، ومن ثم وفي نهاية القرن الخامس، غزا السامنيون المحاربون كامبانيا، وأصبح كل من مدينة بومبي وهيركولانيوم وستابيا مدنًا سامنية، وفي نهاية الحروب السامنية، أصبحت كامبانيا جزءًا من الاتحاد الروماني، وأصبحت المدن حلفاء لروما، وقد انضمت مدينة بومبي إلى الإيطاليين في تمردهم ضد روما في حربٍ جماعية، كما حصلت بومبي إلى جانب بقية إيطاليا جنوب نهر بو، على الجنسية الرومانية بعد انتهاء الحرب، وقد حلت اللغة اللاتينية محل الأوسكان كلغة رسمية للبلاد، وسرعان ما أصبحت المدينة مليئة بالحروف اللاتينية في شتى مجالاتها، في المؤسسات والعمارة والثقافة.
جبل فيزوف
يعد بركان فيزوف جزءًا من القوس البركاني الكامباني الذي يمتد على طول التقاء الصفائح التكتونية الأفريقية والأوروبية والآسيوية في شبه الجزيرة الإيطالية، وكان قد اندلع قبل ذلك منذ آلاف السنين، ومن جهة أخرى، كانت مدينة بومبي ومنطقة كامبانيا قد تعرضتا لزلزال هائل في عام 63 بعد الميلاد، أي قبل الكارثة بعدة سنوات، ولكن استمرّ الناس في القدوم إلى المدينة وإلى شواطئ خليج نابولي، وكانت بومبي تزداد ازدحامًا كل عام، وبعد ستة عشر عامًا من هذا الزلزال، في عام 79 م، اندلع جبل فيزوف مرة أخرى، حيث أرسل الانفجار عمودًا من الرماد والصخور الأخرى وغازات بركانية شديدة الحرارة في السماء.
إعادة اكتشاف مدينة بومبي
بقيت بومبي على حالها حتى عام 1748 م، عندما وصلت مجموعة من المستكشفين الباحثين عن القطع الأثرية القديمة إلى كامبانيا وبدأت بأعمال الحفر، وقد وجدوا أن الرماد كان بمثابة مادة حافظة رائعة، فقد كانت مدينة بومبي تحت كل هذا الغبار، تقريبًا كما كانت قبل 2000 عام، حيث كانت مبانيها سليمة، كما أدى هذا البركان إلى تجميد الهياكل العظمية في مكان سقوطها، وتناثرت الأشياء والأدوات المنزلية اليومية في الشوارع، حتى أن علماء الآثار قد كشفوا في وقت لاحق عن أوانٍ من الفاكهة المحفوظة وأرغفة الخبز، كما قال العديد من العلماء أن أعمال التنقيب في بومبي لعبت دورًا رئيسيًا في إحياء الكلاسيكية الجديدة في القرن الثامن عشر، وقد ساعدت رسومات مباني بومبي في تشكيل الاتجاهات المعمارية للعصر.