قصة صاحب الجنتين للأطفال
تفاخر صاحب الجنتين بنعم الله
قال -تعالى-:(وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلًا رَجُلَيْنِ جَعَلْنَا لِأَحَدِهِمَا جَنَّتَيْنِ مِنْ أَعْنَابٍ وَحَفَفْنَاهُمَا بِنَخْلٍ وَجَعَلْنَا بَيْنَهُمَا زَرْعًا* كِلْتَا الْجَنَّتَيْنِ آتَتْ أُكُلَهَا وَلَمْ تَظْلِمْ مِنْهُ شَيْئًا وَفَجَّرْنَا خِلَالَهُمَا نَهَرًا* وَكَانَ لَهُ ثَمَرٌ فَقَالَ لِصَاحِبِهِ وَهُوَ يُحَاوِرُهُ أَنَا أَكْثَرُ مِنْكَ مَالًا وَأَعَزُّ نَفَرًا* وَدَخَلَ جَنَّتَهُ وَهُوَ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ قَالَ مَا أَظُنُّ أَنْ تَبِيدَ هَذِهِ أَبَدًا* وَمَا أَظُنُّ السَّاعَةَ قَائِمَةً وَلَئِنْ رُدِدْتُ إِلَى رَبِّي لَأَجِدَنَّ خَيْرًا مِنْهَا مُنْقَلَبًا).
تدور أحداث القِصَّة بين رَجلين صديقين، أحدهما غنيٌّ مُتكبّر مُعتدٌّ بما لديه من نِعم، والآخر فقيرٌ، ويقال بأنّهما كانا أخويْن، قد ورثا عن أبويْهما مالًا، فتصرّف الفقير في ميراثه بالصّدقة على الفقراء، والآخر بنى بما لديه قصراً وبُستانين محاطين نخيل وأعناب.
وقد ورد في صفة البستانيْن إحاطتهما بالنّخيل، وغزارة ثمارها، بحيث لم ينقص شيء من ثمرها على مدار السنين، بالإضافة إلى ما لدى الغني من أموالٍ أخرى، فازداد تكبّر صاحب الجنتين، وفي إحدى حواراته مع صديقه الفقير المؤمن اغترّ بما لديه من نفرٍ ومالٍ وجاه، حتى دعى صديقه للدخول إلى بستانه ليتباهى به أمامه.
وحينما دخلا إلى الجنّة -البستان-، ظلم صاحب الجنّة نفسه بالغرور والتكبُّر، وقال لصديقه إنّ بستانه من المستحيل أنْ يصيبه الهلاك، ونسب جمال وإتقان البستنان لفضله هو لا لفضل الله -تعالى-، وفي هذا كُفر بنعمة الله -تعالى-، وازداد في تطاوله بأنَّ قال إنّه لا يظن أنَّ يوم القيامة سيأتي، وكان صاحب الجنتين يَعتدّ بماله وجاهه، لا بإيمانه وأعماله الصالحة، وأضاف قائلًا إنه في حال وجود يوم قيامة فسيُكافئ في الآخرة بجنَّةٍ أجمل وأفخم من جنته في الدنيا، وكأنّه قد نسي أن كُلّ ما لديه بفضل الله -تعالى-، الّذي يُحي ويُميت، ويُدخل الجنة والنار.
عتاب الرجل المؤمن لصاحب الجنتين
قال -تعالى-: (قَالَ لَهُ صَاحِبُهُ وَهُوَ يُحَاوِرُهُ أَكَفَرْتَ بِالَّذِي خَلَقَكَ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ سَوَّاكَ رَجُلًا* لَكِنَّا هُوَ اللَّهُ رَبِّي وَلَا أُشْرِكُ بِرَبِّي أَحَدًا* وَلَوْلَا إِذْ دَخَلْتَ جَنَّتَكَ قُلْتَ مَا شَاءَ اللَّهُ لَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ إِنْ تَرَنِ أَنَا أَقَلَّ مِنْكَ مَالًا وَوَلَدًا* فَعَسَى رَبِّي أَنْ يُؤْتِيَنِ خَيْرًا مِنْ جَنَّتِكَ وَيُرْسِلَ عَلَيْهَا حُسْبَانًا مِنَ السَّمَاءِ فَتُصْبِحَ صَعِيدًا زَلَقًا* أَوْ يُصْبِحَ مَاؤُهَا غَوْرًا فَلَنْ تَسْتَطِيعَ لَهُ طَلَبًا).
استنكر الصديق المؤمن غرور صاحب البُستانيْن وكفره بوجود يوم القيامة وبالله -تعالى- وهو الخالق المُنعم، والمدبّر والمانع، فكما أعطاه الجنّتيْن قادر على منعه إياهم، أمّا الصديق المؤمن فكان يقول عن نفسه بأنّه مؤمن بالله -تعالى- غير مشرك به، موبِّخاً لصديقه على استصغاره له لأنَّه فقيرُ وليس لديه بساتين وأموال، فالله -تعالى- قادرٌ على تبديل الأحوال، وأخبره أن ما لديه من بساتين من فضل الله لا بذكائه، وقد يعاقبه الله -تعالى- على غروره بتسليط العذاب عليها، فتُصبح خاوية، وأرضُاً يابسة، ويُذهب نهرها فلا يبقى لها وجود.
عقاب الله لصاحب الجنتين
قال -تعالى-: (وَأُحِيطَ بِثَمَرِهِ فَأَصْبَحَ يُقَلِّبُ كَفَّيْهِ عَلَى مَا أَنْفَقَ فِيهَا وَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا وَيَقُولُ يَا لَيْتَنِي لَمْ أُشْرِكْ بِرَبِّي أَحَدًا* وَلَمْ تَكُنْ لَهُ فِئَةٌ يَنْصُرُونَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَمَا كَانَ مُنْتَصِرًا* هُنَالِكَ الْوَلَايَةُ لِلَّهِ الْحَقِّ هُوَ خَيْرٌ ثَوَابًا وَخَيْرٌ عُقْبًا)، فبسبب كفر صاحب الجنتين، عُوقب بذهاب جنتيه، وكما وهبه الله -تعالى- هذه الجِنان من قبل وهو المُعطي والمانع، أرسل نارًا على بستانيْه، فأحرقت كُلّ ما فيهما من أسباب الخُضرة والجمال.
وأصبح صاحب الجنتين متحسراً على ما فاته، فلم تُبق له النار أيِّ زرع، وغار النهر في داخل الأرض بعد أن كان سائراً في وسط البستان، فأصبح يتحسّر على جنّتْه متندِّماً على كفره بالله -تعالى- وعلى اعتداده بما كان لديه من مال وجاه، ولم ينقذ هذه البساتين من العذاب أحد، فعلم بعد ذلك أنَّ المؤمن يجب أن يتمسك بالإيمان والعمل الصالح، لا بما لديه من نعم الله -تعالى-، وأن ينسب الفضل لله -تعالى- وليس لنفسه.
العبر المستفادة من قصة صاحب الجنتين
يُستفاد من قصَّة صاحب الجنّتيْن ما يأتي:
- بالشُّكر تدوم النعم، لذا يحرص المسلم على شكر الله -تعالى- على كل ما وهبه من نعم.
- أداء الأعمال الصالحة والالتزام بها، لأنّها سبب في زيادة النعم وبقائها.
- يدرك المسلم أنَّ العمل الصالح هو من يُنقذ المؤمن، لا ما لديه من المال والجاه.
- التكبُّر على الخلق سبب لزوال النعم، كما أنَّ التواضع والاعتراف بالفضل لله -تعالى- هو سبب دوام النعم.
خلاصة المقال: يُستفاد من قصة صاحب الجنتين أنَّ النعم تدوم بالشكر، وبالشكر تزداد النعم، وتزول باعتداد وافتخارالشخص بنفسه وبما لديه، وبنسبة الفضل إليه لا إلى الله -تعالى-، فالعاقبة لله وحده، فهو المعطي والمانع.