تفسير آية (فاستجبنا له ونجيناه من الغم..)
التفسير العام لآية (فاستجبنا له ونجيناه من الغم)
وردت الآية الكريمة في سورة الأنبياء ، وتحدثت عن نبي الله يونس -عليه السلام-؛ بسبب خروجه من عند قومه وهو غاضب منهم لعدم إيمانهم بدعوته، قال -تعالى-: (وَذَا النُّونِ إِذ ذَّهَبَ مُغَاضِبًا فَظَنَّ أَن لَّن نَّقْدِرَ عَلَيْهِ)، وقد خرج من غير أن يأخذ إذناً من الله -تعالى-، ثم توجه إلى البحر وهناك ركب مع مجموعة من الناس في قارب.
ثم حصلت قرعة بمن سيُرمى في البحر بسبب زيادة حمولة القارب ووقع الاختيار على يونس، فأمر الله -تعالى- الحوت أن يلتقمه، ولبث يونس في بطن الحوت ثم أصابه نوع من الهم والغم، فدعا الله -سبحانه وتعالى- وهو في بطن الحوت، ومن دعاء يونس -عليه السلام- قال -تعالى-: (فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَن لَّا إِلَهَ إِلَّا أَنتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنَ الظَّالِمِينَ).
وكان جُل دعائه أن ينجيه الله من ذلك، وكان يُكثر من الاستغفار و التسبيح ، فاستجاب الله -سبحانه وتعالى- له، ونجاه من بطن الحوت، وقد قيل إن الحوت قذف نبي الله يونس -عليه الصلاة والسلام- إلى الشاطئ؛ بسبب ما أصابه من الظلمة والوحشة والكرب في بطن الحوت.
وقال بعض المفسرين أيضاً إن الله -عز وجل- أجاب دعاءه ونداءه ونجاه من الغم الذي عاناه، ولم يكن همه فقط بسبب التقام الحوت له، بل كان همه بسبب ظنه أن الله -عز وجل- غضب عليه، وقد ألهمه الله هذا الدعاء والكلمات لكي ينجيه، ويخلصه من هذا الكرب والضيق الذي نزل به.
التفسير الخاص لآية (فاستجبنا له ونجيناه من الغم)
فاستجبنا له أي استجبنا دعاءه وقبلناه، ونجيناه أي أنقذناه من الغم؛ أي من الحبس في بطن الحوت والظلمات، وقيل ظلمة الذنب الخطيئة، وقد روي أن الله -تعالى- أوحى إلى الحوت ألا يكسر عظام نبي الله يونس -عليه السلام-، ولا يخدش جلده، وأن الله -سبحانه وتعالى- جعله محبوساً لحكمته.
وقد جعل بطن الحوت محبساً له، ولم يكن له فيه غذاء، وقد قيل إن نبي الله يونس -عليه الصلاة والسلام- أقام في بطن الحوت أربعين يوماً وقيل ثلاثة أيام، وقيل نهار واحد من شروق الشمس إلى غروبها، وقيل أربع ساعات.
الحكم المستفادة من آية (فاستجبنا له ونجيناه من الغم)
المسلم يحرص عندما يصيبه هم أو غم، أو تقع عليه مصيبة أن يدعو الله -تعالى- بدعاء يونس -عليه السلام-؛ فالله -تعالى- استجاب له وأنجاه من بطن الحوت، ونستنتج أن هذا الدعاء له أهمية عظيمة عند الله -عز وجل-، وأيضاً تذكرنا بفضل الله -سبحانه وتعالى- وكرمه على عباده باستجابة الدعاء.
وقد استجاب دعاء نبي الله يونس -عليه السلام- وحقق رغبته، وقبل توبته وتضرعه، و الدعاء والتضرع لله -عز وجل- هو سبب النجاة من الحزن الذي يحيط بالإنسان؛ لأن ا لغم هو أشد وأقوى أنواع الهم والحزن، والذي حدث مع نبي الله يونس -عليه الصلاة والسلام- حزن وغم، وإن إكثار المسلم من التسبيح والاستغفار من أسباب تفريج الهموم.